سجلت الوجوه الشابة التي تعلو محياها ابتسامة «مدروسة» حضوراً طاغياً في شوارع معظم مدن المنطقة الشرقية ومحافظاتها، في ظاهرة لافتة للنظر على مدى اليومين الماضيين. ويأتي هذا التوجه الشبابي لإظهار الرغبة التي تعتري الجيل الجديد في «فرض واقع مختلف» لمدنهم. بل شكل لجوء غالب المرشحين إلى شبكة الإنترنت، من أجل نشر برامجهم خصوصاً شبكات التواصل الاجتماعية، مثل «فيسبوك» و»تويتر»، دليل على «فكر مختلف» يحمله مرشحو هذه الدورة، في اختلاف «جوهري» مع مرشحي الدورة السابقة. وعلى رغم بدء الحملات، إلا أن تعاطي الناس مع الحدث الانتخابي لا يزال منقسماً إلى ثلاثة أقسام، فمنهم من دعم وحث على المشاركة، بل إن الفئة الشابة قادت حملات دعم وتنظيم في معظم مدن المملكة، عبر الإنترنت. فيما آثرت مجموعة المقاطعة. أما المجموعة الأخيرة، وهي التي لم تغرها التجربة الانتخابية في شيء، فانصرفت عن الانتخابات، من دون أن تشكل لها أي «هاجس»، ليتفاعلوا معه، سلباً أو إيجاباً. ويصر تركي عبدالحي، الذي أسس حملة مقاطعة الانتخابات عبر صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، على موقفه بأن «عدم تفاعل المواطنين، وخلو المراكز الانتخابية من الناخبين أثناء التسجيل، أكبر دليل على صدق ما يدعو إليه المقاطعون، لأن المجلس لا يستطيع، وفق جميع المهام والصلاحيات المتوافرة لديه الآن، إقرار مشروع واحد، أو مراقبة جدية لعقود المشاريع، بل إن المجلس سيراقب المشاريع والأعمال من خلال تقارير يتم رفعها إليه، وليس مراقبه فعلية ومباشرة حقيقية». ويرى تركي أن «المواطن يشعر أن مشاركته في هذه الانتخابات إنما هي مضيعة للوقت. كما علق على ما يقوم به الداعمون للانتخابات، بأنهم «رأوا أن المشاركة في الانتخابات البلدية عبر برامج محددة، القصد منها رفع الصلاحيات والمهام المنوطة في المجلس أمر فعال وجيد. وعن الفكرة التي يلوح بها البعض، وهي تقديم الاستقالة بعد الفوز، في حال لم يتم رفع صلاحيات المجلس، قال: «الغالبية لا يطرحون هذه الفكرة، وهي غير موجودة على أجندتهم. وتقتصر أهدافهم على التدريب على المشاركة الديموقراطية، والعمل على أرض الواقع. وهذا مرفوض، لأن التدريب على الديموقراطية والانتخابات تأتي من خلال ممارسة ومشاركة شعبية حقيقية، وليست شكلية لا قيمة لها». وعلى رغم أن معتز قطينة، وهو أحد العاملين في حملة شباب جدة، يحترم وجهة نظر المقاطعين، التي يرى أنها «تحمل هدفاً نبيلاً، لإثبات موقف»، ولكنه يرى أن «إشكالية المقاطعة تكمن في أثرها المحدود جداً». ويزعم أنها «انتهت مع انتهاء فترة تسجيل الناخبين، بعكس المشاركة الإيجابية، ذلك أن الشباب المشاركين حين يتمكنون من انتزاع مقاعد في المجلس البلدي، فإن أثرهم الفاعل سيمتد طوال فترة عمل المجلس المنتخب». ويتوقع معتز، أنه سيتم «توظيف كامل صلاحيات المجلس للحصول على نتائج إيجابية. أما مسألة رفع سقف الصلاحيات، والمطالبة بتوسعتها، وتعزيز مشاركة الرجال والنساء سوياً، فكلها أمور لا تتم من خارج المجلس، إذ علينا أن نكون في قلب الحراك، ونعمل بجد وبرؤية واضحة، لتقديم مرشحين يتحلون بالشفافية، وقادرين على التواصل مع سكان الأحياء، والتفاعل مع مطالبهم وآرائهم». وأكد قطينة أن فكرة الانسحاب «غير مطروحة، إلى الآن على الأقل، ذلك إيماناً بأن المشاركة هي ما ستصنع الفرق، ويجعلنا نتجه إلى المشاركة في شكل حقيقي وفعال، واستثمار كامل الصلاحيات، حتى نهاية فترة عمل المجلس».