تسارعت ردود الفعل الداخلية والخارجية على الاضراب عن الطعام الذي شنه ثمانية من قادة الأحزاب والجمعيات الأهلية اعتباراً من الثلثاء الماضي، وسط استعداد"التجمع الدستوري الديموقراطي"الحاكم لعقد دورة مهمة للجنته المركزية اليوم. وفي أكبر خطوة موحدة بين احزاب ومنظمات أهلية وضع القادة الثمانية المضربون ثلاثة أهداف لحركتهم تتمثل بالترخيص للجمعيات والأحزاب التي تسعى الى العمل في إطار القانون و"رفع القيود المفروضة على الجمعيات والأحزاب المرخصة وفي مقدمها جمعية القضاة ونقابة الصحافيين ورابطة حقوق الإنسان"، إضافة الى"رفع الرقابة عن المطبوعات والانترنت وفتح الإعلام السمعي والبصري في وجه المجتمع المدني". كذلك طلبوا بسن عفو عام و"الافراج الفوري عن كل السجناء السياسيين"وغالبيتهم من الإسلاميين. وفيما قدرت منظمات حقوقية دولية عدد سجناء الرأي في البلد بأكثر من خمسمئة سجين، بينهم عشرات من الشباب الذين لوحقوا بسبب دخولهم الى مواقع"متطرفة"على الانترنت، تنفي السلطات وجود سجناء سياسيين لديها وتعتبر هؤلاء مجرمي حق عام. وقالت مصادر رسمية إن الاضراب عن الطعام يرمي الى"التشويش على قمة المعلومات"التي تستضيفها تونس أواسط الشهر المقبل والتي يُتوقع أن يحضرها 16 ألف مشارك من كل البلدان، بما فيها إسرائيل التي سيقود وفدها وزير الخارجية سيلفان شالوم. غير أن المضربين انتقدوا"الخيار الأمني المنهجي الذي يواجه به النظام مكونات المجتمع المدني والأحزاب"، وأكدوا في بيان أنهم اختاروا"المقاومة السلمية"بالاضراب المفتوح. ويشارك في الحركة، التي لاقت دعماً من أحزاب وهيئات تونسية، كل من المحامي أحمد نجيب الشابي الأمين العام ل"الحزب الديموقراطي التقدمي"والمحامي عبدالرؤوف العيادي نائب رئيس"حزب المؤتمر من أجل الجمهورية"غير مرخص له الذي يقوده من الخارج الطبيب منصف المرزوقي وزعيم"حزب العمال الشيوعي"غير مرخص له حمة الهمامي والقاضي المعزول مختار يحياوي رئيس"مركز تونس للدفاع عن استقلال القضاء والمحاماة"والمحامي عياشي الهمامي منسق لجنة الدفاع عن المحامي المعتقل محمد عبو ورئيس نقابة الصحافيين لطفي حجي ورئيس الجمعية الدولية للدفاع عن السجناء السياسيين غير مجازة المحامي محمد نوري والناشط الحقوقي سمير ديلو وهو سجين إسلامي سابق. وأعلن الأمين العام ل"التكتل الديموقراطي من أجل العمل والحريات"مجاز لكنه غير ممثل في البرلمان الدكتور مصطفى بن جعفر دعم حزبه"الكامل"لطلبات المضربين، وحمّل في بيان السلطات"مسؤولية انسداد آفاق العمل السياسي والجمعياتي في البلد باستمرارها بمحاصرة المجتمع المدني والعمل على شلّ قدراته". ورأى"اللقاء الاصلاحي الديموقراطي"الذي يتزعمه الكاتب خالد الطراولي ان الاضراب"صيحة فزع وانتفاضة كرامة". وحض المعارضة على"نبذ كل خلافاتها... وتصوراتها والوقوف صفاً واحداً في هذه اللحظة التاريخية التي تشكل فرصة مهمة في مسار التغيير الذي لن تتأخر بشائره". ولم يقتصر الدعم الذي لقيه المضربون على الأحزاب وانما شمل منظمات أهلية في مقدمها رابطة حقوق الانسان ونقابة المحامين. وقال نقيب المحامين عبدالستار بن موسى ان النقابة"تساند أهداف الاضراب التي ترمي لاجتراح عفو عام والترخيص للجمعيات والأحزاب التي ترغب بالعمل الشرعي". الا ان مصادر طبية أبدت مخاوف على صحة المضربين، الذين يراوح سنهم بين 40 سنة و63 سنة وبعضهم سُجن في الماضي أو اخضع لعمليات جراحية، وسط توقعات باستمرار الاضراب حتى بدء قمة المعلومات في 16 الشهر المقبل. ولاحظ مراقبون ان اجتماعات اللجنة المركزية للحزب الحاكم والتي أفيد انه سيخصصها لدرس"تطوير خطابه السياسي وتجسيد خطة الاصلاحات الديموقراطية التي اعتمدتها القمة العربية قبل الاخيرة في تونس"، يمكن ان تشكل فرصة لاعلان مبادرات تستجيب طلبات المضربين.