وجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير "رسالة معايدة" الى الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي احتفل بعيده السبعين امس، وذلك في محاولة لطي صفحة خلاف وصل بينهما الى حد تبادل العبارات الفظة. ووصف بلير شيراك ب"الرجل الكبير" وقارنه بالزعيم الراحل شارل ديغول، وتمنى له الحفاظ على "حيوته السياسية الضرورية لمواجهة تحديات القرن". وسبقت الرسالة التي نشرتها مجلة "باري ماتش" الفرنسية، خطوة تمهيدية هي عبارة عن قلم من نوع "تشيرسيل" قدمه بلير الى الرئيس الفرنسي على هامش القمة الاطلسية في براغ. وقبل شيراك الهدية ووصفها بأنها رائعة. وقال بلير في رسالته ان لديه "اسباباً عدة تحمله على الاعتقاد بأن شيراك ليس من الرجال الذين يصبحون سبعينيين هادئين"، وانه "على غرار ديغول، لديه فكرة معينة عن فرنسا، يقاتل من أجلها بإصرار ومهارة، ويعتبر احياناً ان كل انواع الضربات مسموحة في هذا الاطار". ويذكر ان بلير كان فقد السيطرة على اعصابه خلال قمة بروكسيل نهاية تشرين الاول اكتوبر الماضي، ووجه كلاماً لاذعاً لشيراك متهماً اياه بالتآمر مع المستشار الالماني غيرهارد شرودر لتحديد العمل بالسياسة الزراعية المعتمدة من قبل الاتحاد الاوروبي من دون ادخال اي تعديل عليها حتى سنة 2007، وأيضاً بسبب مطالبته بالغاء الخفض الممنوح لبريطانيا في مساهمتها في موازنة الاتحاد. وعلى رغم ان البلدين يوصفان عادة ب"أفضل عدوين"، فإن الملف الزراعي الاوروبي فجر استياء متراكماً بينهما، مردّه من وجهة النظر الفرنسية الى اعتبارات عدة، في مقدمها الانحياز التام والكامل من جانب بلير الى السياسة الاميركية، خصوصاً خلال المفاوضات الصعبة التي سبقت اقرار القرار 1441 حول العراق في مجلس الامن. ونقل في حينه عن شيراك قوله لبلير: "كيف ستتمكن بعد عشرين سنة من النظر الى ليو أصغر أبناء بلير وجهاً لوجه اذا كنت القائد الذي ساعد على اندلاع الحرب؟". كما يأخذ الجانب الفرنسي على بريطانيا عدم ترددها في تغليب علاقة التحالف الوثيقة التي تربطها بالولايات المتحدة على التزاماتها الاوروبية المختلفة. وكان الخلاف العلني بين شيراك وبلير في بروكسيل حمل الجانب الفرنسي الى ارجاء القمة الفرنسية -البريطانية التي كانت مقررة في كانون الاول ديسمبر المقبل، الى موعد يحدد لاحقاً. وبات متوقعاً ان يحدد موعد جديد لهذه القمة مطلع السنة المقبلة، فيما تمنى بلير في رسالته ان تعمل كل من بريطانياوفرنسا "من الآن فصاعداً على النظر الى الامور بعيداً من المنافسة الوطنية التقليدية" القائمة بينهما. وأكد ثقته بأوروبا "الموحدة التي تستمد جذورها من هوياتنا الوطنية والمزودة مؤسسات ضرورية لتمكينها من لعب دورها في ادارة العالم الهش".