اصبحت قضايا الشرق الاوسط في مركز اعلى من السابق في طليعة قضايا الحياة السياسية البريطانية، وبدا"خلفاء"قادة الاحزاب على"اتفاق وتناغم"في تأييد اسرائيل، وعلى"تباين نسبي"في اسلوب الحل الأمثل للأزمة العراقية. وزير الخزانة غوردون براون، الذي"ثُبّت"وريثاً لتوني بلير، سيبدأ نشاطه الأول في مجال السياسة الخارجية بزيارة عمل، مع عدد من وزراء المال في مجموعة الثماني، الى القدس واراضي السلطة الفلسطينية بحجة"محاربة الفقر والبطالة والبحث في اعادة اعمار المنطقة لانهاء العنف فيها". وقال براون في مقابلة مع صحيفة"ذي غارديان"ان"محاربة الفقر والبطالة في المنطقة الاسلوب الوحيد لبناء سلام دائم في الشرق الاوسط"سيؤدي للقضاء على الارهاب! ومع ان براون ركز في خطاب ألقاه أمس أمام المؤتمر السنوي لحزب العمال في برايتون على قضايا داخلية، إلا أنه القى اللوم على اسعار النفط وأشار الى انها"وراء تباطؤ نمو الاقتصاد البريطاني". وفي مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي صباح امس قال رداً على سؤال عن زيارته الى الشرق الاوسط"ان نسبة البطالة في اراضي السلطة الفلسطينية تتجاوز 30 في المئة وأن المنطقة بحاجة الى نمو يصل الى 10 في المئة على مدى سنوات... اذا اردنا معالجة البطالة والفقر والعنف فيها". وكان براون اتهم دول منظمة"اوبك"مطلع الشهر بأنها السبب في ارتفاع اسعار الخام في الاسواق الدولية لكن المنظمة ردّت، بصورة غير مباشرة، ان وزارة الخزانة البريطانية تتقاضى ضريبة بنسبة 70 في المئة من سعر كل ليتر بنزين مكرر مقابل 30 في المئة للمنتجين وشركات التوزيع. واذا تولى براون الزعامة والحكم بعد بلير السنة المقبلة، كما تشير التوقعات، فإنه لن يُعدل سياسة بريطانياالعراقية"إلا مضطراً"كما يقول المقربون منه. وستكون زيارة براون الأولى الى اسرائيل منذ دخوله وزارة بلير عام 1997 مع أنه أعرب أكثر من مرة، خصوصاً لدى زيارة وزير المال الاسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو الى لندن مطلع السنة، عن تأييده المطلق ل"اسرائيل آمنة"ما أثار الجاليات الاسلامية في حينه. وكان براون جمّد أموال منظمات فلسطينية خيرية بحجة مساندتها"الارهاب"كما اعلن أنه سيُعين احدى الشخصيات اليهودية في منصب موفده الشخصي الى الشرق الاوسط. في المقابل يستعد حزب المحافظين البريطاني المعارض لاختيار زعيمه الجديد، الذي سيخلف زعيمه الحالي مايكل هوارد المتحدر من أبوين يهوديين قدما الى بريطانيا من شرق اوروبا، ولا يبدو أي خلاف بين أبرز المرشحين التسعة لزعامة الحزب، من بينهم ثلاثة يهود، في شأن الدعم المطلق لاسرائيل إلا أن التباين يتمثل في التعامل مع الأزمة العراقية. ويؤيد وزير الخزانة السابق كينيث كلارك، المعروف باعتداله وعلاقاته العربية التي بناها عندما كان في حكومات مارغريت ثاتشر وجون ميجور،"تعديل السياسة البريطانية في الشرق الاوسط بعد خطأ الاشتراك في الحرب على العراق". لكن أبرز خصومه، والأكثر حظاً للفوز بزعامة المحافظين وزير داخلية الظل دايفيد دايفيس، يؤيد الخط الاميركي في التعامل مع الازمة العراقية وينادي بعدم الانسحاب العسكري من العراق قبل اقرار دولة ديموقراطية مستقلة ... كما ان بياناته أكثر من متشددة في التعامل مع ايران، التي يصفها بأنها"راعية الارهاب في الشرق الاوسط". وسيعقد المحافظون مؤتمرهم السنوي مطلع الاسبوع المقبل حيث سيتم تحديد سياستهم تجاه العراق والشرق الاوسط للفترة المقبلة. وكان تشارلز كينيدي زعيم الليبيراليين الديموقراطيين، ثالث اكبر حزب بريطاني الذي يواجه تحديات على الزعامة، شدد اكثر من مرة على"عدم الاخلال بتأييد اسرائيل"على رغم انه هاجم ما سماه"الحرب على الارهاب"التي يقودها تحالف اميركي - بريطاني بزعامة الرئيس جورج بوش وتوني بلير وقال انها"اججت الارهاب الذي وصل الى ديارنا". وفي الحزب الليبيرالي مجموعة كبيرة من مؤيدي اسرائيل على رغم انه نال أعلى نسبة أصوات بين المسلمين البريطانيين في الانتخابات العامة الأخيرة بسبب معارضته للحرب على العراق.