واصل الأمين العام للجامعة العربية لقاءاته مع مختلف الاطراف العراقية للوصول إلى تصور مشترك لمؤتمر تفضل بعض القوى ان يكون للمصالحة الوطنية، فيما ترى أخرى ان الوفاق او الحوار هو ما يحتاجه الواقع العراقي. وفيما استقبل موسى في اقليم كردستان بحفاوة اكبر من تلك التي لمسها في الجنوب، ذهب مراقبون سياسيون إلى انه يتحرك في نطاق توازنات سياسية معقدة، تشمل محورين متداخلين: الأول متشدد والآخر منفتح على مشروع المصالحة الذي يطرح بالضرورة جلوس خصوم على اختلاف انتماءاتهم الى طاولة واحدة. فيما طرحت"هيئة علماء المسلمين"شروطاً للقبول بمبدأ المصالحة او التوافق، كانت تيارات سنية اخرى ك"مجلس الحوار"و"الحزب الاسلامي"اكثر انفتاحاً تجاه المبادرة، وكذلك الحال بالنسبة الى المواقف الشيعية التي تمايزت بين تصلب زعيم"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"عبدالعزيز الحكيم ورئيس الوزراء ابراهيم الجعفري اللذين وضعا شروطاً اخرى لقبول مبدأ الحوار، وبين انفتاح جهات لعل في مقدمها رئيس الوزراء السابق اياد علاوي ووزير التخطيط السابق مهدي الحافظ. وفي اقليم كردستان ابدى الزعيم الكردي مسعود بارزاني تشدداً حيال الحوار مع بعثيين او مسلحين، وأصر على مبدأ"التوافق الوطني"بدلاً من"المصالحة"، فيما فضل الزعيم الكردي الآخر رئيس الجمهورية جلال طالباني ان تنطوي المبادرة على مؤتمر للمصالحة وليس للتوافق. ويؤكد موسى ان المبادرة التي تقدمت بها الجامعة العربية لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية نابعة من حسن نيات الدول الاعضاء تجاه العراق، مؤكداً ان مهمته نجحت وهو مرتاح الى النتائج الايجابية التي حققها، مضيفاً ان مساعده أحمد بن حلي سيعود الى العراق لمتابعة بعض التفاصيل. ورفض موسى الاتهامات الموجهة إلى الجامعة بتهميش العراق، وقال:"لا أعتقد بأن هناك تهميشاً لأي طرف، ونحن قريبون من العراق وعلى مسافة واحدة". وعن رأيه في مسودة الدستور العراقي والبنود التي تضمنتها، لا سيما تلك المتعلقة بهوية العراق، أوضح موسى ان"هوية العراق وعروبته راسخة وان لم تكتب، فالدستور لن ينشئ هوية للعراق إنما يثبتها"، معتبراً أن"ولادة الدستور تمت بصيغة توافقية وهو لا ينفي عروبة العراق على رغم وجود قوميات أخرى لعبت أدواراً متفاوتة في تاريخه وحاضره"، مؤكداً أن الجامعة تنظر إلى العراق"كلاً موحداً بجميع أطيافه وقومياته". وكان موسى ذكر في كلمة له أمام البرلمان الكردي أمس ان العراق بكل أطيافه جزء مهم من العالم العربي وان كردستان جزء مهم من الوطن العربي والشرق الأوسط. من جانبه اعلن رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري في تصريح الى الصحافيين اثناء زيارة مفاجئة لمحافظة البصرةجنوبالعراق أمس ان"الائتلاف العراقي الموحد"ابلغ موسى شروطه لحضور أي مؤتمر للوفاق، من بينها إدانة المشاركين في المؤتمر للارهاب والجرائم التي ارتكبت إبان حكم حزب البعث المنحل، وان تكون الشخصيات المشاركة ذات تاريخ وطني وان تبدي استعدادها للانصهار في العملية السياسية. وأعلن الناطق باسم الجعفري ليث كبة أن موسى مدد زيارته الى العراق لاستكمال لقاءاته في شأن عقد مؤتمر للحوار الوطني، وأكد ان الحكومة لن تتنازل عن شروطها التي أعلنتها أساساً للوفاق الوطني وأهمها الإدانة الكاملة للعنف والإرهاب وعدم إشراك القوى المتورطة في العنف ورموز النظام السابق والاحتكام الى صناديق الاقتراع ودعم العملية السياسية. ولفت الى ان"الجامعة العربية تعمل في بيئة صعبة داخل المجتمع العراقي حيث يتطلب نجاح دورها جهوداً مضاعفة وحذراً كبيراً من ارتكاب أية أخطاء يمكن أن تحسب ضدها مستقبلاً". ويلعب التضارب الكبير في وجهات النظر بين الأحزاب والقوى المتطرفة التي التقاها موسى واستمع إلى شروطها دوراً كبيراً في عرقلة مهمة الجامعة في تحقيق التوافق في البلاد سيما ما يتعلق بموقف"هيئة علماء المسلمين"التي أعلن رئيسها حارث الضاري أن ما طرحته الهيئة خلال لقائها مع موسى ليس شروطاً إنما يمثل"الأسس العامة التي يجب مراعاتها عند عقد المصالحة الوطنية". وانتقد العضو القيادي في"حزب الدعوة الإسلامية"علي الأديب، بشدة موافقة الأكراد على الحوار مع البعثيين غير المجرمين، وقال إن هذه الموافقة تأتي في إطار عدم مراعاة مشاعر العراقيين الذين ينظرون إلى البعث"على انه فكر شوفيني إرهابي لا يجوز التعامل معه او الاتصال برموزه". وأكد ان الأحزاب الشيعية"لن تسمح بعودة البعث إلى الحياة السياسية تحت أي غطاء"، وقال:"يمكننا ان نحاور البعثيين غير المجرمين إذا كانوا يمثلون السنة فقط ولن نحاورهم تحت أي مسمى آخر".