على رغم مرور أربع سنوات على تصويت البحرينيين على ميثاق العمل الوطني، لم تقترب المعارضة والسلطة من التوصل إلى رؤية مشتركة لتفسير البند الخاص بصلاحية السلطة التشريعية التي جعلت مجلس الشوري المعيّن شريكا فيها مع البرلمان المنتخب. وكان الميثاق أخرج البلاد من عنق الزجاجة وسمح بعودة المبعدين وإطلاق المعتقلين السياسيين بعد خمس سنوات من المواجهات الأمنية في النصف الثاني من التسعينات. وبعثت جمعية المحامين أمس بخطاب إلى الملك، بدا منه إنها تقف إلى جانب المعارضة، فبعدما أشارت إلى ان التصويت ب"نعم"الى الميثاق كانت مرتكزة على"ثوابت دستورية قوامها مجلس منتخب انتخاباً حراً، يختص وحده بالتشريع والرقابة"، مشيرة في هذا الصدد إلى ان الميثاق نص أيضا على تشكيل مجلس شورى ينحصر اختصاصه في إبداء الرأي. ولفتت الرسالة التي بعث بها رئيس الجمعية الدكتور عباس هلال الى الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى ان ما جاء في الميثاق، كان يرمي الى"بناء نظام دستوري ملكي، فاصل للسلطات الثلاث، وكافل للحريات، تحقيقا لمزيد من المشاركة في صنع القرار السياسي، وفتح باب الحوار الديموقراطي". وقال عباس ل"الحياة"، ان جمعيته كانت وما زالت تطالب ب"صلاحيات كاملة للمجلس النيابي المنتخب"، مؤكدا انها طرحت ذلك في أول لقاء لها مع عاهل البحرين، وقبل التوقيع على الميثاق وبعده. وتقول السلطة ان الميثاق الذي صوت عليه البحرينيون بنسبة 98.4 في المئة، فوّض الملك صلاحية التغيير الدستوري. بيد ان المعارضة الرئيسية المتمثلة في"جمعية الوفاق الوطني الإسلامية"الشيعية، رفضت الشراكة التشريعية لمجلس الشورى، وتمسكت بتفسيرها للميثاق على أساس أن يكون لمجلس الشورى اختصاص إبداء الرأي والمشورة فقط، ما أفضى إلى مقاطعتها لانتخابات 2002. غير ان المقرر العام للجنة الإعداد للميثاق، والنائب الأول لرئيس مجلس الشورى الحالي عبدالرحمن جمشير، أكد في تصريح الى"الحياة"، ان"الشورى له قوة تشريعية". وعلّل ذلك بأن الميثاق واضح في القول أن السلطة التشريعية تتكون من مجلسين، وان"إبداء الرأي"، يعني الرأي التشريعي. وأوضح ان لجنة الميثاق توصلت إلى نظام المجلسين بعدما درست تجارب دول أخرى، بينها الأردن والمغرب، وبعدما أخذت في الاعتبار فشل التجربة النيابية السابقة 1973 - 1975، وضرورة أخذ رأي أهل الخبرة والاختصاص. ولم يرد بشكل مباشر، على ما إذا كان تشكيل الشورى يهدف إلى منع تمرير مشاريع قد تقترحها القوى الدينية لتحويل البحرين إلى الحكم الإسلامي بقوة التشريع، واكتفى بالقول:"ان عضو الشورى باعتباره مواطنا يقف ضد أي مشروع لا يتماشى مع مبادئ الدستور والحريات العامة ومصالح المواطنين". ونبّه إلى ان مجلس الشورى يضمن حقوق"الأقلية"، ودلّل على ذلك بوجود أعضاء في المجلس ينتسبون إلى الديانتين اليهودية والمسيحية. لكن رئيس"التجمع الوطني الديموقراطي"، عبدالله هاشم، رأى ان الشعب في توقيعه على الميثاق لم يقدم تفويضاً بإجراء تعديلات دستورية، وإنما وافق على تعهدات سياسية ومجتمعية تتعلق بتغيير مسمى الدولة وإعادة العمل بالدستور. وقال هاشم ل"الحياة"ان"السلطة فسرت بنود الميثاق وسلطات المجلسين كما تشاء، وكذلك فعلت قوى المعارضة"، لكنه شدّد على ان من يمتلك سلطة التشريع هم نواب الشعب المنتخبون وفقا لآلية الترشيح العلني والاقتراع السري. وذكر ان"التجمع الوطني"شارك في الانتخابات النيابية الماضية، ويرى ان سلطة الغرفة الثانية من المجلس الوطني الشورى، في الدول والدساتير المعاصرة، لإسداء المشورة والرأي فقط.