عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد؟ كان الغائب الاكبر عن احتفال عيد الاستقلال الاول في لبنان بعد خروج القوات السورية منه الرئيس الشهيد رفيق الحريري أحد آباء الاستقلال الجديد للبنان. كفاحه ثم اغتياله أخرجا الجيش السوري من لبنان. فعندما راهن قبل اغتياله بقليل على خروج الجيش السوري من لبنان قال بابتسامته المعهودة وهو جالس في صالون قصره في باريس:"ستشهدين اني ووليد جنبلاط والبطريرك صفير سنخرجهم من لبنان. سيأخذ الامر بعض الوقت ولكنهم سيخرجون، ربما خلال ستة اشهر". كان ذلك في كانون الثاني يناير من 2004، شهر قبل اغتياله. فخرج الجيش السوري من لبنان قبل ستة اشهر وذلك بفعل تداعيات اغتياله. كم كان مشهد العرض العسكري برئاسة اميل لحود سوريالياً: رئيس جمهورية رمز للنظام السابق وممارساته ومعوّق مسيرة الرئيس الحريري للاصلاح، الى جانبه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي يسعى كما قال في رسالته امس الى الرئيس الشهيد الى الاستمرار على خطاه ونهجه وينظر الى لبنان الذي عمل من أجله عندما مُنِع من انجازه. فالوفاء لذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولذكرى الشهيدين سمير قصير وجورج حاوي والشهيدين الحيين مروان حمادة ومي شدياق ينبغي ان يؤدي الى تعزيز مسيرة الاستقلال واستكمالها. اغتيال الحريري أتاح تنفيذ جزء من القرار 1559 الذي ادرجته فرنسا والولايات المتحدة والاسرة الدولية من اجل استقلال لبنان، وهدف فرنسا الوحيد في القرار 1559 كان اخراج القوات السورية من لبنان وعودة السيادة والاستقلال اليه. وكان الرئيس الحريري قائداً لمسيرة تحرير لبنان من النفوذ السوري الذي أعاق كل ما حاول القيام به من أجل انهاضه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. فبعد مراعاة ومسايرة طويلتين للشقيقة سورية لاحظ الحريري أنه لا يمكن لبنان ان يستمر"عبداً مأجوراً"للشقيقة، لذا كافح من أجل تحريره، مع أصدقائه وفي طليعتهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي عمل ويعمل من أجل استعادة لبنان استقلاله وسيادته. ولا تزال الممارسات السورية في لبنان تحاول اشاعة التوتر بين اللبنانيين، عبر توجيهات لاصدقائها في لبنان كي يتصدوا لمسيرة تعزيز الاستقلال والسيادة. وبقاء الرئيس لحود في موقعه اساسي في هذه الخطة. فيما يعيش الوضع الداخلي المسيحي مأزقاً بالنسبة الى بقاء الرئيس لحود، فالبطريرك الماروني نصرالله صفير حذر جداً والعماد ميشال عون يدافع عن بقاء لحود في الرئاسة على رغم انه ينفي ذلك، لكن موقفه القائل بأنه إما يصبح هو رئيساً أو يبقى لحود في الرئاسة فيمثل دفاعاً عن بقاء الاخير الذي كثيراً ما كان عون ينتقده ويحمل عليه من منفاه. أما الاسرة الدولية فتتساءل اليوم كيف تعقد مؤتمراً لدعم لبنان مع بقاء لحود في الرئاسة. فالمطلب الرئيسي للمؤتمر الدولي الذي ينبغي ان يساعد لبنان على النهوض هو ان تتمكن الجبهة الداخلية المتمسكة باستقلال لبنان وسيادته من التوحد لانتخاب رئيس جديد للبنان ومن اتخاذ قرارات صعبة باتجاه الاصلاح. فمهمة السنيورة الذي يتمتع بشعبية واسعة حالياً في لبنان، ان يتمكن من اتخاذ القرارات الصعبة، لانقاذ اقتصاد لبنان. وكم كان مطلوباً ايضاً ان تسمح الاوضاع الامنية بحضور نجل الرئيس الشهيد سعد الحريري على الارض في ذكرى استقلال لعب والده دوراً اساسياً فيه. فالأمل بأن تسمح الاوضاع الامنية بعودته لأن لا شك ان سعد الحريري له مسؤولية كبرى في استكمال دفع نهج مسيرة والده التي يقوم بها حالياً وبشكل جيد الرئيس السنيورة.