أظهرت دراسة حديثة أن العام الحالي 2014 سيشهد إرساء عقود بنحو 180 بليون دولار لمشاريع إنشاء جديدة في دول الخليج الغنية، وهي الأكبر في ستة أعوام على رغم تراجع أسعار النفط. وهبطت أسعار خام برنت إلى أقل من 83 دولاراً للبرميل أول من أمس، قبل أن تتعافى في وقت لاحق، نظراً إلى وفرة المعروض وتوقعات بضعف الاقتصاد العالمي. وقال محللون ومصادر في قطاع الإنشاء إنه إذا استمرت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية لفترة طويلة - ربما لعام أو نحو ذلك - فإن إيرادات دول الخليج النفطية ستتراجع، وربما تصبح الحكومات أقل استعداداً للإنفاق وتقرر تقليص المشاريع. وأضافوا أنه على رغم ذلك لا توجد أية دلالة واضحة حتى الآن على خفض يلوح في الأفق في إنفاق دول مجلس التعاون الخليجي الست. وقال مدير التحليل لدى «ميد بروجكتس»، وهي شركة إلكترونية ترصد المشاريع، وأجرت الدراسة إدوارد جيمس: «سنتجاوز هذا العام أرقام 2013 بإرساء عقود بقيمة 180 بليون دولار، هذا مدعوم بمشاريع كبيرة أرست عقودها هذا العام قطر والإمارات والكويت». وفي العام الماضي أرسيت عقود لمشاريع بقيمة 156 بليون دولار في دول مجلس التعاون، معظمها من الحكومات وشركات تدعمها الدولة، مع تعافي معظم دول الخليج بقوة من الأزمة المالية العالمية، وإنفاقها على مشاريع كبيرة في البنية التحتية لتنويع اقتصاداتها وتقليص اعتمادها على النفط، وبلغت تلك العقود في ذروة الازدهار في المنطقة في 2008 نحو 200 بليون دولار. وهناك مخاوف في قطاع الإنشاء من أن يستمر هبوط أسعار النفط لفترة طويلة، لأقل من المستويات التي تحتاجها الحكومات لتوازن الموازنات. لكن ذلك لن يسبب كارثة للحكومات، إذ إن لديها احتياطات مالية كبيرة تغطي إنفاقها الضخم لأعوام عدة، إضافة إلى أن الاقتصادات الخليجية الكبيرة لديها مستويات منخفضة من الديون وتستطيع بسهولة الاقتراض من الأسواق. لكن مواجهة عجز في الموازنة ربما يجعل الحكومات أكثر حذراً في الإنفاق، وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن مستويات أسعار النفط التي تحتاجها السعودية لتوازن موازنتها في 2015 تبلغ 90.70 دولار للبرميل بالنسبة للسعودية و73.30 دولار للإمارات و53.30 دولار للكويت و77.60 دولار لقطر. وأوضح مدير عمليات هيل إنترناشونال لاستشارات البناء في قطر ريجارد أبوياكو، «أعتقد بأن من المرجح إلى حد بعيد أن تؤجل السعودية والإمارات مشاريع أو تجمد بعضها إذا استمر تراجع أسعار النفط». وذكرت «ميد بروجكتس» أن من المتوقع أن تقلص السعودية أكبر سوق في المنطقة إرساء العقود بشكل كبير هذا العام، إذ من المتوقع إرساء عقود بنحو 40 بليون دولار في المملكة انخفاضاً من 66 بليون دولار في 2013. ويبدو أن ذلك يأتي في إطار اتجاه لاتخاذ إجراءات تحوطية بخصوص المالية العامة للدولة، قبل أن تبدأ أسعار النفط في الهبوط بوقت طويل. وأشار جيمس مدير التحليل لدى ميد بروجكتس إلى أن «أداء السعودية هذا العام كان مفاجئاً. كنا نتوقع عقوداً أكثر بكثير، لاحظنا تراجعاً في المناقصات وإرساء عقود المشاريع، ولا نعرف ما إذا كان ذلك يرتبط بأسعار النفط أم لا». وألقت بعض شركات البناء في المملكة باللوم في تأخر مشاريع على البيروقراطية الحكومية وصعوبة الحصول على الأراضي، إضافة إلى إصلاحات في سوق العمل تهدف إلى خفض اعتماد المملكة على العمال الأجانب. وغادر نحو مليون عامل أجنبي السعودية العام الماضي خلال حملة على المقيمين بشكل غير قانوني، وواجهت شركات الإنشاء في بعض الأحيان صعوبات في جمع عدد كاف من العمال.