تواصلت تداعيات الأزمة الانتخابية في العراق، وبرزت محاولات شيعية وكردية لتطويق التهديد السنّي بالانسحاب من العملية السياسية في ظل اتهامات بالتزوير في نتائج التصويت. وانتقلت الاعتراضات السنّية وقائمة اياد علاوي التي تضم عدداً كبيراً من الأحزاب العلمانية الليبرالية الى الشارع بعد يومين من انعقاد جلسة مغلقة لممثلي القوى السياسية الرافضة لنتائج الانتخابات، وعقدت القائمتان مؤتمراً صحافياً في بغداد أمس شاركت فيه أحزاب أخرى خسرت في الانتخابات، لإعلان تشكيل حركة"مرام"التي ستتبنى مطالبة المجتمع الدولي بالتحقيق في النتائج. وتنطلق اليوم مسيرة احتجاجاً على نتائج الانتخابات ينظمها السنّة بعد صلاة الظهر من جامع عمر المختار في حي اليرموك في بغداد، وكانت الموصل شهدت الخميس تظاهرات مماثلة قادتها الأحزاب المنضوية في جبهة"التوافق العراقية"السنّية. وقال سياسي سني بارز، مفضلاً عدم ذكر اسمه، ل"الحياة"إن"الاجتماع الذي عقد الأربعاء في مقر حركة الوفاق الوطني بزعامة علاوي، وبحضور جبهة التوافق وقائمة صالح المطلك، تمهيداً لعرض الاحتجاج على المجتمع الدولي، جعلت قادة الائتلاف الشيعي يطرحون تشكيل حكومة بمشاركة كل الأطراف". وأوضح ان وفداً من حاجم الحسني المرشح في قائمة علاوي رئيس الجمعية الوطنية الحالي، وبرهم صالح وزير التخطيط كردي وموفق الربيعي مستشار الأمن القومي، قابل عقب اجتماع أمس رئيس القائمة السنّية عدنان الدليمي. وأعقب ذلك اتصال هاتفي بين الربيعي وطارق الهاشمي الأمين العام ل"الحزب الاسلامي"لاحتواء الأزمة. وزاد أن"القائمة السنّية رفضت إجراء أي حوار لتقريب وجهات النظر حول نتائج الانتخابات قبل حسم الطعون التي تقدمت بها قائمة علاوي الى المفوضية العليا للانتخابات، وبخلاف ذلك فإن القوى المعترضة على نتائج الانتخابات ستطالب بإعادتها، مهددة بالانسحاب من العملية السياسية برمتها". وأوضح السياسي السنّي أن"مساعي قائمة الائتلاف تندرج ضمن إطار لعبة المصالح المتبادلة، وتقاسم السلطة، خصوصاً الوزارات الأمنية الدفاع والداخلية والأمن القومي ووزارتي المال والنفط التي تمنح أي جهة سياسية تحصل عليها القوة والثروة"، وأكد أن"رئيس الجمهورية جلال طالباني يبذل جهوداً حثيثة لوقف الأزمة السياسية، وما يرافقها من تدهور أمني"، وأنه"اقترح على الفرقاء السياسيين إسقاط 25 في المئة من أصوات الائتلاف لمصلحة القائمة السنّية وقائمة اياد علاوي". وأكد ايضاً أن التيار الصدري، الذي يقوده الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، يضغط داخل"الائتلاف"لتطويق الأزمة. وأشار الى ان"الإدارة الأميركية تحاول الخروج من المأزق العراقي، وهي تدرك ان انسحاب السنّة من العملية السياسية يعني استمرار العنف". وحذر"الحزب الاسلامي"من"احباط كبير يسود الشارع السنّي قد يؤدي الى ترجيح كفة موقف المسلحين"، لكنه نفى وجود اتصالات بين القوى المشككة في نتائج الانتخابات وقائمة"الائتلاف". وقال نائب رئيس الحزب اياد السامرائي ل"الحياة"إن"الحماسة السنّية للعملية السياسية قد تنحسر بسبب نتائج التصويت". واضاف:"اخشى ان يقود هذا الاحباط في الشارع السنّي الى تصعيد اعمال العنف، وهو أمر تتحمل مسؤوليته القوى المسؤولة عن التزوير". ونفى وجود أي اتصالات بين القوى المشككة في نتائج الانتخابات وقائمة"الائتلاف"بزعامة عبدالعزيز الحكيم. وقال إن"الائتلاف أبلغنا انه مقتنع بهذه النتائج، لأنها تعبير عما في صناديق الاقتراع". في السياق ذاته، جاء في بيان سياسي أصدره"الائتلاف"في بغداد انه سيتعامل بشفافية وجدية مع ملف الشكاوى، وأضاف البيان:"ان الائتلاف سيسعى للحوار مع القوائم الفائزة الى تشكيل الحكومة العراقية". وتابع انه"سيعمل على ترتيب البيت الداخلي قبل بدء عمل مجلس النواب". وأكد محمد أمين الدلوي، مسؤول الفرع الخامس في"الحزب الديموقراطي الكردستاني"بزعامة جلال طالباني"الجهود التي يبذلها رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة وحدة وطنية". وقال ل"الحياة"إن"القيادات الكردية تسعى الى حكومة ائتلافية بين الاكراد والشيعة والسنّة والاقليات بغض النظر عن حجم أي فئة في البرلمان، بما يخدم المصلحة العامة". وأضاف ان الاكراد مقتنعون"بضرورة تقديم تنازلات لمصلحة التوافق السياسي والاستقرار الأمني، وهم يدفعون العرب من الشيعة والسنّة الى تقديم بعض التنازلات"، مشيراً الى ان"التحالف الكردستاني"مستعد للتحالف مع أي جهة"وليس لديه مانع في ائتلاف ثنائي أو ثلاثي أو رباعي لتشكيل الحكومة". وكان طالباني أكد في بيان صحافي صدر عن مكتبه في بغداد"أهمية تشكيل حكومة ممثلة للأطياف العراقية المتمثلة في القوائم الفائزة في المجلس النيابي". الى ذلك، أكدت"هيئة علماء المسلمين"عدم اعترافها بنتائج التصويت. وقال عضو الهيئة الشيخ محمد الصميدعي ل"الحياة"إن"ما تطلبه الأحزاب السنّية من إعادة الانتخابات لن يؤتي بثمار ناجحة ما لم تجر هذه الانتخابات في ظروف أمنية جيدة وباشراف جهات دولية محايدة". وأكد أن"الطعون لن تخلق حكومة شرعية مئة في المئة". وزاد أن"انسحاب السنّة من العملية السياسية سيخلق كارثة أقوى مما كانت عليه بعد رفضهم المشاركة في الانتخابات السابقة". وشدد على ثلاثة حلول ل"تطويق الأزمة: إما تشكيل حكومة توافقية بغض النظر عن نتائج الانتخابات، أو إعادتها في ظروف أحسن، أو تشكيل الحكومة من التوافق السنّي والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني". من جهته، قال إبراهيم الجنابي، الناطق باسم القائمة"العراقية"بزعامة علاوي، إنه"فضلاً عن قائمته والقائمتين السنّيتين، فإن أحزاباً كثيرة شاركت في الانتخابات تطعن بالنتائج، من بينها"شمس العراق"برئاسة ملك دوهان الحسن، و"القوى الوطنية"برئاسة حازم الشعلان، و"المؤتمر الوطني"بزعامة أحمد الجلبي و"التحالف الوطني الديموقراطي"برئاسة عزيز الياسري، وكيانات أخرى خسرت في الانتخابات". وأضاف أن"جميع القوى المعترضة اجتمعت تحت لواء حركة مرام التي تعني المؤتمرون المعترضون على الانتخابات المزورة". وأكدوا رفضهم لنتائج الانتخابات، مطالبين بإلغائها وتشكيل هيئة دولية للتحقيق في الخروقات، والتهيئة لانتخابات بديلة، محملين المفوضية العليا للانتخابات مسؤولية الخلل الذي رافق العملية الانتخابية ومطالبين بتعليق عملها وصلاحياتها. وقال رئيس"جبهة الحوار الوطني"صالح المطلك:"حذرنا من انتخابات تجري من دون مراقبة دولية". وأوضح:"لا نقف ضد قائمة بعينها ولكننا ضد التزوير بشكل عام ولا نريد ان نكون شهود زور في برلمان مبني على التزوير". وزاد ان"السنّة فائزون في الانتخابات بمقاعد، ولكن العراق خسر لأن الديموقراطية لن تنجح". وهدد رئيس"المجلس الوطني لوحدة العراق"وزير الكهرباء في حكومة علاوي، ايهم السامرائي، باللجوء الى"العصيان المدني في كل مناطق العراق"، مؤكداً أن"التظاهرات التي ستبدأ غداً ستستمر الى حين كشف ملابسات الانتخابات". على صعيد ذي صلة، ذكرت مصادر مطلعة في مكتب ديالى للمفوضية العليا للانتخابات في تصريحات صحافية امس أنه تم إلغاء أكثرَ من 15 ألف صوت لمصلحة قائمة"جبهة التوافق"تم تحويلها لمصلحة قائمة"الإئتلاف الموحد".