تمر الذكرى 62 لاستقلال لبنان الثلثاء المقبل وسط مفارقات كثيرة، وفي ظل قرار قوى سياسية عدم المشاركة في فعاليات المناسبة التي يترأسها رئيس الجمهورية إميل لحود، بعد نقاش كان حصل في محيط رئيس الحكومة فؤاد السنيورة حول إمكان الحضور نظراً الى ان القوى السياسية التي يمثلها، مع حلفائها تدعو لحود الى التنحي، وانتهى الى قرار من رئيس الحكومة بالمشاركة في العرض العسكري الذي يقام بعد غد الثلثاء وفي حفل الاستقبال التقليدي الذي يقيمه لحود في المناسبة في القصر الجمهوري في بعبدا. ومن المفارقات ان لحود تلقى برقية من الرئيس الأميركي جورج بوش هنأ فيها"الشعب اللبناني"للمناسبة. وجاء في برقية بوش:"لمناسبة عيد الاستقلال في لبنان، يسرني أن أتقدم بالتهنئة الى الشعب اللبناني على الانجازات اللافتة التي حققها خلال العام الحالي، لجهة تقوية الاستقلال اللبناني وتعزيزه.وانني أعلم ان المسيرة لم تكتمل بعد، لكنني أؤكد لكم ان الشعب الأميركي سيستمر في دعم الشعب اللبناني في جهوده لبناء بلد حر ديموقراطي، ومزدهر". كذلك، أبرق مهنئاً رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية هورست كولر الذي أكد ان بلاده، ستواصل دعمها لاستقلال لبنان وسيادته. وأن"لبنان الديموقراطي والمستقر سيؤثر تأثيراً إيجابياً في المنطقة"، كما أكد"ان علاقات الصداقة الطيبة والوثيقة الرابطة بين بلدينا ستزداد في المستقل متانة ورسوخاً". وتلقى لحود برقيات تهنئة أيضاً من ملكة الدنمارك مرغريت، ورئيس مالاوي بينغو موتاريكا. وكان حضور السنيورة وعدد من الوزراء الذين يمثلون الغالبية النيابية المعارضة لبقاء لحود في سدة الرئاسة، خضع لتقويم خلال الأسابيع الماضية بسبب اعتقاد بعضهم أن الحضور في ظل مقاطعة عدد من الدول والسفارات للحود في الاتصالات واللقاءات وزيارات الموفدين قد يؤدي الى تعويم لحود، في ظل المطالبة المستمرة بتنحيه بسبب رفضهم التمديد له أساساً وبسبب ما يرونه مسؤوليته المعنوية عن عمل قادة الاجهزة الأمنية الموقوفين بتهمة المشاركة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وبعد تقويم الموقف، رجّح السنيورة، الذي كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري ربط مشاركته في الاحتفالين بمشاركة رئيس الحكومة، فكرة الحضور خصوصاً ان البعثات الأجنبية للدول الرئيسة، ستشارك بعضها ليس على مستوى السفراء بل على مستوى القائمين بالأعمال أو أقل على رغم موقفها السلبي من لحود السفير الأميركي في إجازة خارج البلاد. كما ان السنيورة فضل الحضور والتصرف في شكل طبيعي، بحسب مصادر وزارية نظراً الى ان المناسبة ليست لحود بل للبلد، وانه طالما يشارك هو وسائر الوزراء مع لحود في جلسات مجلس الوزراء ويجتمع به في شكل طبيعي لتسيير شؤون الدولة، فلا مانع من أن يشارك في الاحتفالات التي يترأسها في الاستقلال. هذا فضلاً عن ان رئيس الحكومة يريد تفادي أي ملاحظة من أي جهة في الوسط المسيحي قد تعتبر ان عدم مشاركته في مناسبة كهذه قد يمس موقع الرئاسة بغض النظر عن لحود، في ظل غياب قرار مسيحي اجماعي وواضح حتى الآن بالدعوة الى تنحيه. وعليه فإن بري الذي سيعود من زيارة الى الكويت، سيشارك والسنيورة في العرض العسكري وحفل الاستقبال. الا أن بعض النواب والوزراء غادر البلاد إما في اجازة لحضور مؤتمرات في الخارج من أجل تجنب المشاركة، ومنها مؤتمر اغترابي استثماري في جزيرة كوراسو في الكاراييب الذي يشارك فيه الوزير مروان حمادة والنائب سعد الحريري وغيرهما...إلا ان السنيورة سيضع باقة ورد على ضريح الشهيد الحريري. وسيفعل ذلك أيضاً بعض رموز الغالبية النيابية ومنهم النائب وليد جنبلاط. ووزعت دوائر قصر بعبدا أمس برنامج الاستقبالات، فيما دعا النائب سمير فرنجية والنائبان السابقان فارس سعيد ومنصور غانم البون في بيان مشترك القوى"وفاء لإرادة اللبنانيين وتضحياتهم، الى عدم المشاركة في احتفال بعبدا مساهمة منها في إنهاء الازدواجية القائمة وإعادة الاعتبار الى مركز رئاسة الجمهورية، الذي أصيب إصابات خطيرة بعد دخول لجنة التحقيق الدولية قصر بعبدا وقرارها بتوقيف أقرب معاوني الرئيس بتهمة المشاركة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري". وتحدث البيان عن"الازدواجية القائمة في السلطة بين بقايا النظام الأمني الذي تأسس على أثر جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رينيه معوض يوم الاستقلال العام 1989 وبين الذين عملوا على استعادة الاستقلال بدءاً من العام 2000 يوم تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي وصولاً الى العام 2005 مع خروج الجيش السوري منه". ورأى النواب ان"بقاء هذا الرمز للنظام الأمني قابعاً في بعبدا ينتقص من قيمة الاستقلال ويدفع بالرئاسة الى عزلة خطيرة وغير مسبوقة، ما يهدد مبدأ المشاركة في الحكم". وينتظر أن تشهد المناسبة نشاطات موازية للنشاطات الرسمية لتمييز مواقف القوى السياسية نفسها عن هذه النشاطات منها تظاهرة طالبية تتجه نحو ضريح الحريري.