صرح الرئيس الفرنسي جاك شيراك ليل الجمعة السبت ان «اوروبا تشهد ازمة خطرة»، محملا بريطانيا التي وصفها بانها بلد «اناني» مسؤولية هذه الازمة. وقال شيراك في مؤتمر صحافي في بروكسل بعد 14 ساعة من المفاوضات التي لم تسمح بالتوصل إلى اتفاق حول ميزانية الاتحاد الاوروبي للاعوام 2007-2013 ان «اوروبا تشهد ازمة خطرة وكنا في الواقع على وشك التوصل إلى اتفاق». وعبر شيراك عن اسفه لان بريطانيا ارادت «الاحتفاظ بكامل» الامتياز الذي تتمتع به مما ادى إلى فشل القمة، منتقدا «الانانية التي ابداها بلدان او ثلاثة» لم يسمها. وصرح الرئيس الفرنسي «آسف لرفض بريطانيا تقديم هذه الحصة المعقولة والعادلة من نفقات توسيع الاتحاد. لقد اراد الاحتفاظ بكل الامتيازات وبعض الدول تبنت مواقف مساومة ومصالحة محض وطنية. انها نتيجة سيئة لاوروبا». ورفضت بريطانيا اقتراحا اخيرا بتجميد خفض قيمته 5,5 مليار يورو يمنح لها كل عام منذ 1984 . واشاد شيراك بموقف الدول العشر الجديدة في الاتحاد الاوروبي التي حاولت حتى اللحظة الاخيرة انقاذ اتفاق مالي بين البلدان الاعضاء. وقال «انه امر مثير للاعجاب. هذه الدول تعبر عن ارادة اوروبية وامل وتفاهم ولقنتنا درسا لاوروبا الغد». واضاف «لكن للاسف هذا الدرس لم يلق آذانا صاغية». وعبر شيراك عن اسفه ايضا لان الدول الاعضاء في الاتحاد كانت تفتقد إلى «روح اوروبية» في المفاوضات. وفي تعليقه عزا المستشار الألماني غيرهارد شرودر ليل الجمعة السبت فشل القمة الاوروبية في بروكسل في التوصل إلى اتفاق حول الموازنة المقبلة للاتحاد إلى بريطانيا وهولندا، موضحا انهما «تتحملان مسؤولية امام التاريخ». وقال شرودر في مؤتمر صحافي في ختام القمة «اعتقد انه كان في الامكان التوصل إلى اتفاق. وسبب عدم تحقيق ذلك هو الموقف غير المرن للبريطانيين والهولنديين». واضاف ان «الاتحاد الاوروبي لم يربح شيئا من موقف هولندا وخصوصا من موقف بريطانيا وهذا الامر اعبر عنه باكبر قدر من ضبط النفس والدبلوماسية». وتابع ان هذين البلدين «يتحملان مسؤولية امام التاريخ الاوروبي وامام الرجال في اوروبا وقبل كل شيء امام الشباب». وتابع شرودر «اشعر بالحزن. لم يكن اليوم سعيدا. انه امر مؤسف للغاية». واكد ان «نجاحا (في التوصل إلى الاتفاق) كان يمكن ان يشكل مؤشرا مهما على قدرة الاتحاد على التحرك و(الرئيس الحالي للاتحاد) جان كلود جونكر هذا الاوروبي العظيم بذل اقصى الجهود». وقال شرودر ان «المانيا مستعدة لتسوية» تعني جهدا ماليا اضافيا «للمحافظة على قدرة اوروبا على التحرك واعطاء افق لاتحاد سياسي». وأوضح المستشار الألماني «قبل كل شيء ان بريطانيا لم تبد اي استعداد لتسوية في ما يتعلق بالخفض مع ان الرئاسة كانت مستعدة لتصل إلى 5,5 مليارات يورو» من اجل تجميد هذا الاستثناء. واضاف ان «بريطانيا رفضت بذلك تمويل توسيع الاتحاد». من جانبه اعلن الرئيس الدوري للاتحاد الاوروبي رئيس وزراء اللوكسمبورغ جان-كلود جونكر، (الجمعة)، ان فشل قمة بروكسل في التوصل إلى اتفاق على الموازنة المقبلة للاتحاد يغرق اوروبا في «ازمة عميقة». واتهم نظيره البريطاني توني بلير من دون ان يسميه بأنه اراد افشال القمة من خلال مطالبته باعادة النظر في موازنة الاتحاد. وقال جونكر الذي بدا مضطربا في المؤتمر الصحافي الختامي للقمة ان «حماستي لاوروبا اصيبت اليوم بصدمة عميقة». واضاف ان «اوروبا تواجه ازمة عميقة ... واضعاف اوروبا سيتم من خلال عملية بطيئة، زاحفة، غير مرئية لكن الآخرين سيلاحظونها بسرعة تفوق سرعة الاوروبيين». واكد ساخرا «ان رئاسة اللوكسمبورغ تقترب ببطء انما بفرح من نهايتها. وغداً، سأتحدث بالتفصيل في الولاياتالمتحدة عن قوة اوروبا وعزمها»، ملمحاً إلى القمة الاطلسية التي سيمثل فيها الاتحاد الاوروبي بعد ايام، في حضور الرئيس الاميركي جورج بوش. واوضح «كنا نريد منح اوروبا آفاقا مالية جديدة، لكننا اخفقنا». واعتبر ان المشكلة الحقيقية هي «عدم وجود الارادة السياسية بالتوصل إلى حل، لدى رؤساء بعض الوفود»، ملمحا بذلك إلى البريطانيين والهولنديين والسويديين الذين افشلوا الاتفاق. واكد جونكر «ان الذين طلبوا في اللحظة الاخيرة اعادة النظر في بنود الموازنة كانوا يعرفون جيدا ان من المستحيل حمل 25 بلدا على الاتفاق على اعادة تنظيم كاملة. ومن يطلب هذا الحل يريد الفشل»، مشيرا إلى بلير على ما يبدو. وفي المرحلة الاخيرة من القمة، طلب بلير من جونكر ضمانات حول اعادة النظر في سياسة الانفاق الزراعي المشترك في اطار موازنة الاتحاد. وتوجه رئيس وزراء اللوكسمبورغ الذي شعر بمرارة واحباط، بنقد حاد واجه صعوبة في احتوائه، إلى نظيره البريطاني الذي سيخلفه في الاول من تموز/يوليو في رئاسة الاتحاد. وقال ان «الرئاسة البريطانية ستطرح برنامجها في 23 حزيران - يونيو. ولن اكون موجودا لاستمع اليه ... لأن 23 حزيران - يونيو هو العيد الوطني للوكسمبورغ». وردا على سؤال عن النصائح التي يمكن ان يسديها إلى توني بلير، اجاب «لا رأي لي ولا نصحية لدي. وعلى ما يبدو، ثمة نوع من المقاومة والرفض لنصائحي». واشار جونكر من جهة أخرى إلى انه «شعر بالخجل عندما سمع جميع الدول الاعضاء الجديدة، الواحدة تلو الاخرى، والواحدة منها افقر من الاخرى، تقول انها مستعدة للتخلي عن جزء من المساعدات المخصصة لها» على امل التوصل إلى اتفاق في اللحظة الاخيرة على رغم فشل المفاوضات. ولدى انتهاء القمة، اقترحت البلدان العشرة الجديدة، بمبادرة من بولندا، خفض الاموال التي ستتسلمها في اطار المساعدات من البلدان الغنية إلى البلدان الفقيرة. وفي المقابل، اشاد جونكر ب «الجهود الجبارة» التي بذلها المستشار الألماني غيرهارد شرودر والرغبة في التوصل إلى تسوية التي ابداها الرئيس الفرنسي جاك شيراك. وقال «تدور مواجهة حول مفهومين لاوروبا: اولئك الذين يريدون السوق الكبيرة ولا شيء آخر ... والذين يريدون اوروبا سياسية متكاملة». واضاف «الذين يريدون اتحاداً سياسياً ومتكاملاً ومتضامنا يعرفون عن اي اوروبا يدافعون، والذين يقترحون علينا اوروبا أخرى لا يعرفون كيف يحددونها». وخلص جونكر إلى القول «كنت اشعر منذ فترة طويلة ان هذا النقاش سيندلع في احد الأيام». وفي ردها نفت بريطانيا مسؤوليتها عن تصدع قمة بروكسل الأخيرة، وأكد مقر رئيس الوزراء البريطاني في داوننج ستريت حرص توني بلير واستعداده للتعاون ومراجعة بنود الموازنة لدفع مسيرة الاتحاد الأوروبي لخطوات أكثر إلى الأمام. وحمل متحدث بريطاني فرنسا مسؤولية اخفاق القمة نتيجة اصرار الرئيس جاك شيراك على رفض كافة المقترحات التي تنظر للدعم الذي يقدمه الاتحاد للمزارعين الفرنسيين وكانت فرنسا تصر على مناقشة حصول بريطانيا على ثلاثة مليارات جنيه استرليني عائد من حقها التي تدفعها للاتحاد سنوياً. ونفى المتحدث البريطاني ان بلاده كانت منعزلة داخل القمة الأخيرة وان عدة دول أخرى كانت تصر على مراجعة شاملة وكافة بنود الموازنة. وقد خرجت الصحف البريطانية كلها بعنوان يشير إلى إعلان الحرب بين فرنسا وبريطانيا ودخول المواجهة بين البلدين مرحلة جديدة، فبعد الخلاف على الحرب ضد العراق اشتعلت قضية الملف الأوروبي. وتصر لندن على موقفها وانها حاولت طرح الحلول المختلفة غير ان فرنسا رفضت وأصرت على مواقفها مما أدى إلى تجميد الوضع بشأن الموازنة. وأثارت المواجهة الفرنسية البريطانية الأوجاع القديمة بين البلدين وملفات الخلافات التي تعود إلى أحقاب متنوعة حتى الصراع بين مارجريت ثاتشر رئيسة وزراء بريطانيا الأسبق، والرئيس الراحل الفرنسي فرانسو ميتران، كذلك الخلاف بين هارولد ماكميلان رئيس وزراء بريطانيا الأسبق والرئيس الفرنسي الراحل شارل ديجول. ويؤكد بلير رئيس الوزراء انه مع الوحدة الأوروبية، وقد طالب وزير الخارجية جاك سترو الاتحاد الأوروبي بالتغيير وقبول تعديلات مهمة على اطار عمله. وتتبنى الادانة البريطانية ما قالت به الولاياتالمتحدة عن أوروبا القديمة وحاجتها إلى التجديد.