منتدى المحتوى المحلي يختتم أعمال اليوم الثاني بتوقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج    اعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم    «الصحة الفلسطينية» : جميع مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل    المملكة توزع 530 قسيمة شرائية في عدة مناطق بجمهورية لبنان    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    انطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادم    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    فعل لا رد فعل    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "الموظف الصغير" احتفالاً بيوم الطفل العالمي    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



براون يرمم حزب العمال البريطاني والمحافظون يتراجعون
نشر في الحياة يوم 20 - 02 - 2010

بعد مضيّ سبع سنوات على اجتياح العراق في آذار (مارس) 2003، وبعد مرور عشرين شهراً على تسلّم غوردن براون رئاسة الوزراء من سلفه توني بلير، لا يزال هذا الأخير يؤثّر في حزب العمال البريطاني وفي الساحة السياسية البريطانية.
تحتلّ مسألة حرب العراق يومياً العناوين الرئيسة في النشرات الإخبارية وأصبحت محطّ جدال بفضل لجنة تحقّق في شأنها برئاسة السير جون شيلكوت. وقد بدأت جلسات الاستماع في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
يُعتبر توقيت هذا التحقيق وطبيعته العلنية غير مناسب لحكومة غوردن براون، لا سيما في ظلّ اقتراب موعد إجراء الانتخابات العامة التي من المفترض أن يدعو إليها براون في مدة أقصاها 3 حزيران (يونيو)، إلا أنّ التاريخ المرجح حتى الآن هو 6 أيار (مايو) المقبل.
ويمثل يوماً بعد يوم سياسيون وديبلوماسيون وموظفون مدنيون حكوميون ومسؤولو استخبارات وزعماء عسكريون حاليون وسابقون أمام لجنة تحقيق مؤلفة من ستة أعضاء برئاسة شيلكوت بغية الإجابة عن أسئلة تتعلق بمسائل متعددة منها: متى اتخذ قرار المضي قدماً إلى الحرب في العراق وكيف ولماذا إضافة إلى المعلومات الاستخباراتية المغلوطة التي زعمت وجود أسلحة دمار شامل في العراق وشرعية هذه الحرب في ظلّ غياب قرار ثان صادر عن مجلس الأمن في الأمم المتحدة والعواقب الدموية والفوضى التي نتجت من الاجتياح.
عندما أعلن براون للمرة الأولى في شهر حزيران (يونيو) الماضي عن فتح التحقيق، أشار إلى إنه سيجرى سراً إلا أن الاحتجاجات العنيفة التي صدرت عن زعماء المعارضة اضطرته إلى الموافقة على إجرائه علنياً. ويتمّ بثّ جلسات التحقيق مباشرة على التلفاز وهي تلقى نسبة مشاهدة عالية. لقد تحدّث الشهود بكلّ صراحة عن الخلل الذي اعتبره عدد من المراقبين أسوأ خطأ ارتُكب في السياسة الخارجية البريطانية منذ أزمة السويس عام 1956.
وخلّف مثول بلير لمدة ست ساعات أمام لجنة تحقيق شيلكوت في 29 كانون الثاني (يناير) صدمة في أرجاء البلد. فبدا متحدياً وانفعالياً فيما كان يحاول تبرير أفعاله قبل اجتياح العراق وبعده مركزاً على نقطة الانطلاق التي اعتمدها وهي التغيير في «احتساب نسبة الخطر» بعد اعتداءات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) الإرهابية. وقد رفض إبداء أي ندم على أفعاله.
حتى أنه ذهب إلى حدّ الحضّ على اتخاذ خطوة مماثلة ضد إيران التي ذكرها 58 مرة خلال إدلائه بإفادته. فقال بلير «أتخذ اليوم موقفاً متشدداً تجاه إيران، علماً أن الحجج التي دفعتنا إلى شنّ حرب على العراق تنطبق عليها أيضاً».
وأضاف بلير: «يجب أحياناً ألا نتساءل عمّا حصل في شهر آذار (مارس) 2003 بل عمّا سيحصل في العام 2010»، متسائلاً ما الذي كان ليحصل لو عدلت الولايات المتحدة وبريطانيا عن تحركهما العسكري وتركتا صدام وأبناءه في السلطة؟ «لقد كان عاقد العزم ويملك المعرفة الفكرية لإطلاق برنامج لتصنيع الأسلحة النووية والكيماوية»، مشيراً إلى أن صدام يحظى بالوسائل المالية التي تخوّله القيام بذلك بفضل تحديد سعر برميل النفط على أساس مئة دولار وليس 25 دولاراً.
وتعارضت أحياناً إفادة بلير مع الأدلة المقدّمة من الشهود الآخرين الذين أدلوا بأقوالهم قبل انطلاق التحقيق. كما زعم بلير أنه تمّ التخطيط جيداً للمرحلة التي تلي الاجتياح لافتاً إلى أنّ المشكلة تكمن في افتراض «الجميع» بأنه سيتمّ التوصل بعد الاجتياح إلى خدمة مدنية عراقية فاعلة. وعزا سبب مقتل مئة ألف مدني عراقي إلى عوامل خارجية تتعلق بإيران وبتنظيم «القاعدة» موضحاً أن «أحداً لم يتصوّر أن تدعم إيران هذا التنظيم». والجدير ذكره أن عدد القتلى الذي أعلن عنه هو أقل بكثير من العدد الفعلي الذي يوازي 600 ألف شخص أو حتى مليون شخص.
أشار بلير أيضاً إلى أنه تمّ تجنّب حصول أزمة إنسانية في العراق، غير أن الكثير من الأشخاص يعتبرون أنّ هذا البلد يعاني بالفعل أزمة إنسانية.
وأثارت المقابلة التي أجراها توني بلير مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية التابعة للمحافظين الجدد اليمينيين والتي انتقد فيها لجنة تحقيق شيلكوت بعد عشرة أيام على مثوله أمامها صدمة وغضباً كبيرين. حيث انّ بلير اعتبر، خلال المقابلة، أن التحقيق هو جزء من «رغبة مستمرة في إثبات وجود مؤامرة، في حين أنّ تحرّكنا نابع من قرار اتخذناه»، مضيفاً أنّ «فضيحةً تثار دوماً حول السبب الذي يحضّ المرء على اعتماد وجهة نظر محدّدة... ويصعب على الناس الإقرار بأنه يحقّ لكل شخص أن يمتلك وجهات نظر مختلفة ولأسباب وجيهة».
في الوقت ذاته، أشار رئيس اللجنة السير جون شيلكوت إلى أن فريقه يعمل حالياً على دراسة مئات الآلاف من الوثائق الحكومية السرية التي تبيّن «حقيقة ما حصل» قبل اجتياح العام 2003. وأضاف أنّ اللجنة سترتكز في شكل رئيس على هذه الوثائق، لا سيما أنها تُظهر وجود «ثغرات» في الإفادات التي تمّ الاستماع إليها حتى الآن، موضحاً أنها «تسمح لنا أيضاً بالإضاءة على بعض الخفايا في عمل الحكومة وتكشف حقيقة ما حدث خلف الكواليس قبل النزاع في العراق وخلاله وبعده».
بدت حجة بلير سطحية وساذجة حتى أنها تذكّر بالمحافظين الجدد الأميركيين الذين ظنّوا عام 2003 أنهم قادرون على «صناعة» شرق أوسط آخر وذلك بدءاً بالعراق. كما يبدو أن بلير لا يزال يؤمن بالنظرة المانوية للعالم والقائلة بوجود «الخير مقابل الشر». ولفت الناقد السياسي وكاتب العمود في صحيفة «إندبندنت» سايمون كار ساخراً إلى أن بلير معادٍ للمسيح ويعجّل حصول معركة "هرمجدون" في الشرق الأوسط كونه مبعوث اللجنة الرباعية إلى هذه المنطقة.
ومن المحتمل أن تستدعي لجنة التحقيق بلير مرّة جديدة ليدلي بالمزيد من الأقوال في العلن والسرّ.
لقد أثارت الملاحظات التي أطلقها بلير ضد إيران الذعر في النفوس. فقال السفير البريطاني الأسبق في إيران ريتشارد دالتون إن وضع إيران «يختلف كلّ الاختلاف» عن العراق متهماً بلير بالسعي إلى جعل مسألة إيران قضية انتخابية.
أما الشعب، فشكّك بأداء بلير. وأشار استطلاع للرأي نشر يوم الأحد في بريطانيا إلى أن ثمانية اشخاص من أصل عشرة يعتقدون أنه كذب أمام لجنة التحقيق، فيما رأى 28 في المئة من الأشخاص أنه يجب محاكمته لارتكابه جرائم حرب. كما أقرّ 30 في المئة من الأشخاص بشرعية حرب العراق، فيما لفت 61 في المئة إلى أن الحرب قد زادت من خطر حصول عمل إرهابي ضد المملكة المتحدة.
ولا يبادل معظم الشعب البريطاني توني بلير الاحترام. فهم يشعرون بالامتعاض من الوسائل التي اعتمدها لزيادة ثروته منذ رحيله عن منصبه وذلك بفضل الاستشارات التي يقدّمها والخطابات التي يلقيها إضافة إلى توسيع الإمبراطورية العقارية والحصول على مبلغ 4.6 مليون جنيه إسترليني من دار النشر «راندوم هاوس» بموجب عقد يقضي بنشر مذكراته. ويُقال انه جنى 15 مليون جنيه إسترليني منذ رحيله عن رئاسة الوزراء. وقد أشار تقرير ورد في صحيفة «ميرور» إلى انّ ثروته سترتفع إلى 45 مليون جنيه إسترليني في السنة المقبلة.
غير أن بلير لا يزال يحظى بإعجاب الكثير من الأشخاص خارج بريطانيا لا سيما أصحاب القرارات والنخب السياسية. لكن، لم يتمّ اختياره ليكون الرئيس الأول للمجلس الأوروبي في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وقد تمّ تعيين رئيس الوزراء البلجيكي الأسبق هرمان فان رومبوي لتبوّء هذا المنصب. ويعزى سبب ذلك إلى الدور المركزي الذي أدّاه بلير في حرب العراق.
أما المثال الذي يدلّ على المكانة الدولية الرفيعة التي يحظى بها بلير فتجلى في لقائه حاكم ولاية ريو دي جانيرو سيرجيو كابرال في منزله في لندن وذلك بعد يوم من مثوله أمام لجنة التحقيق حول حرب العراق. وقد طلب منه الحاكم أن يكون مستشاراً يتقاضى أجراً للألعاب الأولمبية التي ستجرى في مدينة ريو عام 2016.
وأشاد كابرال بتوني بلير قائلاً: «تستضيف لندن الألعاب الأولمبية عام 2012 بفضل جهود توني بلير. وإن نجحت لندن في تنظيم أمورها حتى العام 2010 فبفضل التخطيط والتحضير خلال الفترة التي كان فيها بلير رئيساً للوزراء».
إلا أنّ الكاتب البرازيلي المشهور باولو كويلو الذي بيع من كتبه أكثر من مئة مليون نسخة غضب عندما علم بأمر تعيين بلير مستشاراً للألعاب الأولمبية في مدينة ريو قائلاً: «هل سندفع أجراً إلى شخص عديم المسؤولية قام بشنّ حرب غير شرعية؟».
من المتوقع أن يمثل خلف بلير وخصمه السياسي منذ زمن طويل غوردن براون أمام لجنة شيلكوت في نهاية شهر شباط (فبراير) أو في بداية آذار (مارس). ويأمل براون في أن يجرى اعتبار حرب العراق على أنها «حرب بلير» حتى تُرفع عنه كل مسؤولية في هذا الموضوع. إلا أن براون الذي كان وزيراً للخزانة على مدى عشر سنوات بعد وصول حزب العمال إلى السلطة خلال انتخابات العام 1997 وهو ثاني أقوى منصب في الحكومة بعد رئيس الوزراء، قد خفض الإنفاق على الحرب. وكان زعيم مجلس العموم الأسبق ووزير الخارجية الأسبق روبين كوك هو العضو الوحيد في الحكومة الذي استقال قبل الاجتياح.
وأشار استطلاع للرأي نشرته صحيفة «إندبندنت» في 3 شباط إلى أن 60 في المئة من الأشخاص يعتبرون أن براون يتقاسم مع بلير مسؤولية النزاع في العراق.
ولا يسع المحافظون تحقيق رأس مال سياسي جرّاء قرار اجتياح العراق لأنهم كانوا يدعمونه. وفي إطار التصويت الذي أجري في مجلس العموم حول الحرب في 18 آذار 2003، أيّد 412 نائباً قرار شنّ الحرب فيما عارضه 149 نائباً علماً أن الحزب الديموقراطي الليبرالي هو الحزب الأساسي الوحيد الذي عارض هذا الموضوع.
لكن باستطاعة المحافظين مهاجمة براون حول مسألة تخفيض الإنفاق على الدفاع في وقت كان الجيش بحاجة إليه. فاتهم بعض الشهود في التحقيق براون بتجريد الجيش من التمويلات التي كان بحاجة إليها من أجل إتمام عملياته في العراق وأفغانستان.
وأعلن وزير الدفاع عند حصول الاجتياح جيف هون أمام اللجنة أن الخزينة لم تنجح في عهد براون بإعطاء القوات المسلحة المال الذي كانت بحاجة إليه قبل الاجتياح، علماً أنه تمّ تخفيض الموازنة المخصصة لها بعد مضي ستة أشهر على الاجتياح. هذا يعني أنه تمّ إلغاء طلبيات المعدات مثل الطائرات المروحية التي كان يمكن استخدامها في أفغانستان الآن.
وأطلع كبير الموظفين في وزارة الدفاع البريطانية السير كيفن تيبيت اللجنة على أن براون قد «ضيّق الخناق» على التمويل للجيش بعد ستة أشهر على الاجتياح.
إلا أن براون نفى حصول هذا الأمر. وفي معرض الردّ على التهكّم الذي أطلقه الزعيم المحافظ دايفيد كاميرون في البرلمان، نفى براون أن تكون القوات البريطانية قد أُرسلت إلى العراق وأفغانستان من دون المعدات اللازمة، موضحاً أن الإنفاق على الدفاع يرتفع سنوياً بأسرع وتيرة له منذ عشرين عاماً. وتمّ تمويل العمليات في العراق وأفغانستان التي بلغت 14 بليون جنيه إسترليني من احتياط الطوارئ.
وذكّرت الإفادات التي أدلى بها الشهود أمام لجنة تحقيق شيلكوت الرأي العام بالطريقة غير المرضية التي طبّقت فيها الديموقراطية في عهد حزب العمال بعدما قام بلير وزملاؤه المقربون منه باتخاذ قرارات سرية في شأن العراق مستبعدين الحكومة من ذلك. وقد جرى التركيز على طريقة عرض الحكومة للموضوع، لا سيما في ما يتعلق بالملف الصادر في شهر أيلول 2002 والذي يزعم وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق.
على رغم أن العراق قد يشكّل عاملاً مهمّاً في الانتخابات، من المرجح أن تكون المسائل الاقتصادية العامل الأساسي فيها. ولطالما أمل براون في أن تتماثل بريطانيا للشفاء من الركود في الوقت المناسب حتى يتمكّن حزب العمال من الفوز في الانتخابات. وفي نهاية شهر كانون الثاني (يناير)، أُعلن رسمياً عن انتهاء الركود الذي دام 18 شهراً وقد نُشرت أرقام تظهر أن الاقتصاد قد نما بنسبة لا تفوق 0.1 في المئة في الربع الأخير من العام 2009. فازدادت ثقة المستهلكين في شهر كانون الثاني، كما حقّق القطاع الصناعي في ذلك الشهر أسرع نمو له منذ 14 سنة حتى أن البعض تفاءل بإمكانية وجود فرص عمل فضلاً عن أن أسعار المنازل سجلت ارتفاعاً كبيراً.
وحتى أيام قليلة خلت، بدا أن المحافظين واثقون من تحقيق فوز ساحق في الانتخابات. فقد نقل ديفيد كاميرون الذي أصبح زعيماً للحزب في شهر كانون الأول (ديسمبر) 2005 الحزب المحافظ من اليمين إلى الوسط لكنه يواجه حالياً إلى جانب زملائه انتقادات مفادها أنهم أخفقوا في الإجابة عن السؤال الآتي: إلام يرمز الحزب المحافظ؟ لقد ارتكب وبعض زملائه بمن فيهم وزير الخزانة في حكومة الظل جورج أوسبورن أخطاء فادحة في الأسابيع الأولى من هذه السنة.
وفي الصيف الماضي، كان المحافظون يتقدمون بنسبة تتراوح بين 15 و16 في المئة على حزب العمال. لكن في بداية شهر شباط (فبراير)، تراجعت نسبة التأييد لهم لتبلغ 7 في المئة. وانتقد 82 في المئة من الناخبين نقص الوضوح لدى المحافظين حول خططهم الخاصة بالاقتصاد.
وقد يؤدي تراجع التأييد للمحافظين إلى إفراز برلمان معلّق لن تكون لحزب واحد فيه غالبية مطلقة. وعندما أعلن براون فجأة في بداية شهر شباط عن نيته تغيير النظام الانتخابي من نظام «الغالبية البسيطة» إلى نظام «التصويت البديل» كما هو معمول به في أستراليا، رأى البعض محاولة منه للتودد إلى الديموقراطيين الليبراليين. فلطالما نظّم الديموقراطيون الليبراليون حملة من أجل الإصلاح الانتخابي ويأمل حزب العمال تشكيل ائتلاف معهم في حال وصول برلمان معلّق. وقد لا يطبّق التغيير في النظام الانتخابي على الانتخابات العامة المقبلة لكن من الممكن إجراء استفتاء عليه في العام 2011.
وأياً يكن الحزب الذي سيفوز، يجب أن يفرض تخفيضات كبيرة على الإنفاق العام بهدف تقليص العجز المقلق في موازنة بريطانيا والبالغ 178 بليون جنيه إسترليني. وفي السنة الماضية، شدّد المحافظون على ضرورة حصول تخفيضات في أسرع وقت ممكن فيما وصف غوردن براون حزب العمال بأنه الحزب الذي سيستمر في الإنفاق والاستثمار بهدف انتشال الاقتصاد من الركود. وقد قلّص أوسبورن حجم التخفضيات التي خطّط لتطبيقها في السنة الأولى في حال وصول الحزب المحافظ إلى الحكومة.
وفي الأشهر الأخيرة، شدّد حزب العمال على مظاهر «الحرب الطبقية» في الحملة الانتخابية وتمّ وصف حزب المحافظين بأنه الحزب الذي يحظى بامتيازات والمولج حماية مصالح الأثرياء. فقد درس عدد من أعضائه في البرلمان في «إيتون كولدج» حيث تبلغ الأقساط السنوية 30 ألف جنيه إسترليني.
وأشار تقرير حكومي مربك لحزب العمال في شهر كانون الثاني إلى أن التفاوت الاجتماعي قد ارتفع في عهد حزب العمال. وقالت نائب زعيم حزب العمال هارييت هارمين ان ذلك يدل على ضرورة تدخّل الحكومة على هذا الصعيد لتعزيز التساوي الاجتماعي.
وقالت مصادر في حزب العمال ان غوردن براون بدا سعيداً أخيراً وأن الحزب يشعر بأنه لن يخسر بالضرورة الانتخابات أمام المحافظين. كما تلقى غوردن براون دعماً معنوياً بفضل عمله على إنقاذ حكومة تقاسم السلطة في ارلندا الشمالية في 5 شباط. لقد أدى براون دوراً مهمّاً في إنجاح هذا الموضوع بعدما زار مع نظيره الارلندي براين كوين ارلندا الشمالية. وحرص المصوّر الذي التقط الصور لرئيسي الوزراء مع السياسيين في ارلندا الشمالية في المقر الرسمي للحكومة في قصر هيلسبورو على إظهار براون في صورة رجل دولة.
لكنّ براون لا يزال عرضة للانتقاد بسبب لجنة شيلكوت. فالشعب في بريطانيا يشعر بتعاطف متزايد مع الرجال والنساء الشبان الذين يقاتلون ويموتون في أفغانستان ويعانون نقصاً في المعدات، لا سيما في الطائرات المروحية. ومن المرجح أن يعرف براون وقتاً عصيباً عندما يسأل عن المزاعم القائلة بأن تخفيضات الدفاع التي فرضها قد حرمت القوات البريطانية من المعدات اللازمة لمحاربة أعداء بريطانيا.
* صحافية بريطانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.