لم تأت العملية الأرهابية الأخيرة التي شهدتها الكويت منقطعة عن سياق كامل ومشابه لسياقات هذا النوع من الوقائع. شباب ذهبوا الى افغانستان في ثمانينات وتسعينات القرن الفائت، ثم عادوا و"ناموا"لسنوات منتظرين فرصة الجهاد المقبل، الى ان حلت وجاء الأميركيون الى العراق عبر الكويت. وفي فترة نومهم هذه تشكلت بيئة سياسية حاضنة واخرى طاردة. هنا محاولة عرض لسياق التشكل وانتقال الأنظار من كابول الى بغداد، ثم التموضع في الكويت. أقر امس في الكويت وبعد طول انتظار القانون الخاص الذي يرخص للحكومة البدء بحملة لتفتيش المنازل عن الأسلحة. وهو قانون كان جرى إقراره ولمدة محدودة من جانب مجلس الأمة الذي انتخب العام 1992 ثم انتهى أثره القانوني من دون أن يكون قد فُرغ من جمع كافة الأسلحة وغيرها من المعدات الحربية التي جمعها المواطنون الكويتيون من مخلفات الجيش العراقي المندحر عن بلادهم عام 1991. ومع حالة الغضب العامة التي اجتاحت المجتمع الكويتي إزاء حوادث العنف في الفترة الأخيرة خلال مداهمات قوى الأمن لمقرات اختباء المطلوبين الهاربين أصبحت التحفظات النيابية غير ذات شأن أمام الرغبة بإطلاق يد الحكومة في ان تفعل ما تشاء لوأد مجموعات يخشى أن يتسع خطرها لينطلق إلى تهديد استقرار النظام العام. وكانت المفارقة بالأمس أن الحكومة ومؤيدييها من المستقلين كانوا أنصار عقد جلسة سرية، وهو ما كان. فالطرفان اللذان يحتفظان بتصورين مختلفين لسبل معالجة ما يحدث، وهما الليبراليون والإسلاميون، كانوا يدفعون في اتجاه علانية الجلسة، حتى يتحدث الأوائل صراحة عن أن سياسات التراخي الحكومية والتحالف القائم مع القوى الدينية والمحافظة، كما يقول الليبراليون دائما، هو بيئة العنف وحاضنة الإرهاب الأولى، فيما يريد الإسلاميون الدفاع عن أنفسهم كقوى سياسية تنبذ العنف وتمارس النشاط السياسي في نطاق الدستور والقانون. لكن هذه المساجلة الجارية أصلا في المنتديات وزوايا الصحف غير مرغوبة أو مرحب بها من الحكومة التي تضم وزراء من كلا التوجهين، فضلا عن الرغبة في حصر ذيول الموضوع في إطاره الضيق، الذي يقرأ ما يحدث على أن هناك تنظيما أو مجموعات إرهابية، وهؤلاء في الأصل ولّدتهم عملية الجهاد الأفغاني وذيوله، ثم الحالة في العراق، وفتح الكويت لأراضيها أمام قوات التحالف كي تنطلق منها مع غيرها من المناطق والقواعد والبلدان في عملية تحرير العراق. والواقع أن هناك ما يؤيد هذا التوصيف للحالة في الكويت، إذ لا توجد أحزاب أو حركات تدعو لقلب نظام الحكم أو شن الهجمات على الأهداف الكويتية، وبالطبع نستثني هنا الهجمات التي اختلف فيها تياران من"مجموعات الجهاد"الكويتية، وهي التعرض للأرتال والقواعد الأميركية. فهناك من يرى أن مثل هذا الامر لا ينبغي أن يحدث لتأثيره على استقرار البلاد، فيما يتفق الجميع على أن مقاتلة الأميركيين في العراق"جهاد واجب ومشروع". والخطأ الشائع في وسائل الإعلام يتركز على القول بوقوع"هجوم إرهابي"عند الحديث عن الحوادث الأربعة التي وقعت في الكويت منذ حادثة ميدان حولي التي راح ضحيتها شرطيان خلال القبض على مطلوب قتل هو الآخر، ثم حادثة أم الهيمان التي تمكن فيها المطلوبون الذين راوح عددهم بين سبعة وعشرة من الفرار بعد عملية دهم واسعة للمنطقة، ثم الانقضاض على شقة مفروشة في منطقة السالمية والتي كان يختبئ فيها عدد من المطلوبين قتلوا أو أصيبوا واستسلموا، وأخيرا محاصرة المطلوبين العشرة في ضاحية مبارك الكبير، والتي انتهت إلى النتيجة المعروفة، اذ استسلم بعد قتال شرس قائد مجموعات الجهاد الكويتية في العراق ومنظرها الأول عامر خليف العنزي 31 سنة وهو إمام مسجد سابق كان يحرض على الجهاد علانية وعلى رؤوس الأشهاد ويعد المرشد الروحي للشباب الذي كان يذهب أو يحاول أو يؤيد الذهاب إلى العراق. وهو خطيب مفوه برزت مواهبه في استمالة الشباب وتحريضهم على الوجود الأجنبي في المنطقة. قصة الجهاد لا تنفرد الكويت بقصص خاصة عن الجهاد الأفغاني والمجموعات التي أفرزها واقع الحركة الإسلامية النشط خلال حقبة الجهاد الأفغاني عن غيرها من الدول العربية والإسلامية. وتشير السجلات وإن كانت غير موثقة تماما إلى أن نحو ألف شاب كويتي ينتمون إلى مختلف التيارات السلفية والإخوانية وما تفرع عنها قاتلوا ضد السوفيات في أفغانستان. وعلى رغم أن الكويت ظلت من بين الدول العربية القليلة جراء علاقتها الجيدة مع الاتحاد السوفياتي السابق التي احتفظت بعلاقات ديبلوماسية مع نظام كابول إلا أن نشاط الجمعيات الخيرية الإسلامية كان متاحا وعلى أشده لرفد ودعم المجاهدين والانتصار لهم، ما أدى الى وجود مجاميع تشكلت لها رؤاها الخاصة للأوضاع العربية والإسلامية وذهبت بعيدا في تبني أفكار التغيير طبقا لمنظور الجهاد والقتال حتى النهاية ضد قوى"الكفر والإلحاد"الدولية. على أن الغالبية العظمى ممن شاركوا في"الجهاد"الأفغاني وتاليا في البوسنة والهرسك ثم البلقان، عادوا واندمجوا في المجتمع، وظلوا في حالة تعايش مع المجتمع وإن لوحظ وجود بعض التطرف في المسائل المتصلة بأسلمة الحياة ومحاولة تغيير القوانين في اتجاه تطبيق شامل للشريعة الإسلامية. وفي الأغلب كان معظم المجاهدين يحصلون على ما يشبه إجازة التفرغ وبراتب الوظيفة الحكومية خلال فترة غيابهم. تحول خطير ووقع التحول الخطير في المنطقة السلفية المتعايشة مع الحكومات القائمة، على خلفية معارضة بعض العلماء الذين يحظون بكلمة مسموعة في الدوائر الدينية الاستعانة ب"الكفار"في عملية تحرير الكويت من القوات العراقية. ثم حدثت الانشقاقات المعروفة التالية لهذه الفترة والتي كان لها امتداد في الكويت ما شكل وجود تيار سلفي تحديثي يرفض العلاقة مع الغرب بل ويجرمها في نواح كثيرة وهو ما أفسح الباب أمام نشوء أفكار"التصدي"والقتال حتى وإن كان التوجه المعلن والنشاط السياسي المعلن والشرعي لهؤلاء يبدو متعايشا مع"الضرورات"التي فرضت الاستعانة بالوجود الأجنبي سواء لتحرير الكويت أو للدفاع عن المنطقة برمتها من الخطر العراقي البعثي، أو لاحقا عبر احتلال العراق وإسقاط نظامه السابق. الحرب على العراق لم يؤيد كل الكويتيين الحرب على العراق، وبرزت في حينه كتابات عارضت الحرب كان من أبرزها توجه الحركة السلفية العلمية الذي وجه إدانات واضحة للسياسة الأميركية. وكتب الشيخ محمد العوضي الداعية الاسلامي المعروف في زاويته"خواطر قلم"تحت عنوان"أميركا والابادات الجماعية"بأن"إبادة 18,5 مليون هندي احمر على يد المستعمرين الانكليز في المنطقة المعروفة اليوم بالولاياتالمتحدة لم تكن حادثة فريدة في التاريخ الاميركي. ولم تقتصر حروب الابادات الجماعية على الهنود الحمر، بل انها رافقت تاريخ الولاياتالمتحدة القديم والحديث، داخل القارة الاميركية وخارجها، وكانت من اهم عناصر فكرة اميركا". ويعتقد الكاتب سامي النصف بأن الحل مع الارهابيين والمتطرفين إلى أن يعودوا عن تطرفهم"هو السجن والحجز تماما كما التجربة المصرية. فحتى الحوار مع دعاة التطرف في مصر تم فيما هم في السجن". أما صالح الشايجي فاتخذ من حادثة ذبح متشدد لابنته الصغيرة ليتساءل"أي مجتمع مريض الذي نعيش فيه، وأي خطة وضعها المسؤولون لحماية الأفراد من طيش عقل أعياه التطرف الديني، ومن ينتشل هذا المجتمع من أوحال الجنون والانصداع؟". أمن مضمون ويدعو الدكتور أحمد البغدادي الكاتب الشهير والشديد النقد للجماعات الإسلامية إلى"مواجهة شعبية مع الكتابات والخطب والتصريحات التي تهون من شأن العمليات الارهابية". ويرفض مقولة أن الشعب الكويتي متدين"فهذا لغو وكلام فاضي لأنه لا يوجد في العالم شيء اسمه شعب متدين لأن حدوث مثل هذا التدين مستحيل". ويحمل الدكتور أنور الرشيد الاستاذ في جامعة الكويت"وزر ما حدث للحكومة والجماعات الاسلامية". وينتقد الحكومة لأنها لم تكترث للكتاب ذوي التوجه الليبرالي"الذين وصفهم البعض بأنهم يصطادون في الماء العكر بعدما بح صوتهم وهم ينادون بتدارك ما سيحصل في كثير من كتاباتهم وندواتهم ومنتدياتهم، فالحكومة تتحمل وزر ما وقع لأنها لم تقم بواجبها اثناء تلقين هؤلاء الصبية بما سمي دروسا دينية". ويذهب هذا المذهب بصورة أشد تطرفا الكاتب عبد اللطيف الدعيج الذي يشدد على أن الحكومة في الكويت"هي الإرهابي رقم واحد"بل وصل به الأمر حد الدعوة"الى اعتقال الوزراء ووضعهم داخل وانيت سيارة بيك أب"رافضا القول ان"الارهابيين وحدهم من يهدد نظم البلاد او نظامها الديموقراطي". في نيسان ابريل الماضي وبعد اغتيال اسرائيل لزعيم حركة"حماس"الفلسطينية عبد العزيز الرنتيسي جددت القوى السياسية الإسلامية الكويتية استنكارها"حال الخنوع العربي"العام ونددت بالموقف الأميركي"المعادي للعرب والمسلمين"وطالبت الشعوب بالتحرك"على طريق الجهاد المقدس ضد أعداء الأمة". وطالبت القوى السياسية الكويتية وهي التجمع السلفي السلف التقليدي والحركة الدستورية الاسلامية الاخوان والتحالف الوطني الاسلامي شيعة و"الحركة السلفية الجديدة"الحكومة الكويتية برفض اعتماد السفير الاميركي الجديد القادم من تل ابيب. وبدورها ناشدت جمعية الاصلاح الاجتماعي الامة العربية والاسلامية"اتخاذ مواقف جادة ضد العدو الصهيوني ومن يواليه". كما طلب من السلطة الفلسطينية"الغاء المعاهدات التي تمت مع الصهاينة والانحياز الى خيار المقاومة". مثل هذا الشيء مألوف من القوى الإسلامية الكويتية على امتداد تاريخ القضية الفلسطينية، ولكن في ظل العملية السلمية الحالية وهو أمر يمكن أن ينطبق على العراق فإن مزيدا من الحساسية لا بد وأن ينشأ تجاه هذه المواقف. انتقادات نيابية لأميركا في السياق نفسه لا بد من النظر إلى انتقادات نيابية تصدر ضد السفارة الأميركية في الكويت. فالنائب الإسلامي جاسم الكندري طالب في حزيران يونيو الماضي السفارة الأميركية"بوقف الضغوطات التي تمارسها ومن ورائها وزارة الخارجية الأميركية في الشؤون الداخلية الكويتية"مشيرا خلال تصريحات مكتوبة الى"ان هذه الضغوطات لم تعد تقتصر على اصدار التقارير السنوية الخاصة بحقوق الانسان والديموقراطية والحريات الدينية في البلاد، بل ذهبت الى وضع خطط عمل واستراتيجيات وعقد اجتماعات وتمويل أنشطة كويتية ذات طابع سياسي محلي وذلك بقصد توجيه السياسة الداخلية في عدة مجالات وبشكل يتعارض مع أبسط قواعد احترام السيادة ومبادئ الممارسة الديموقراطية". وخلال الفترة نفسها انتقد النائب الدكتور فيصل المسلم العمل الذي يقوم به وزير الاعلام السابق الشيخ سعود الناصر الصباح وجمعه تبرعات لمصلحة ضحايا القوات الاميركية في حربها لتحرير العراق مشيرا الى ان"هذا الموقف اساء للكويت ولا يحظى برضى ودعم المسؤولين". حامد العلي الشيخ حامد العلي كان أمينا عاما للحركة السلفية العلمية وله آراء مؤيدة بوضوح للجهاد في العراق بوصفه مقاومة للمحتل، لكنه يرفض الانطلاق بذلك من الكويت. ومع استمرار الجدل حول مواقفه قضت محكمة الجنايات الكويتية أواخر حزيران الماضي بحبسه مدة عامين لكنها أمرت في الوقت نفسه بوقف تنفيذ العقوبة وطلبت منه التزام حسن السير والسلوك مع غرامة ألف دينار. وذلك في غمرة كتابات صحافية استهدفت العلي على موقع إنترنت يملكه وقيل بأنه يقدم شروحا في صناعة المتفجرات ويمجد رجال استشهدوا في الحرب ضد الاحتلال الأميركي للعراق. ومعلوم أن الحركة السلفية تعارض الاحتلال الأميركي لكن العلي نفى أن يكون موقعه يتضمن مواد تحريضية على الإرهاب وبالنسبة لتعليم صناعة السلاح قال إن مواقع إنترنت أميركية تقوم بهذا الأمر ايضاً وبعضها يقدم شروحا لكيفية صناعة القنابل النووية. وواجه العلي تهمة إلقاء خطبة بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين تضمنت طعنا بالزعماء العرب وتناول الذات الأميرية والجيوش العربية صراحة في مكان عام حيث اتهم"الحكام الخونة بتمهيد الأراضي للجيوش الصليبية والصهيونية لدخول العراق ليقضوا على الإسلام ويغيروا مناهجه ويجتثوا قرآنه". وتشير آخر التقارير إلى أن العلي اختلف مع عادل خليف زعيم خلية الجهاد المضبوطة أو التي صفيت في ضاحية مبارك الكبير أول من أمس وأنه رفض منطق خليف بضرورة مهاجمة الأميركيين داخل الأراضي الكويتية. وبالعودة الى المحاكمة فقد شهد ضد العلي مستشار لوزارة الأوقاف قال إن خطب الجمعة تسجل على أشرطة لتراقب لاحقا وذلك لمطابقتها مع التعليمات علما أن العلي غير معين رسميا ليكون خطيب أحد المساجد. وبين الشريط اتهام العلي للجيوش العربية بالجبن والهروب والخيانة ونعت الزعماء العرب بالخونة. وشهد ضابط في أمن الدولة بأن العلي حاضر في نحو خمسين شابا محرضا"على الأعمال الإرهابية ضد الأميركيين والحكومات العربية ومجد أسلوب القنابل البشرية وأشاد بانفجارات مدريد ووصف حاكم مصر بالطاغوت". واتهم العلي باستقبال أشخاص لهم أفكار إرهابية داخل وخارج الكويت والحض في ديوانيته على التبرع للمجاهدين وان له اتصالات مع مجموعات دينية وسياسية من ضمنها منظمة تدعى طيبة وهي عبارة عن معسكر لتجميع الشباب وعقد مؤتمرات سنوية مشيرا الى أن العلي يعد ممثل تنظيمات المجاهدين في الكويت كما أن له موقع إنترنت يؤجج الطائفية بين السنة والشيعة وقصده إثارة البلبلة. وأنكر العلي هذه التهم خلال التحقيق معه ورفض القول بتعرضه للذات الأميرية لكنه أقر بصحة التسجيل لعباراته وأقواله وأقر بالقول أن الحكام خونة وليس العرب. وأنه كان يقصد القمم العربية الفاشلة وليس الحكام، وقال إنه أنكر ما حصل في إسبانيا من باب الخبر وليس استحسانا وأنكر وجود المجاهدين في الكويت. وقد رأت المحكمة أن العناصر القانونية متوافرة في التهم لكنها قدرت الظروف لجهة الامتناع عن تنفيذ الحكم. الهجمات على الأرتال شهدت المحاكم الكويتية أحكاماً عدة ضد مهاجمين لأرتال للقوات الأميركية المتوجهة إلى العراق كان منها منذ أسابيع وفي شهر تموز يوليو الماضي. وكانت أولى الهجمات شن في الفترة السابقة لبدء الحرب ضد العراق وأسفرت عن مقتل جنود أميركيين مرات عدة. وخلال تموز العام الماضي تكشفت في الكويت أبعاد قضية حدث فيها تعاون مع الأمن السوري وأسفرت عن استعادة شبان صغار السن كانوا ينوون الذهاب للقتال ضد الأميركيين في الفلوجة وغيرها. واعتقل أربعة أحداث ضبطتهم السلطات السورية وسلمتهم الى الكويت بعد أن كانوا في طريق العودة الى العراق. وحتى ذلك الوقت كان رئيس الحكومة الشيخ صباح الأحمد يحاول حصر الحادث في إطاره عندما قال في شأن احتمال وجود خلايا نائمة للإرهاب في الكويت"يجب أن لا نستبق الأحداث"موضحا أن"الأجهزة الأمنية المختصة تتابع التطورات"في هذا الشأن. وقال:"نحن حريصون على معرفة الحقائق بوضوح". وكان نائبه الأول وزير الداخلية الشيخ نواف الأحمد دعا هو الآخر الى"عدم تضخيم الأمور والتسرع بإطلاق الأحكام حول موضوع الشبان الصغار الذين عادوا من العراق قبل انتهاء التحقيق. ويجب ألا نستعجل الأمور ونضخمها ونقول انها شبكة ارهابية قبل أن تظهر نتائج التحقيق ويظهر تورطهم من عدمه". ومنذ ذلك الوقت بدأ المعنيون ب"الجهاد"يتوارون عن الأنظار خشية ملاحقتهم أو استدعائهم من جهاز أمن الدولة، وكان أخطرهم خالد الدوسري الذي احتجز لبعض الوقت في المغرب على خلفية الهجوم على معبد يهودي منذ سنتين. وهكذا بدأت قضية المداهمات ومحاولات الاعتقال التي رأينا نتائجها خلال الأيام الماضية. وفي هذا الوقت بدأت السلطات بمراجعة الكشوف الخاصة ب"المجاهدين"ممن انضموا الى القتال في أفغانستان والبوسنة والشيشان وأعلن في حينه أن"الجهاز الأمني الكويتي في هذه المرحلة بصدد اعادة تصنيف الخطرين المحتملين والاتباع أو المتعاطفين مع فكر تنظيم القاعدة لتعزيز مراقبتهم وضبط تحركاتهم وإخضاعهم للتحقيقات فور اكتشاف ما يستدعي ذلك". وذكرت المصادر أن وزارة الداخلية الكويتية"ستصدر قائمة بأسماء المطلوبين إلى الانتربول الدولي للمساعدة في القبض عليهم". الجدير بالذكر أن عددا من الكويتيين اعتقلوا في العراق أو أعلنت مواقع الانترنت الخاصة بتنظيم القاعدة مقتلهم هناك. وبعد تصريحات من جانب نواب ليبراليين وشكاوى كتاب"بدور تقوم به بعض المساجد في تشجيع الفكر الإرهابي"أكدت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية"كل حرص على مكافحة الأفكار المتطرفة وتلقي الشباب للفكر المعتدل". وفي تلك الفترة جزم الكاتب الليبرالي حسن العيسى بأن"من يفجر نفسه في الخارج في العراق سيفجر بالداخل وفي الكويت، ومن ينحر الأبرياء هناك سينحر الأبرياء هنا في الداخل". واتهم العيسى وزارة الداخلية بممالأة دعاة الارهاب حيث"تمت ملاحقة البعض من هؤلاء والقبض عليهم بالصدفة وتسليم الأحداث المتهمين من قبل سلطات الأمن السورية، وليس بمتابعة ومراقبة سابقتين من أجهزة الأمن الكويتية". ولام الكاتب الإسلامي الدكتور وائل الحساوي وزارة الإعلام لأنها لم تستمر ببرنامج متكامل لتحصين"النشء من السقوط في براثن التطرف والانحراف"، وقال أن أفضل شيء لمواجهة"التغرير بالشباب القاصر وإيهامه بأن دخوله الجنة قد اصبح قاب قوسين او أدنى، وما عليه الا السفر الى العراق وتفجير نفسه ببضعة أفراد لا يدري من هم ثم يدخل الجنة هو التوعية ضد أولئك المغررين ممن جلسوا في بيوتهم يتفاخرون بدورهم في تجنيد الشباب للجهاد أو لنقل بدورهم في حصد أرواحهم في الفتنة العمياء". ومنذ ذلك الوقت تتضارب الأنباء حول أماكن وجود أربعة متهمين آخرين فارين من التحقيق هم خالد الدوسري وأحمد المطيري وعادل الشمري محسن الفضلي وآخرين. وبلغ عدد المعتقلين على ذمة القضية 21 شخصا كان آخرهم سعودي يدعى شلاش الظفيري 32 سنة فيما أخلي سبيل عدد منهم بكفالات مالية. وفي فترة لاحقة أخلي سبيل عدد من المتهمين في القضية بضمان مالي مثل محمد العصفور وحمد الحربي ومطلق العجمي الذين أنكروا التهم التي وجهت إليهم والتي تتمثل في"تحريض الشباب وتجنيدهم لقتال قوات دولة صديقة في أراضي دولة أخرى العراق وحيازة أسلحة". وقال رئيس لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في مجلس الأمة الكويتي النائب الإسلامي السلفي الدكتور وليد الطبطبائي في تصريحات صحافية"إن إخلاء سبيل الثلاثة بكفالة مالية بسيطة يشير إلى عدم وجود أدلة جدية ضدهم"مطالبا وزير الداخلية والنائب العام بالحرص"بان تلتزم الأجهزة التابعة لها نصوص الدستور وقانون الإجراءات في كل خطوات التعامل مع المقبوض عليهم بأي تهمة خصوصا التهم السياسية"مشيرا إلى ما قال إنه"تجاوزات وقعت من قبل أجهزة الأمن ومن النيابة العامة تمس الضمانات التي نص عليها الدستور والقانون للمتهم الذي يعتبر بريئا حتى تثبت إدانته". فتاوى الجهاد ويومها وصف ناشط إسلامي هو جابر الجلاهمة ما تقوم به الأجهزة الأمنية وخصوصا جهاز أمن الدولة في قضايا"الجهاد في العراق"بأنها"اعمال غير مبررة لا تقرها اي اعراف وقوانين معمول بها ولا تمت الى تقاليدنا وأخلاقنا بشيء". وأكد أن"الذهاب الى العراق لا يحتاج إلى تحريض وفتاوى العلماء المعتبرين، بل ان البعض افتى بأن الذهاب الى العراق فرض لا يستأذن فيه الوالدان وهذه الفتاوى منتشرة في الكثير من المواقع على الإنترنت ثم ليس صحيحا أن سورية هي المنفذ الوحيد الذي يقصده الراغبون في الجهاد داخل العراق فهناك الأردن". وكان الجلاهمة تحدث عن مراسلات جرت بينه وبين أسامة بن لادن في التسعينات حضه خلالها على وقف أي خطط لشن هجمات ضد الأميركيين في الكويت بالنظر إلى الطبيعة الخاصة في الكويت حيث ضرر هذه الهجمات سيكون أشد من نفعها. خطوات لوقف استضافة شخصيات سلفية حادث آخر كانت له دلالاته بالنسبة لتوجه الحكومة الكويتية وقف التحريض على الجهاد في العراق عندما قررت في تشرين الاول اكتوبر الماضي منع علماء سعوديين من دخول الكويت لإلقاء محاضرات سياسية على خلفية إصدارهم بيانا يؤيد مقاتلة الأميركيين في العراق وخشية من تأثيراتهم على الشباب الكويتي. لكن المفارقة أن الدكتور ناصر العمر أحد أبرز هؤلاء والمعروف بأنه أصدر فتوى حرمت الاستعانة بالأميركيين عام 1990 زار الكويت خلال تلك الفترة وألقى العديد من المحاضرات التي وجهت انتقادات شديدة للولايات المتحدة. وفي ندوة له تحدث العمر عن أن"منهج الإرجاء لا يقل خطورة عن منهج التكفير والتفجير، وهو جاء من مدرسة بدعية خطيرة جداً"لافتاً الى ان"العلاج للمشكلات التي تعيشها الأمة يكمن في منهج الوسطية، فلا تفريط ولا إفراط ولا تفجير ولا إرجاء، وليست الوسطية هي التمييع والتنازلات ولكنه منهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم". وأضاف في محاضرة ألقاها في ديوانية النائب عبد الله عكاش أن"عدم الدعاء على اليهود أو النصارى او المنافقين، إذا كان فيه مفسدة صريحة واضحة لا خلاف فيها، فهو مفسدة، ولكن إذا كان الدعاء يسبب فتنة ومفسدة اكبر، فلا يدعى عليهم". لكنه أكد آن"التفاؤل يجب ألا يفقده المسلمون مهما كانت الظروف، فالغلبة في النهاية لهم". وقدم النائب عبد الله عكاش الاعتذار للشيخ ناصر العمر على"ما بدر وما حصل في القدوم المبارك إلى الكويت ولكن لنا وقفة مع من تسبب في هذه الربكة"مشيراً إلى قرار مجلس الوزراء الكويتي منع الاستضافة الرسمية للعلماء ال 26 الذين اصدروا بيان دعم الفلوجة ونصرتها، فتم إلغاء برامج الشيخ العمر الثقافية في مساجد الأوقاف، كما تم إلغاء لقاءات إذاعية وتلفزيونية معه، بناء على ذلك.