قدم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان، تقريره الى الجمعية العامة الذي حمل عنوان"في جو من الحرية أفسح صوب تحقيق التنمية والأمن وحقوق الانسان للجميع"، وسط ردود فعل متضاربة عكست صعوبة توافق آراء 191 دولة على التوصيات بالشمولية التي دعا اليها انان. واعتبر انان ان هناك"فرصة تاريخية في عام 2005"كي"نسلم ابناءنا تركة أنصع مما ورثه أي جيل سابق. ففي السنوات العشر المقبلة، يمكننا ان نخفض معدلات الفقر العالمية الى النصف، وان نوقف انتشار الأمراض الرئيسية المعروفة، ويمكننا ان نحد من انتشار العنف المسلح والارهاب. ويمكننا ان نضاعف من احترام الكرامة الانسانية في كل البقاع". ولم يبرز خلاف كبير على نواح عدة في التقرير مثل مكافحة الفقر والأمراض واصلاح الجمعية العامة. اما المواقف المتضاربة، ليس فقط بين الحكومات وانما ايضاً بين حكومات ومنظمات غير حكومية، فتعلقت بمواضيع الارهاب وحقوق الانسان. وبالنسبة الى عضوية مجلس الأمن، ارتأى الأمين العام عدم اعتماد اي من الاقتراحات التي تقدم بها الفريق رفيع المستوى المؤلف من 16 عضواً الذي تناول التهديدات والتحديات والتغيير. العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، مندوب الجزائر السفير عبدالله بعلي، قال ل"الحياة"تعليقاً على ما جاء في تقرير انان:"لقد ترك الأمر للدول لتختار النموذج الذي تريده، في ما يخص عضوية مجلس الأمن، وهذا موقف حكيم". ووصف بعلي، شأنه شأن سفراء آخرين، اقتراحات مكافحة الأمراض والفقر بأنها"جيدة"، وهو لا يوافق الذين يقولون ان توقيت التقرير متعمد لاستباق تقرير بول فولكر المكلف التحقيق في ادعاءات فساد الأممالمتحدة وابن أنان، كوجو، المتوقع آخر الشهر الجاري. وقال بعلي:"لقد كان مقرراً للأمين العام ان يتقدم بهذا التقرير في آذار مارس منذ زمن بعيد،"والتزامن مع تقرير فولكر ليس سوى صدفة". لكن السفير الجزائري له اكثر من مأخذ على التقرير ويقول انه يقترح انشاء مجلس لحقوق الانسان يضم الدول التي تحترم حقوق الانسان وهذا الطرح مثير للجدل والنقاشات وسيلاقي معارضة بعض الدول. والسبب هو: كيف يتم تعريف الدول التي تحترم حقوق الانسان؟ ما هي المعايير؟ ومن يحددها؟ منظمة"هيومان رايتس واتش"اصدرت بياناً وصفت فيه اقتراحات انان بأنها"شجاعة"وامتدحت بالذات دعوته الى انشاء"مجلس لحقوق الانسان"يحل مكان المفوضية القائمة. كذلك اشادت ب"الخطوات الجريئة"التي اتخذها في شأن الارهاب ومكافحته والتي"تشكل رفضاً لاولئك الذين يعتقدون ان قضاياهم تبرر مهاجمة المدنيين". حسب قول المدير التنفيذي للمنظمة كينيث روث. ويتناقض ذلك تماماً مع رأي عدد كبير من السفراء الذين يعكس السفير الجزائري مواقفهم بقوله ان"الامين العام، مرة اخرى، اختار ان يتناسى قضيتين اساسيتين في ما يخص تعريف الارهاب وهما: ارهاب الدولة... والتمييز بين الارهاب وحق الشعوب في مقاومة الاحتلال". وتابع بعلي ان"الامين العام يتجاهل ذلك، وهذا يسبب مشكلة لعدد من الدول خصوصاً العربية". اثناء مؤتمره الصحافي امس الاثنين أصر انان على التمسك بتعريفه للارهاب، وقال رداً على سؤال ل"الحياة"حول استياء دول من مواقفه ودعوة بعضها الى استقالته، انه لم يكن يدري بان هناك استياء ولم يسمع بدعوات الى استقالته. ايضاً، وعند رده على"الحياة"دافع انان عن موقف آخر اتخذه في تقريره حين شدد على مسؤولية كل حكومة في حماية مواطنيها، واذا فشلت، فان من حق الاسرة الدولية اعطاء صلاحية التدخل، حتى بالقوة حسب رأيه. لكنه رفض الاجابة عما اذا كان ذلك يعني انه نادم على موقفه ضد الحرب الاميركية في العراق.