عقدت أمس، قمة الاتحاد الأوروبي التي تستضيفها بريطانيا، في ظل سيطرة القضايا الاقتصادية المتعلقة بمشروع موازنة الاتحاد وتحرير الاقتصادات الأوروبية على جدول المناقشات. وتأتي هذه القمة التي تعقد في قصر هامبتون كورت خارج لندن، في ظل تلاشي الأمل في إمكان التوصل إلى اتفاق بين دول الاتحاد بشأن مشروع الموازنة للفترة من 2007 إلى 2013، نتيجة الخلافات بين الدول الكبرى في الاتحاد مثل بريطانياوفرنسا وألمانيا. وقال رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروزو إن الاتحاد الأوروبي سيقدم عرضاً زراعياً جديداً في محادثات منظمة التجارة العالمية يستهدف التوصل إلى اتفاق لتحرير التجارة العالمية بحلول نهاية العام. ويريد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير من اجتماع القمة الذي استمر يوماً واحداً تحقيق إجماع على الإصلاحات التي يتعيّن على الاتحاد الأوروبي المؤلف من 25 دولة تنفيذها، لمواجهة تحديات العولمة، بما في ذلك تحقيق حرية أكبر للتجارة. ويسعى بلير إلى اتفاق على تحديث أولويات الإنفاق لدى الاتحاد الأوروبي بعيداً عن دعم المحاصيل الزراعية، ونحو الاستثمار في الأبحاث والتعليم العالي والابتكار الذي يأمل بأن يمهّد الطريق لاتفاق على ميزانية الاتحاد في المدى البعيد بحلول نهاية العام. واتهمت فرنسا، وهي أكبر منتج زراعي في الاتحاد، مفوض التجارة الأوروبية بيتر ماندلسون بتجاوز تفويضه، وحذرته من تقديم أي عرض لخفض الرسوم التي تحمي المزارعين الأوروبيين من المنافسة الدولية الأرخص سعراً. غير أن مؤيّدي التجارة الحرّة تعهّدوا بمكافحة سياسة الحماية. وقال رئيس الوزراء الدنماركي اندرس فو راسموسن:"على أوروبا التمسك باقتصاد مفتوح وبالمنافسة، ويجب أن نرفض الحماية. حماية الصناعات غير المنافسة لن تحمي وظيفة واحدة في المدى البعيد". ويريد بلير من زعماء الاتحاد الأوروبي تبني النظم الاجتماعية وتحديد الأولويات لإعداد الاتحاد لمواجهة ظهور قوى اقتصادية جديدة مثل الصين والهند. وركّزت المحادثات على"رؤية استراتيجية"للاتحاد أكثر منه على تفاصيل ميزانية الفترة من عام 2007 إلى 2013، إذ تحرص لندن على تجنّب تكرار الخلافات المريرة التي وقعت في حزيران يونيو. وقال راسموسن"قمة حزيران كانت كارثة سياسية، وبعد ذلك يتعيّن علينا إيجاد مناخ أفضل". وقال بلير للبرلمان الاوروبي في ستراسبورغ الأربعاء الماضي انه يريد البدء"في توحيد أوروبا مرة أخرى في المسار الصحيح والمضي قدماً". ودعا إلى"طريقة أكثر عقلانية"لإنفاق أموال الاتحاد الأوروبي. وتصرّ بريطانيا على انه يتعين على أوروبا تغيير سوق العمل وسياسات الرعاية لإيجاد وظائف للعاطلين البالغ عددهم 19 مليوناً في الاتحاد. وطالب الرئيس الفرنسي جاك شيراك بمزيد من الحماية للعمال الفرنسيين، ورفض بحث تحويل المبالغ المخصصة لدعم المزارعين لأغراض أخرى وتوجيهها نحو الابتكار قبل عام 2013. بدوره، رأى المستشار الألماني غيرهارد شرودر أن النظام الاقتصادي والاجتماعي الحرّ بحسب النموذج البريطاني لا يمثل نموذجاً لجميع دول أوروبا. وقال إن سمات النظام الاقتصادي المختلط الذي يجمع بين القطاعين العام والخاص، هي التي تحدّد النموذج التقليدي لأوروبا أو"نموذج قارة أوروبا". وأكد شرودر أن القمة لن تصدر عنها قرارات، وأنها تدور حول قضية"الوجهة التي يجب على أوروبا أن تسلكها، ولا بد أن نوضح خلال ذلك ما إذا كنا نريد سوقاً كبيرة فقط أو أكثر من ذلك". ودعا إلى تبني نموذج يربط بين الفعالية الاقتصادية والناحية الاشتراكية. من جهته، طالب خافيير سولانا منسق السياسات الخارجية في الاتحاد من القادة المجتمعين بضرورة تعزيز موارد تمويل عمليات حفظ السلام التي تنفذها القوات الأوروبية حالياً في ثلاث قارات، والتي اعتبرها"ناجحة للغاية"ولكنها تفتقر إلى الدعم المالي الكافي. وقال سولانا"الرسالة الأساسية هي أن موارد ميزانيتنا مقيدة بسقف محدد". وتصل ميزانية الاتحاد الأوروبي السنوية الخاصة بالأمن والسياسة الخارجية إلى 60 مليون يورو 72 مليون دولار فقط. وحض سولانا الزعماء الأوروبيين على الموافقة على طموحات الاتحاد المستقبلية في ما يتعلق بمهمة حفظ السلام في أنحاء العالم وتحديد ميزانية مناسبة لذلك.