تفترض البرامج الشبابية على الفضائيات أنها يجب أن تكون هكذا: مجموعة من الشباب والصبايا، بحلل بهية زاهية"على الموضة"، وحديث"شبابي"عن أي أمر سينما، موسيقى، رياضة، منوعات وحديث خفيف لا يعلق في الذهن ونكت لا يهم أن تكون مضحكة، واتصالات هاتفية من شباب يشبهونهم، ولكنهم خارج الاستوديو لأسباب خاصة ليس إلا. لماذا يظهر الشباب على الشاشة التلفزيونية بهذه السطحية وهذه الصورة النمطية؟ هل لأنهم هكذا فعلاً في حياتهم الواقعية - أي أن ما يحدث في هذه البرامج الشبابية هو صرعة جديدة من تلفزيون الواقع؟ هناك صيغ جميلة يظهر بها الشباب في هذه البرامج من دون شك. فهم مهندمون بصورة يحسدون عليها، ويملكون القدرة على الابتسام والمجاهرة في فعلهم السعيد هذا، ويتحدثون أكثر من لغة بطلاقة، ويملكون معلومات"شبابية"قيمة لا شك في أنها تغني مضمون البرنامج. هل هذا هو الواقع تماماً، أم أنه الواقع المأمول؟ هل ما يبدو على الشاشة كل يوم في الفترة الشبابية هو شبابي حقاً، يمثل هؤلاء الباحثين عن العمل مثلاً أو الدائخين بين مكاتب الهجرة بحثاً عن"فيزا"، أو الباحثين عن أخبار ومعلومات سياسية أو اقتصادية؟ في غمرة الإعلام الترفيهي، يبدو أن وجود شباب يحاول البحث عن شيء غير مسل بل ويبعث على النكد أحياناً أمر صعب، يقترب من المستحيل. هذا الإعلام الذي يكتسح المشهد الفضائي، الإعلام الترفيهي القائم على مبدأ التسلية من أجل التسلية، يصل أيضاً إلى الشباب، لينالوا حصة من ترفيه جديد لا يختلف كثيراً عن الترفيه السائد. لا مكان لشباب باحث عن شيء من السياسة - لماذا لا تناقش هذه البرامج الشبابية قضايا أكثر جدية، ربما هي تعبر عن فئة ما من جمهورها المستهدف؟ أليس الشباب جزءاً من المجتمع الذي يعاني من قرارات سياسية واقتصادية كثيرة؟ لماذا تتحاشى برامج الشباب أمراً كهذا يؤثر ولا شك في مسار حياتهم؟ من المؤكد أن هناك شباباً يهتمون بالسياسة، ولا بد من أن هؤلاء أحياء يرزقون ويمكنهم مشاهدة برامج التلفزيون هذه وسواها، ومن حقهم مشاهدة شيء آخر في برامج موجهة لهم، غير ذلك الذي لا ترى غيره على الشاشات: غناء ورقص، وشريط رسائل قصيرة يسأل عن فتاة بمواصفات"سوبر"، وللاتصال هذا رقمي...