عقدت الحكومة المغربية الجديدة برئاسة السيد ادريس جطو أمس أول اجتماع لها منذ تعيينها الخميس الماضي. وقالت مصادر رسمية ان جدول أعمال الاجتماع عرض مضمون البرنامج الحكومي الذي سيعرض أمام البرلمان تمهيداً للتصويت على نيل الثقة. وتدعم الحكومة الغالبية النيابية التي تضم ستة أحزاب هي "الاتحاد الاشتراكي" و"الاستقلال" و"تجمع الأحرار" و"التقدم والاشتراكية" و"الحركة الشعبية" و"الحركة الوطنية الشعبية". وبدا ان حزبين يساريين على الأقل سينضمان الى المعارضة التي يقودها "العدالة والتنمية" الاسلامي، اضافة الى "الاتحاد الدستوري" و"الوطني الديموقراطي"، وهما "جبهة القوى الديموقراطية" و"اليسار الاشتراكي الموحد". لكن اختيار الحزبين ما زال موضع مشاورات سياسية. ورجحت مصادر حزبية ان يكون عدم تعيين أي منتسب الى الحزبين، اضافة الى "الاشتراكي الديموقراطي" في حكومة ادريس جطو، وراء اختيار المعارضة، لكن من غير قيام أي تحالف مع بقية الأحزاب المعارضة الأخرى. وبدأ في غضون ذلك تململ في قواعد وبعض قيادات الأحزاب المشاركة في الحكومة نفسها. فقد اتهمت أوساط في "الاستقلال" زعيم الحزب السيد عباس الفاسي بأنه "لم يكن مفاوضاً جيداً مع رئيس الوزراء المعين"، في اشارة الى عدم اسناد قطاعات حيوية الى الحزب على رغم انه استأثر بثمانية مناصب وزارية. ولمحت المصادر الى تذمر وسط "شباب الحزب" نتيجة تعيين اشخاص في الحكومة "كان حضورهم الحزبي أقل فعالية" عدا عن أن بعضهم "يتحدر من عائلات متنفذة" داخل الحزب. كذلك ساد استياء داخل "تجمع الأحرار" عبّر عنه قياديون في الحزب من خلال تجميد نشاطهم "احتجاجاً على طريقة توزيع الحقائب الوزارية". والحال ان "الاتحاد الاشتراكي" نفسه لم يسلم من انتقادات داخلية. لكن في مقابل ذلك وجه مسؤولون في "تحالف الوفاق" السابق الذي كان يضم "الاتحاد الدستوري" و"الحركة الشعبية" و"الوطني الديموقراطي" انتقادات الى موقف "الحركة الشعبية" التي اختارت فك ارتباطها مع "الوفاق" وانضمت الى حكومة رئيس الوزراء. وبدا لأكثر من مراقب ان الحكومة الجديدة بدأت مشوارها في مواجهة انتقادات عدة من داخل الأحزاب المشاركة ومن خارجها. وقال سياسي بارز ل"الحياة" ان تعيين ادريس جطو رئيس وزراء فهم بأنه بادرة للافساح في المجال أمام مشاركة "العدالة والتنمية" الاسلامي الذي كان يرفض المشاركة في حكومة يتولى رئاستها "الاتحاد الاشتراكي". لكن أحد مهندسي التحالف الحكومي الراهن عقب على ذلك بأن مشاركة "العدالة والتنمية" لم تكن واردة اصلاً. ودافع "الاتحاد الاشتراكي" الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق السيد عبدالرحمن اليوسفي عن حكومة جطو. وكتبت صحيفة "الاتحاد الاشتراكي" أمس ان ما يثير الاستغراب في ردود الفعل الأولية المناهضة للحكومة انها "أصدرت أحكاماً قيمة على تشكيلة حكومية لم تباشر مهماتها بعد ولم يتقدم رئيسها الى البرلمان ببرنامجه المقترح". ورأت ان ذلك ينم عن أحكام مسبقة تصدر عمن "يعتبر المعارضة السياسية هي قول لا لكل شيء". ودعت الى عدم استباق الأحداث والحكم على التجربة الجديدة التي لم تنطلق بعد.