تشهد أسعار المناقصات في قطاع النفط والغاز في الخليج صعوداً كبيراً، نتيجة كثرة المشاريع، ومحدودية المقاولين الأكفاء، وارتفاع أسعار مواد البناء. ويحذر المقاولون من أن الأوضاع ستسوء إذا لم يتحمل الزبائن بعضاً من المخاطر. فبحسب تقرير لأسبوعية "ميدل إيست إيكونوميك دايجست" "ميد" البريطانية الشهر الماضي، شعر مسؤولو الطاقة في أبو ظبي بالدهشة نهاية كانون الثاني يناير المنصرم حين فضوا العروض المتعلقة بمشروعين أساسيين لتطوير مشروعين للغاز. فمع توقع كثير منهم أن تكون العروض مرتفعة، فوجئوا بأن العروض الأدنى تجاوزت ضعف الموازنة المخصصة للمشروعين. وردت الشركتان المستدرجتان للعروض، "أدكو" و"غازكو"، بالطريقة المعهودة، اذ دعتا الشركات العارضة الى التقدم بعروض جديدة، لكن الاتجاه لم يتغير، "فالزبونتان يجب أن تدفعا أكثر بكثير من التكاليف المقدرة أصلاً"، بحسب ما ذكره احد المشاركين في المناقصة. وأوضحت "ميد" ان تجربة "أدكو" و"غازكو" بدأت تصبح أمراً معتاداً بالنسبة الى شركات الطاقة في الخليج. فالعروض على عقود الهندسة والشراء والبناء ترتفع بسرعة كبيرة. وفي تشرين الثاني نوفمبر الماضي، تلقّت شركة نفط الكويت عروضاً دنيا بقيمة 1.845 بليون دولار على مشروعين لاستبدال خطوط الأنابيب الحقلية، علماً أن موازنتها للمشروعين لم تكن تتجاوز 900 مليون دولار. وفي كانون الأول ديسمبر، اضطرت "قطر غاز 2" إلى زيادة الموازنة المخصصة لتطوير مشاريعها بعدما وصلت العروض إلى مستوى خمسة بلايين دولار. وأعادت "شركة تنمية نفط عمان" النظر في موازنة بقيمة 200 مليون دولار لتطوير حقل الكوثر بعدما فاقت العروض الموازنة ب30 في المئة. وفي المملكة العربية السعودية، يتوقع حصول الأمر نفسه لتطوير برنامج "الحاوية" لسوائل الغاز الطبيبعي الذي خُصِّصت له موازنة بقيمة 1.7 بليون دولار. وعزت "ميد" ارتفاع العروض إلى جملة أسباب، منها زيادة أسعار المواد في الخليج زيادة حادة خلال ال18 شهراً الماضية. فمع أن أسعار الإسمنت الجاهز والإسمنت العادي ارتفعت في شكل ملحوظ، شهدت أسعار أنابيب الصلب قفزة عالية جداً بواقع 65 في المئة منذ عام 2000. وبرز سبب آخر تمثل في تراجع الطلب على هذه المواد. فشركات الصلب اليابانية قلصت إنتاجها وأقفلت بعض المصانع. كذلك تأثر المقاولون بالهبوط الذي شهده سعر الدولار في الأشهر الأخيرة لقاء العملات الرئيسة في العالم، مثل اليورو والين. وذكرت الأسبوعية إن توسع السوق في دول "مجلس التعاون الخليجي" ثلاثة أضعاف منذ عام 2000 سبب آخر لاندفاع أسعار العروض صعوداً، فكل شركة منتجة رئيسية في الخليج تملك مشروعاً تطويرياً واحداً على الأقل تزيد كلفته على بليون دولار، فيما تتقدم قطر الدول الأخرى بمشروع غازي قيمته 11 بليون دولار، اضافة الى مشروع "اللولوة" رأس لافان 3 لتحويل الغاز الى سوائل بكلفة خمسة بلايين دولار. وأضافت "ميد" أن جذور المشكلة تعود إلى بداية السبعينات حين بدأ أصحاب المشاريع في الخليج يضعون مخاطر المشاريع على أكتاف المقاولين حصرياً، وتفاقمت المشكلة في أواخر التسعينات مع تراجع الفرص، وازدياد الخسائر، وانسحاب شركات المقاولة الأميركية من مشاريع المنطقة. وقالت إن المقاولين يرون أن السبيل الوحيد لحصول المشاريع على عروض تنافسية في سوق يفوق فيها العرض الطلب يتمثل في مشاركة أصحابها المقاولين في حمل المخاطر. وقالت إن المقاولين يطالبون الزبائن بتغيير طريقة تفكيرهم، وفيما يرى بعضهم أن قصر إدارة الهندسة والشراء والبناء عليهم سيجعل الزبون يتحمل معظم المخاطر ويتلقى عروضاً أدنى من المقاولين، يرى بعضهم الآخر أن مشاركة الزبون في خطر تقلبات العملات مفيد أيضاً.