شاب فرحة الفلسطينيين بانسحاب اسرائيل من قطاع غزة قيام مستوطن اسرائيلي بعد ظهر امس باطلاق النار على عمال فلسطينيين في شمال الضفة الغربية، ما ادى الى استشهاد ثلاثة منهم وأثار الى احتمال ردود فعل فلسطينية تتجاوز التنديد والشجب. وتصاعدت حدة العنف من جانب المستوطنين في قطاع غزة امس مع بدء عملية الاخلاء القسري من 21 مستوطنة في اطار خطة الانسحاب الاسرائيلي، فأضرمت مستوطنة النار في نفسها، فيما طعنت أخرى مجندة اسرائيلية، واصيب شرطيان وصحافي، كما احرق مستوطنون امتعتهم وسيارات وممتلكات لضمان عدم انتفاع الفلسطينيين منها بعد مغادرتهم. اما في الضفة الغربية، فأعلنت خدمة الطوارئ الاسرائيلية ان مسلحا اسرائيليا اطلق النيران على مجموعة من الفلسطينيين قرب مستوطنة"شيلو"، ما اسفر عن استشهاد ثلاثة اشخاص وجرح ثلاثة اخرين. وقال مصدر امني اسرائيلي:"يبدو ان اسرائيليا من السكان خطف سلاحا من رجل امن في منطقة شيلو الصناعية واطلق النيران على فلسطينيين ربما كانوا عمالا او مارة". وافادت المعلومات الاولية ان الرجال الثلاثة الذين استشهدوا وهم عمال في مستوطنة"شفوت راخيل"اليهودية في شمال الضفة الغربية قتلوا بيد مستوطن كان يقلهم في سيارته. ويرجح ان تزيد هذه الجريمة من حدة التوتر في وقت تأمل فيه اسرائيل باستكمال الانسحاب من دون اي اطلاق للنيران من جانب فلسطينيين. ويأتي الحادث بعد حادث مشابه اطلق خلاله متطرف يهودي النار على باص ركاب عرب في مدينة شفا عمرو العربية في اسرائيل فقتل اربعة اشخاص. وعلى الجانب الآخر، واصل الفلسطينيون احتفالاتهم، وابرزها عرض عسكري ضخم نظمته"كتائب الشهيد أبو علي مصطفى"، الذراع العسكرية ل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"في مدينة غزة، ومسيرة جماهيرية مسلحة في مدينة رفح جنوب القطاع، فيما رفع المواطنون آلاف الاعلام ورايات الفصائل على شرفات منازلهم وفوق اسطحها وعلى أعمدة الكهرباء. وفي التفاصيل، بثت الاذاعة الاسرائيلية ان امرأة يهودية اضرمت النار في نفسها عند حاجز"نتيفوت"داخل"الخط الاخضر"شرق مدينة غزة بعد ان رفضت قوات الاحتلال والشرطة السماح لها بالتوجه الى حاجز"كيسوفيم"الواقع على"الخط الاخضر"الهدنة وسط القطاع الذي ينتقل المستوطنون عبره الى مستوطنات القطاع وبالعكس. واصيبت المرأة بحروق ونقلت الى المستشفى لتلقي العلاج. وفي مستوطنة"موراغ"الجاثمة فوق اراضي المواطنين شمال مدينة رفح جنوب القطاع، طعنت مستوطنة مجندة اسرائيلية اثناء عملية الاخلاء القسري التي بدأت عملياً صباح أمس، علماً أن المهلة التي منحتها الحكومة الاسرائيلية للمستوطنين للاخلاء طوعاً انتهت عند منتصف ليل الثلثاء - الاربعاء. وفي المستوطنة نفسها، احرق مستوطنون امتعتهم وممتلكاتهم، فيما جرت مطاردات بين قوات الجيش والشرطة وعدد من المستوطنين الذين يعارضون الاخلاء. وقال شهود اعتلوا اسطح المنازل المحيطة بالمستوطنة ان مستوطنين هربوا الى احد المنازل وتحصنوا فيه واغلقوا الباب لمنع الشرطة من ارغامهم على الرحيل والقوا بالحجارة على هذه القوات التي انتشرت بكثافة داخل المستوطنة التي احاطتها عشرات الدبابات، في وقت واصلت الجرافات وضع سواتر ترابية حولها. وفي مستوطنة"نفيه دكاليم"، كبرى مستوطنات القطاع، والتي يقطن فيها اكثر من 2500 مستوطن، جرت صدامات لليوم الثاني على التوالي بين المتطرفين وقوات الشرطة التي اصيب اثنان من افرادها وصحافي كان يغطي عملية الاخلاء بجروح. كما اعتدى مستوطنون متطرفون على الوزير الاسرائيلي ماتان فلنائي الذي كان يزور المستوطنة امس للوقوف عن كثب على عملية الاخلاء، وهاجموه قبل ان يتصدى حراسه لهم. وقالت الاذاعة الاسرائيلية ان قوات الشرطة تطرق ابواب منازل المستوطنين باباً تلو الآخر، وان 185 منزلاً اخليت حتى ظهر أمس. ووقعت اعمال عنف اثناء اخلاء مستوطنة"بدولح"، احدى مستوطنات مجمع"غوش قطيف"الجاثم فوق اراضي المواطنين الممتدة على طول 20 كيلومتراً على الساحل جنوب مدينة دير البلح وسط القطاع وحتى الحدود الفلسطينية - المصرية في مدينة رفح جنوباً. واخلي 17 منزلاً في مستوطنة"تل قطيف"في المجمع. واعتقل ستة"مشاغبين"من مناهضي الاخلاء في المجمع واكثر من 534 يهودياً يمينياً متطرفاً حاولوا التسلل الى القطاع لمنع عملية الاخلاء، وافرج لاحقاً عن 468 بعد تقييد تحركهم، وظل الباقون رهن الاعتقال. وفيما تواجه سلطات الاحتلال مشكلات في عدد من المستوطنات حيث يقطن متدينون ومتطرفون يهود مثل"نفيه دكاليم"و"عتسمونا"و"كفار داروم"، قال رئيس هيئة العمليات في الجيش الاسرائيلي الجنرال يسرائيل زئيف انه تم حتى ظهر امس اخلاء خمس مستوطنات تماماً في القطاع، متوقعاً اتمام عملية الاخلاء قبل الموعد المحدد لها. من جهته، وصف المفتش العام للشرطة الاسرائيلية الجنرال موشيه كرّادي ما يسمى المقاومة لعملية الاخلاء بأنها"اخف مما كان متوقعاً". واضاف اثناء جولة له في مجمع"غوش قطيف"انه بناء على ذلك يمكن اختصار الفترة المخصصة للاخلاء القسري الى مدة اسبوع فقط، وهو ما توقعه ايضا عدد من المسؤولين الاسرائيليين. وفي تطور لافت آخر، اشرف قائد ما يسمى ب"المنطقة الجنوبية"في الجيش الاسرائيلي الجنرال دان هرئيل على تفكيك كلية عسكرية في مستوطنة"عتسمونا"شمالي غربي رفح. واقلت باصات طلاب الكلية الذين اصيب سبعة منهم بشظايا قذيفة هاون قبل نحو اكثر من عام، فيما قتل خمسة من الجنود فيها في عملية نفذها مهاجم فلسطيني قبل نحو ثلاث سنوات. وقالت الاذاعة الاسرائيلية ان نحو 978 عائلة يهودية اخلت منازلها حتى السابعة من صباح امس من اصل 1530 عائلة تسكن كل مستوطنات القطاع. فرحة فلسطينية عارمة وشعر الفلسطينيون بفرحة عارمة امس بعد ان بدأت عملية الاخلاء القسري تطبق على ارض الواقع، في وقت شكك بعضهم في امكان اخلاء قوات الاحتلال المستوطنين عنوة أو بالقوة. وتابع كثير منهم مجريات الاحداث من على اسطح المنازل القريبة من عدد من المستوطنات او قرب طريق"كيسوفيم"الاستيطانية وسط القطاع، فيما فضل آخرون متابعتها عبر شاشات التلفزة الفضائية. لكن ما نغص على الفلسطينيين فرحهم هو نشر عدد كبير من طائرات الاستطلاع صغيرة الحجم من دون طيار في سماء القطاع لمواكبة عملية الانسحاب، ما اثر سلباً على البث الفضائي، خصوصا اللواقط الرقمية"ديجيتال". لكن هذه الطائرات لم تفسد على المحتفلين في الشوارع فرحتهم اذ رفعوا اعلام فلسطين ورايات الفصائل ونزلوا فرحين بانتظار انتهاء عملية الاخلاء على أحر من الجمر. وكان أبرز هذه الاحتفالات تنظيم"الجبهة الشعبية"حفلة تخريج 70 عنصراً خاضوا دورة عسكرية تدريبية اخيراً، وتنظيم استعراض عسكري ل 500 مسلح حملوا أسلحة حقيقية وصواريخ"المصطفى"واجروا استعراضات في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة. وكشفت"الشعبية"اثناء الاحتفال انها شكلت"لجان الحماية الشعبية". وشدد القائد العام لكتائب أبو علي مصطفى"ابو جمال"على أن الجبهة متمسكة بسلاحها ولن تسلمه لأي جهة، مشدداً على استمرار المقاومة ما بعد الانسحاب من القطاع في كل مكان يقبع فيه الاحتلال الاسرائيلي. واحرق مسلحون اثناء الحفلة مجسماً لمنازل في المستوطنات. ونبه عضو المكتب السياسي للجبهة جميل مجدلاوي في كلمة له الى ما وصفه بالخطأ في وصف اخلاء القطاع بأنه تحرير القطاع، مشيراً الى ان القطاع سيظل خاضعاً للاحتلال والحصار من البحر والجو والحدود والمعابر. واعتبر ان هذا الانجاز تحقق بفضل صمود الشعب وانتفاضته ومقاومته الباسلة. كما نظمت"الجبهة الديموقراطية"مسيرة جماهيرية شارك فيها مسلحون في رفح ابتهاجاً بالاندحار الاسرائيلي عن القطاع.