يبدو ان آرييل شارون الذي هز الخارطة السياسية في اسرائيل بتأسيس حزب جديد بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي من قطاع غزة، مصمم على رسم الحدود بين بلاده والفلسطينيين سواء كان ذلك بموافقتهم او من دونها. واجمع المعلقون السياسيون على ان شارون قد يبادر مجددا باتخاذ خطوة تشبه الانسحاب من قطاع غزة، اذا فاز بولاية ثالثة في 28 آذار مارس كما تفيد استطلاعات الرأي. لكن منذ تأسيس حزبه الجديد"كديما"الى الامام في نهاية تشرين الثاني نوفمبر يبدي شارون 77 سنة المزيد من التحفظ حول نياته السياسية بشأن النزاع مع الفلسطينيين. وهو يكتفي بقطف ثمار انفصاله عن"ليكود"بصمت، اي انضمام 15 نائباً ووزيراً الى حزبه الجديد من حزبه السابق الذي يسير في طريقه نحو التلاشي. والمؤشر الوحيد هو انه عندما طرح برنامج عمل حزبه الجديد لمح لدى حديثه عن تفكيك ممكن للمستوطنات في الضفة الغربية، الى ترسيم الحدود. وكان شارون اعلن في 21 تشرين الاول نوفمبر"عندما نصل الى المرحلة النهائية من خريطة الطريق والتي سنحدد خلالها حدود دولة اسرائيل، يحتمل ان لا تبقى بعض المستوطنات في مكانها". ومنذ ذلك الحين، تؤكد وسائل الاعلام بانتظام ان شارون انسحب من الحزب الذي أسسه ليتحرر من العراقيل التي كان"ليكود"يفرضها عليه خلال تطبيق خطة الانسحاب من قطاع غزة. لكن مسؤولا في رئاسة الحكومة نفى ذلك بشدة، مؤكدا انه"لن يكون هناك انسحاب جديد". واضاف"لكن اذا فشلت خريطة الطريق سنرى". وهكذا يتبع شارون استراتيجية غامضة تشبه تلك التي اعتمدها في الانسحاب من قطاع غزة عندما تذرع بعدم وجود طرف فلسطيني للتفاوض على هذه العملية. كذلك لم يبد الرجل الثاني في الحكومة ايهود اولمرت في حديث مع مجلة"نيوزويك"الاميركية المزيد من الدقة، وقال ان شارون"يستعد لتسوية كبيرة في الاراضي الفلسطينية لم يكن الليكود قادراً على الموافقة عليها"بدون المزيد من التوضيحات. وفي المجلة نفسها ازال احد مستشاريه المقربين كالمن غاير شيئا من الغموض الذي يكتنف نيات شارون بتصريحات سارعت رئاسة الحكومة الى نفيها قطعا. ونقلت"نيوزويك"عن غاير قوله ان شارون سيوافق على قيام دولة فلسطينية في غزة وفي تسعين بالمئة من الضفة الغربية وعلى حل توافقي بشأن القدس في مقابل السلام. وقد تشجع النتائج الميدانية شارون على المضي قدما في المبادرات الاحادية الجانب بما فيها مواصلة بناء"الجدار الفاصل"في الضفة الغربية. ورغم بعض العمليات الانتحارية، لا سيما التي استهدفت نتانيا في الخامس من كانون الاول ديسمبر واسفرت عن سقوط خمسة اسرائيليين، فان بامكان شارون ان يفتخر بالتوصل الى تقليص اعمال العنف بشكل كبير.