يبدو أن ثقافة الانتخابات البلدية وأحقية المساهمة والمشاركة فيها باتت أمرا مستحيلا عند مجموعة كبيرة من الأشخاص، خصوصا بعد فشل أعضاء المجلس السابق في خدمة الناس والتواصل الحقيقي معهم. وقد شكل هذا العزوف وعدم الرغبة في المشاركة خطرا على مستقبل المجالس البلدية واختيار العضو الكفء لهذه العضوية، وبالتالي قد يعود الضرر على المجتمع والناس عند تولي هذا المنصب من لا يستحق من الأشخاص. ذلك استدعى خيارات عاجلة، وعملية إنقاذ من نوع مختلف نفذها مجموعة من الشباب الذين التقوا أثناء تطوعهم في كارثتي سيول جدة الأولى والثانية، وقرروا هذه المرة خوض عملية إنقاذ ثالثة ليست من السيول، ولكن من أجل تفعيل الانتخابات البلدية وتوعية الناس بأهمية المشاركة. شكل أولئك الشباب مجموعة رمزوا لها باسم «شباب جدة إلى المجلس البلدي» ونظموا برنامجا توعويا لنشر ثقافة الانتخابات البلدية، شارك فيه كل من معتز قطينة وعبدالله حميد الدين، وقرروا أن يكون لهم دور إيجابي وفاعل للمشاركة في هذه الانتخابات واستثمار المتاح من الصلاحيات التي أتاحتها المؤسسات الحكومية من أجل تفعيل الانتخابات البلدية. ويتمحور دورهم في التوعية السليمة ومشاركة الناس في العملية الانتخابية بشكل صحيح، وتوعيتهم بأهمية هذه المشاركة وتحمل المسؤولية في هذا القرار، وأن هذا الصوت يصنع فرقا، مؤكدين أنهم لا يهدفون من ذلك للترويج لأسماء معينة أو خدمة مصالح محددة. ولم تفلح كل هذه المحاولات حتى الآن في كسب عدد أكبر من المناصرين، ويأتي هذا التردد من الناس بسبب عدم وضوح الرؤية عند هؤلاء الشباب، بحسب أحد الحضور، إضافة إلى أن تجربة العملية الانتخابية التي أجريت للمرة الأولى في المجالس البلدية لم تكن ناجحة كما ينبغي، وأن الخدمات التي كان يحتاج إليها الناس لم يستطع المجلس البلدي برمته إيجاد الحلول لها، وقد أسهم هذا التوجس في عدم ثقة الحضور بأفراد المجموعة ما جعلهم يستفسرون أكثر عن كل صغيرة وكبيرة، كما أبدى الحضور حرصهم الشديد على مصلحة البلد وانتخاب أعضاء مجلس يستحقون هذا المكان لخدمة المجتمع والناس. حق المرأة من جهته، أوضح معتز قطينة، أن قرار مجلس الشورى فيما يخص إمكانية مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية جاء بعد إعلان لجنة الانتخابات البلدية أنه من حق النساء المشاركة بالتصويت والترشح، ولكن الإشكالية هي عدم وجود مواقع مجهزة لانتخابات النساء. وأضاف «تصريح مجلس الشورى باعتباره جهة تشريعية جاء لاحقا على تصريح الجهة التنفيذية التي قالت إنه من حق النساء المشاركة، فأنا أعتبر أن التصريح لا يزيد ولا ينقص ولن يغير في الموضوع شيئا». وحول دور المرأة في العملية الانتخابية أكد أنه يشبه تماما دور الرجل «لها الحق أن تشارك في الإعداد والتخطيط والنقاش وعملية التوعية، ومسألة السماح لها بالتصويت والانتخاب هذه مسألة قانونية لسنا مخولين بالحديث عنها، لكن موقف مجموعة شباب مجلس جدة أننا نطالب أن يكون للنساء دور بحيث يشاركن بالتصويت والترشح، ونحن مؤمنون أن هذا حق من حقوقهن لا بد من الحصول عليه». إشكالية وإحباط وأشار قطينة إلى أن الإشكال الذي يواجهونه في هذه الانتخابات أن «كثيرا من الناس لم يتعرفوا بشكل كاف على المجلس البلدي والدور الذي يقوم به، والسبب في ذلك أن المجلس البلدي السابق لم ينفذ المطلوب منه تحديدا، والناس أصبح عندها نوع من الإحباط ورغبة في تجاهل المجلس البلدي، لكننا نعلم جيدا أن هناك الكثير من الصلاحيات لم تستثمر والكثير من القرارات لم تستخدم وإلا لحقق المجلس البلدي السابق أهدافه وغايته». وبالنسبة للانتقادات التي طالت بعض أعضاء المجلس البلدي وإمكانية محاسبتهم من عدمها، أوضح أن «متابعة المرشح تعتمد بالدرجة الأولى على نقطتين، الأولى هي وعي الناخب بأهمية متابعة ما قام به الشخص الذي انتخبه، والنقطة الثانية المرشح نفسه الذي أصبح عضوا في المجلس البلدي هل هو فعلا حريص على مصلحة المدينة التي يقطن فيها ويخدم مصالحها؟ إضافة إلى حرصه على مصلحة المواطن وتوفير الخدمات التي يحتاج إليها». مشيرا إلى أن المجموعة تحاول من خلال هذه التوعية الوصول إلى انتخاب أشخاص أكثر شفافية ولديهم القدرة على التحدث عن أعمالهم وإنجازاتهم. المجلس لا يمثلنا أحد الحضور لم يرق له هذا الحديث، واعتبره دور وزارة الشؤون البلدية والقروية وليس الشباب، وقال خالد سليماني «الدور الذي يقوم به الشباب فيما يخص التوعية الانتخابية من المفترض أن تقوم به وزارة الشؤون البلدية والقروية، من خلال عملية توعوية على المدى الطويل، لأن هؤلاء الشباب مهما حاولوا خدمته وفق إمكانياتهم المحدودة فلن يستطيعوا فعل الكثير». وأكد سليماني أن كثيرا من الناس فقدت الثقة في أعضاء المجلس البلدي السابق، ولم يشعروا أيضا أن هؤلاء الأعضاء قاموا بشيء يصب في مصلحة الناس والمجتمع، وإحساسهم أن هذا المجلس لا يمثلهم، ولم يكن هناك أدنى تواصل بين الأعضاء والناس بدليل المشاكل التي حدثت في جدة لم نشعر وقتها أن المجلس البلدي قدم أي شيء، وتحول أمل الناس والمجتمع إلى المجموعات والفرق الشبابية التي قدمت كل ما لديها من أجل إنقاذ مدينة جدة .