رأت أوساط سياسية في معاودة بناء تحالفات جديدة بين الفاعليات الحزبية في المغرب، مؤشراً لجهة استباق الانتخابات الاشتراعية لعام 2007. وعلى رغم ان الاستحقاق ما زال بعيداً، فإن المعطيات السياسية الحالية المتمثلة في الجدل حيال تفعيل دور رئيس الوزراء وإمكان تعيينه من الغالبية النيابية، وكذلك إقرار قانون جديد للأحزاب، إضافة إلى معاودة تشكيل الخريطة السياسية، تدفع في اتجاه ترتيب التحالفات الحالية والمستقبلية، خصوصاً أن العاهل المغربي الملك محمد السادس دعا في خطاب افتتاح البرلمان إلى بناء أقطاب سياسية محورية موزعة بين الغالبية والمعارضة والوسط. وجاء إعلان أحزاب"التحالف الوطني"انضمام حزبين جديدين هما"الشورى والاستقلال"و"الحركة الديموقراطية الاجتماعية"إلى التكتل الذي يضم"الحزب الوطني الديموقراطي"و"الإصلاح والتنمية"و"مبادرة المواطنة والتنمية"في الاتجاه ذاته. في حين توالت الاتصالات بين الأحزاب الرئيسية في الائتلاف الحكومي، وتحديداً"الاستقلال"و"الاتحاد الاشتراكي"ضمن ما يُعرف ب"الكتلة الديموقراطية"التي كانت تضم أحزاب المعارضة قبل انتقالها إلى الحكم عام 1998، بهدف تفعيل دور الكتلة التي يصرح قياديوها بأن الفتور اعتراها فعلاً، لكنها ما زالت قائمة على صعد التنسيق الحكومي والحزبي. ويشار في هذا السياق إلى أن المؤتمر المقبل ل"الاتحاد الاشتراكي"الذي يتزعمه وزير الاسكان محمد اليازغي المعول على انعقاده في ربيع العام الجاري، سيكون حاسماً لجهة بناء التحالفات واستخلاص مواقف جديدة سبق لزعيم الحزب أن حددها في درس طرق تفعيل دور رئيس الوزراء ومهماته، وطرح تجربة إقامة برلمان من غرفتين ومجالات الإصلاحات الدستورية المطلوبة. التطورات البارزة في صوغ التحالفات الراهنة والمحتملة تكمن في رأي أكثر من مراقب في النزوع نحو إقامة تكتلات جديدة. وبعد أن كانت الخريطة تقتصر على تحالفي"الكتلة الديموقراطية"و"أحزاب الوفاق"قبل مجيء حكومة التناوب التي رأسها زعيم الاتحاد الاشتراكي السابق عبدالرحمن اليوسفي عام 1998، ثم بعض أحزاب الوسط واليسار، أصبح وارداً أن تتشكل التحالفات المقبلة من خمسة تيارات على الأقل، قد تضطر إلى تقريب المسافات بين حدودها الايديولوجية والسياسية وفق المعطيات. فمن جهة، هناك تحالف"الكتلة الديموقراطية"الذي أبدى المزيد من الانفتاح على أحزاب اليسار بهدف حيازة دعمها. ومن جهة ثانية هناك تحالف"اتحاد الحركات الشعبية"ذات الميول الأمازيغية التي تجمع أربعة أحزاب تشارك في الحكومة الحالية، وكانت ترغب، نتيجة قوتها العددية في البرلمان، بأن تحظى بحضور أكبر في الحكومة. بينما يقف"التحالف الوطني"الجديد على الطرف الآخر، لكن في غياب"الاتحاد الدستوري"الذي كان عنصراً أساسياً في تحالف"الوفاق"السابق، وأفقده انضمام"الحركة الشعبية"إلى الحكومة رافداً سياسياً، خصوصاً في ضوء تزايد الانتقاد لأحزاب المعارضة التي لم تقدر، في رأي كثيرين، على الافادة من تأقلمها خارج الحكومة والإدارة، ما يعني الرهان على فصيلي التيارات الإسلامية واليسارية للقيام بهذا الدور. ويلاحظ في هذا السياق أن حزب"العدالة والتنمية"الإسلامي المعارض لحكومة رئيس الوزراء التكنوقراطي يكاد ينفرد بنفوذ معارض إلى جانب أحزاب يسارية مثل"المؤتمر الوطني"و"تحالف اليسار"واتجاهات انشقت عن"الاتحاد الاشتراكي"في مؤتمره الثالث قبل حوالي ثلاث سنوات. إلا أن الملامح العامة للتحالفات لن تكتمل في غير سياق التطورات السياسية المقبلة.