صعود المحافظين الجدد في إدارة بوش 13 ريتشارد بيرل: هو أكثر المحافظين الجدد ظهوراً إعلامياً وأنشطهم وأوقحهم. بيرل ملتزم التزاماً كاملاً باسرائيل، وولاؤه لها وحدها وقد حاول جهده على مدى ثلاثة عقود أن يوجه السياسة الاميركية لخدمة إسرائيل، حتى انتهت الولاياتالمتحدة وشعوب الشرق الأوسط تكرهها. وقد اعتاد بيرل أن يخلط السياسة بالعمل، وأدى نشاطه المزدوج الى خسارة رئاسة مجلس سياسة الدفاع مع بقائه عضواً فيه. وبيرل عضو في المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، وقد اعتاد أن يستغل صداقاته واتصالاته داخل الإدارة لخدمة إسرائيل فهو وثيق الصلة بنائب الرئيس ديك تشيني وبوزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونائبه بول وولفوفيتز، وهذا الأخير هو الرئيس المشارك مع بيرل للعصابة الصهيونية التي توجه السياسة الخارجية الأميركية وتعادي العرب والمسلمين. ومن حلفاء بيرل الآخرين، من أعضاء العصابة، وكيل وزارة الدفاع للسياسة دوغلاس فايث ووكيل وزارة الخارجية لنزع السلاح والأمن الدولي جون بولتون. وكان بيرل استغل رئاسته مجلس سياسة الدفاع للدعوة الى ضربة عسكرية اجهاضية ضد العراق بعد إرهاب 11 أيلول سبتمبر، وأبدى عداء شديداً للأمم المتحدة ودورها وكتب مقالاً صحافياً مرة كان عنوانه "الحمد لله على موت الأممالمتحدة". ولد بيرل عام 1941 في نيويورك، وهو يحمل شهادة ماجستير في العلوم السياسية من جامعة برنستون، وعمل في السبعينات للسناتور هنري جاكسون المعادي للشيوعية والمؤيد لإسرائيل. وشغل بيرل بين 1981 و1987 منصب مساعد وزير الدفاع لسياسة الأمن الدولي، وهو ينشط في مراكز بحث كثيرة للمحافظين الجدد، مثل معهد أميركان أنتربرايز، كما عمل في السابق في شركة "لوبي" يديرها دوغلاس فايث، وكيل وزارة الدفاع الآن. وساعد بيرل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتانياهو، وشارك عام 1996 في كتابة التقرير "انفصال تام" الذي أشرت إليه في الحلقات السابقة. وبين مناصب بيرل الآن مستشار مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات التي أنشئت بعد إرهاب 2001 لمكافحة الإرهاب. ولبيرل نشاط كبير في مجال "البزنس" وعلاقاته بشركات كثيرة معروفة وتضيق عنها هذه العجالة، فأبقى مع نشاطه السياسي وأفكاره التي عبر عنها في مقدمة كتبها لكتاب ديفيد وورمزر عن العراق وأكد فشل سياسة ضمان الاستقرار السياسي وعبر تحمل الطغيان أو عدم ظهور الولاياتالمتحدة بمظهر القوة منعاً لاستعداء شعوب المنطقة عليها. وقد ألف بيرل كتاباً بعنوان "إعادة صوغ الأمن الغربي" عام 1991، وكتاباً السنة التالية بعنوان "موقف متشدد" عن سنوات عمله في إدارة ريغان. وقبل بيرل في أواسط 2001 دعوة من دونالد رامسفيلد ليترأس مجلس سياسة الدفاع، واجتذب انتباهاً بالغاً في تموز يوليو من السنة التالية عندما دعا لوران مورافيتش، وهو يهودي مثله ومحلل في مؤسسة راند، للحديث في المجلس عن المملكة العربية السعودية. ونشرت "واشنطن بوست" الحديث الذي سرب اليها في الثامن من آب اغسطس، وشمل اتهام السعودية بتأييد الإرهاب على كل مستوى، واقتراح ان تستهدف الولاياتالمتحدة آبار نفط السعودية وأموالها وأماكنها المقدسة إذا لم تتوقف عن معاداة إسرائيل. وأكد وزير الخارجية كولن باول للأمير سعود الفيصل أن كلام مورافيتش لا يمثل السياسة الأميركية، ونأى رامسفيلد بنفسه عن الموضوع، في حين قال بيرل انه لم يكن يعرف مسبقاً ما سيقول الباحث. واستقال بيرل في 27 آذار مارس الماضي من رئاسة مجلس سياسة الدفاع بسبب قضيتين اختلط فيهما العمل التجاري مع السياسة: الأول عندما تبين ان بيرل يعمل لشركة غلوبال كروسنغ المفلسة في محاولتها أن تحصل على موافقة وزارة الدفاع لبيعها الى مستثمرين من الشرق الأقصى. وقد وُعِد بيرل بالحصول على 600 ألف دولار، إضافة الى مرتبه البالغ 125 ألف دولار. والثاني كشف الصحافي سايمور هيرش أن بيرل اجتمع مع اثنين من رجال الأعمال السعوديين، هما حرب الزهير وعدنان خاشقجي في الثالث من كانون الثاني يناير الماضي في مرسيليا طلباً لإدخال مستثمرين في شركة ترايريم التي تتعامل مع شركات تقدم خدمات وبضائع تهم الأمن الداخلي والدفاع. وقدم بيرل استقالته الى رامسفيلد قائلاً انه يدرك ان الجدل القائم سيصرفه عن الاهتمام بعمله. وتضيق هذه العجالة عن الإحاطة بنشاط بيرل في خدمة اسرائيل، والواقع ان افضل ما كتب عنه لا يزال كتاب "شبكة ارمجدون" للصديق مايكل سابا، فهو فضح خدماته لإسرائيل وتعاونه مع ستيفن بريان الذي ضبطه مايكل سابا، وهو يعرض وثائق عن القواعد السعودية على وفد إسرائيلي زائر. بيرل متزوج من ليزلي بار التي تشاركه سياسته، وهي عملت في وزارة التجارة عام 1989، فنشطت ضد شراء أي نفط ليبي. أما بيرل فطالب بحلف أميركي - تركي - إسرائيلي وهو في الحكم، وأسس لوبي لهذا الغرض وقبض 231 ألف دولار أجراً على جهده. إلا أنه يبقى صاحب ولاء واحد لإسرائيل على حساب بلاده، وكل حساب آخر. وأكمل غداً.