بدا واضحاً من كلمة رئيس "جمعية الوفاق الوطني" الإسلامية الشيخ علي سليمان التي ألقاها باسم عن الجمعيات السياسية الأربع المنظمة للمؤتمر الدستوري، الذي بدأ أعماله أمس في المنامة، ان المعارضة صعّدت لهجتها ضد السلطة في ما يتعلق بالمسألة الدستورية، على رغم أن بعض قوى المعارضة نفى أن يكون المؤتمر عملاً تصعيدياً، مستبعداً أي صدام. ووصف سليمان ما حدث في 14 شباط فبراير 2002، تاريخ صدور الدستور المعدل، بأنه "خطيئة"، لكنه أكد "اننا في مطالبتنا السلمية لا نسعى إلى أن ننتزع الحكم من أسرة آل خليفة الكرام ولا إلى كسر هيبة النظام، وإنما نطالب بمشاركة فعلية في صناعة واقعنا ومستقبلنا من خلال مجلس منتخب يتمتع لوحده بالسلطة التشريعية والرقابية". وأبدى أسفه لمنع السلطات دخول ضيوف المؤتمر إلى البلاد، مؤكداً "أننا نتطلع إلى حوار وطني بين المعارضة والنظام من أجل الخروج من الأزمة الدستورية". واستعرض ما جاء في ميثاق العمل الوطني من بنود تؤكد زيادة المشاركة الشعبية في تحمل أعباء الحكم، وقال إن أهمها استحداث نظام المجلسين في السلطة التشريعية، أحدهما يتولى التشريع والمحاسبة، والآخر للشورى، "بيد ان الواقع السياسي تراجع في ما بعد". وكانت الحكومة البحرينية أبدت تشدداً حيال مشاركة 19 شخصية خليجية وعربية وأجنبية في المؤتمر، ومنعت بعضهم من دخول البحرين مساء أول من أمس، واصفة تلك المشاركة بأنها تدخل في شؤون البلاد، لكنها لم تمنع المعارضة من مناقشة جدول أعمال المؤتمر. واقتصر عقد المؤتمر على أربع جمعيات معارضة قاطعت الانتخابات النيابية التي جرت في تشرين الأول اكتوبر 2002 وهي "الوفاق" و"العمل الوطني" و"العمل الإسلامي" و"التجمع القومي"، بعدما رفضت الجمعيات الأخرى المشاركة. وتمنى رئيس المؤتمر المحامي حسن رضى ألا يمثل المؤتمر بداية أزمة بين المعارضة والسلطة. وقال ل"الحياة": "نتمنى أن يكون منع المشاركة الخارجية في المؤتمر خطأ إجرائياً، وأن تسود الحكمة والمنطق حياتنا السياسية". ونفى أن تكون هناك نية لدى المنظمين ل"التصعيد الأمني مع السلطة، ولو كان الأمر كذلك لعمدوا إلى إلغاء المؤتمر، لكنهم استمروا في عقده، وسيدرك الجميع مدى عقلانية قراراته عندما تصدر". ويبدي متابعو الشأن السياسي البحريني شكوكاً بأن تحظى قرارات المؤتمر بقبول الجهات الرسمية، كون الحكومة لم تكن ممثلة فيه، ولم يشمل مؤسسات سياسية أخرى تتوافر لديها وجهات نظر مختلفة. ووصف رئيس جمعية "العمل الإسلامي" الشيخ محمد علي المحفوظ المؤتمر بأنه "يضع الديموقراطية في البحرين على المحك"، مشدداً على "عدم وجود بوادر أزمة مع الحكومة". وقال ل"الحياة": "نأمل ألا يؤدي المؤتمر إلى توتر الأجواء حفاظاً على المناخ السلمي السائد في البحرين وتحكيم العقل"، لافتاً إلى أن الجمعيات تقود العملية السياسية بشكل مناسب وتقوم بضبط الشارع الذي يتعاطى بروح من المسؤولية مع الملف الدستوري. وناقش المؤتمر أمس ورقتي عمل، قدمت الأولى رئيسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر المحامية جليلة السيد، وأشارت فيها إلى الدستور الذي صدر عام 1973 وخلفية توقف الحياة النيابية في 1975، ثم ختمت بمناقشة الدستور المعدل في 2002 الذي قالت انه حفل بتغييرات جذرية، من بينها السماح بازدواجية الجنسية، وإعلان الأحكام العرفية بمرسوم، واستحداث سلطة الاستفتاء، من دون ضوابط، ومنح القوانين المقدمة من الحكومة الأولوية دائماً، في المناقشة أمام المجلس النيابي. واستعرض كامل الهاشمي في ورقة بعنوان "المملكة الدستورية" متطلبات هذا النوع من الممالك بوصفها مخرجاً للأزمات السياسية.