عودة الى المحافظين الجدد - 2 ماذا يجمع بين بول وولفوفيتز وريتشارد بيرل وديفيد وورمزر؟ نعرف انهم من عصابة المحافظين الجدد التي تريد تدمير الشرق الاوسط خدمة لاسرائيل، الا ان ما يجمع بينهم تحديداً بعد سقوط العراق هو العداء لسورية. وولفوفيتز عندما كان نائب وزير الدفاع، أطلق حملة الادارة على سورية، فهو كان أول من اتهمها بإيواء قادة النظام العراقي السابق وامتلاك اسلحة دمار شامل، واتهم الرئيس بشار الاسد تحديداً بممارسة"عنف شديد"وقال"يجب ان يحدث تغيير في سورية". أما بيرل فأيد غارات جوية اسرائيلية على سورية سنة 2003 وقال انه"سعيد لأن سلاح الجو الاسرائيلي أوصل الرسالة الى سورية، وأرجو ان تكون الرسالة الاولى من رسائل عدة". وهو أعرب عن"أمله"بأن تضرب الولاياتالمتحدة سورية. وورمزر ليس أهم الثلاثة، الا انه ليكودي اسرائيلي حتى العظم، مثل زوجته الاسرائيلية ميراف، وهو جعل الهجوم على سورية والتحريض عليها وترويج حقارات المحافظين الجدد عن اسلحة دمار شامل علّة وجوده في الادارة. يفترض في مثل هذا المتطرف صاحب الولاء الاجنبي ألا يدخل أي ادارة اميركية، الا انه عيّن أخيراً مستشاراً لنائب الرئيس ديك تشيني ضمن موظفي الأمن الوطني مسؤولاً عن الشرق الاوسط. ما هي سياسة وورمزر؟ لا سر فيها، فاسمه ارتبط مع بيرل منذ اواسط التسعينات في التحريض على العراق ثم سورية، وفي المزايدة على بنيامين نتانياهو نفسه في التطرف، فعندما كان رئيس وزراء اسرائيل 1996 - 1999 يعمل ضمن اتفاقات اوسلو كان المحافظون الجدد يدعونه الى رفضها ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة. وقد أشرت غير مرة في هذه الزاوية الى دراسة للعصابة صدرت سنة 1996 تحت عنوان"انفصال تام: استراتيجية جديدة لحماية البلاد". وفيها دعوة لاطاحة صدام حسين ثم مهاجمة سورية وايجاد بديل لياسر عرفات. الدراسة اصبحت استراتيجية ادارة بوش بعد 11/9/2001، وبما ان الجزء العراقي منها تحقق، فإن العصابة تعمل الآن لتنفيذ الجزء السوري. وتبقى ايران الهدف النهائي، الا انها قوية جداً، والولاياتالمتحدة في حاجة الى عزل جميع حلفائها، مثل سورية، وتجريدهم من السلاح، مثل"حزب الله"، قبل مواجهتها. الدراسة دعت اسرائيل الى التحالف مع تركيا والاردن، والى توجيه ضربات لسورية من لبنان، كما ان وورمزر كتب مرة بعد مرة مطالباً بجهد أميركي - اسرائيلي مشترك ضد سورية. وقد كرر وورمزر مثل هذا الكلام سنة ألفين في دراسة اخرى تحرض على سورية، وايضاً في كتاب سنة 1999. هذا هو الرجل الذي وضعه تشيني في منصب مستشاره في شؤون الشرق الاوسط، ونستطيع ان نضمن نوع الاستشارة التي سيقدمها هذا الليكودي المتطرف، لا ان نتخيلها فقط. ونائب الرئيس وقح بامتياز. فمساعده الاول لويس ليبي استقال تحت وطأة فضيحة"بلام غيت"وهو يواجه ادعاء قضائياً رسمياً بالكذب وعرقلة سير العدالة، وكان ان تشيني اختار لخلافته مستشاره ديفيد ادنغتون، وهذا صاحب دراسة مشهورة تبيح تعذيب السجناء، كما اختار جون هانا، من العصابة نفسها، مستشاراً له للأمن القومي. مهما قلت عن وورمزر لا استطيع ان اشرح مدى خطره على الفلسطينيين وسورية وكل بلد عربي، فهو اسرائيلي بالكامل، ويريد ان تخوض الولاياتالمتحدة حروب اسرائيل في الشرق الاوسط. وقد ارتبط اسم وورمزر بمكتب الخطط الخاصة الذي انشأه دوغلاس فايث في وزارة الدفاع للطلوع بمعلومات استخبارات تؤيد خوض حرب على العراق، عندما عجزت اجهزة الاستخبارات الرسمية عن تقديم الكذب المطلوب. كذلك عمل وورمزر مستشاراً لجون بولتون في الوزارة وكان الاثنان يزايدان احدهما على الآخر في ترويج الكذب عن سورية، وفي تحريض الادارة عليها. وانتقل بولتون الى الاممالمتحدة حيث عيّنه الرئيس بوش سفيراً بقرار في وجه معارضة الكونغرس، وخلال اجازته الصيفية، كما انتقل وورمزر الى مكتب ديك تشيني ليواصل كل منهما بث سمومه ضد العرب والمسلمين جميعاً. فالعراق خطوة، وسورية خطوة اخرى، والقضية هي اسرائيل وكيف تسيطر على المنطقة في وجه غالبية هائلة من شعوب تحاول العصابة سلبها استقلالها. ارجو ان يقدر القارئ انني لا ابالغ، لأنني لا استطيع، في تصوير خطر اعتذاري اسرائيلي من نوع وورمزر على المصالح العربية، فالدراسة القديمة دعت تحديداً الى ضرب سورية وايران و"حزب الله"، واقترحت ان تساعد الولاياتالمتحدة اسرائيل. ولم تغير العصابة شيئاً من هذه السياسة بل شجعها اسقاط صدام حسين، فكل تصريحات وورمزر وبيرل وفايث منذ التسعينات وحتى اليوم تكرر المواقف نفسها. لا فرق بين أن يكون نتانياهو مستشار تشيني، أو يكون وورمزر، واذا كان من أمل في الخلاص من اذى نائب الرئيس ومستشاريه، فهو في التحقيق الذي يديره المدعي الخاص باتريك فتزجيرالد في تسرب اسم عميلة وكالات الاستخبارات المركزية فاليري بلام انتقاماً من زوجها جوزف ولسون الذي عاد من النيجر ليقول ان اخبار محاولة العراق شراء يورانيوم من هناك ملفقة. نعرف ان التحقيق اطاح لويس ليبي ويهدد كارل روف، مستشار جورج بوش او"دماغة"، غير انني قرأت ان المدعي الخاص مهتم بدور وورمزر وأن هذا وافق على تقديم معلومات لحماية نفسه. فثمة شك حول تسريبه مع بولتون اسم بلام عندما كان الاول يعمل مستشاراً للثاني في وزارة الدفاع، وأن التسريب جرى بناء على اقتراح"من فوق". شخصياً اعتقد ان التهم ستطاول تشيني نفسه في النهاية، الا انني انتظر نتائج التحقيق الرسمي. وللحديث بقية.