أثارت المجزرة التي ارتكبها مستعمر يهودي بدم بارد مساء الأربعاء حالة من السخط والغضب في الأراضي الفلسطينية، حيث عم الحداد والإضراب مدينتي رام الله والبيرة، وتوعدت فصائل المقاومة برد قاس، فيما ارتفع عدد شهداء المجزرة الى اربعة بعد استشهاد احد المصابين متاثرا بجراحه الليلة قبل الماضية. وخرج الاف المواطنين ظهر أمس في وداع الشهداء الأربعة منددين بالمجزرة المروعة ومطالبين بالانتقام من القتلة. وجاءت هذه الجريمة بعد اسبوعين فقط على المجزرة البشعة التي ارتكبها جندي من مستعمرة « تفوح» في مدينة شفاعمرو في الرابع من (اغسطس) آب الجاري وراح ضحيتها اربعة شهداء بينهم شقيقتان، و15 جريحا. وفي المجزرة الجديدة، اقدم مستعمر من « شفوت راحيل» القريبة من « تفوح»، يدعى استر ويسغان ( 40 عاما) ويعمل سائقا باطلاق الرصاص من سلاح رشاش على مرحلتين مستهدفا عمالا فلسطينيين، في مستعمرة «شيلو» المجاورة شمال رام الله، وقتل اربعة منهم بينهم شقيقان واصاب خامسا، قبل ان تقوم شرطة الاحتلال بايقافه. والشهداء هم: محمد علي منصور ( 49 عاماً ) من قرية كفر قليل، وبسام موسى احمد طوافشة ( 40)، وشقيقه اسامة (30عاما)، الذي استشهد في وقت لاحق متاثرا بجراحه في مستشفى هداسا عين كارم في القدسالمحتلة، وهما من قرية سنجل، وخليل محمد صالح ولويل (35 عاماً) من قلقيلية، فيما اصيب الشاب روحي ابو هاني من قرية قريوت المجاورة. واعادت المجزرة التي ارتكبت بحق هؤلاء العمال، المجزرة الرهيبة التي ارتكبها جندي اسرائيلي في 20 ايار 1990، في مستعمرة ريشون لتسيون (عيون قارة)، وراح ضحيتها سبعة عمال من قطاع غزة والعديد من الجرحى. وكانت اجهزة امن الاحتلال اعلنت في اوقات سابقة عن وجود نوايا لدى عصابات اليمين المتطرف بارتكاب اعتداءات وجرائم ضد الانسان الفلسطيني ومقدساته، الا ان هذه الجهات لم تحرك ساكنا لمنعها. وفي تفاصيل الجريمة حسب الرواية الاسرائيلية، فإن المستوطن الذي اعتاد على نقل هؤلاء العمال بسيارته يوميا، الى مدخل المستعمرة في ساعات المساء بعد انتهاء العمل، استولى على سلاح حارس المستوطنة بعد ان طلب منه كأسا من الماء، ومن ثم اطلق النار على العمال الاربعة الذين كانوا داخل المركبة. وامعانا في التخطيط لهذه الجريمة المبيتة، فقد توجه المستوطن مباشرة الى المنطقة الصناعية في مستعمرة « شيلو ، ومعه الضحايا، حيث اطلق النار على العامل الخامس واصابه بجراح ومن ثم بادر الى احراق المصنع.. وحسب مصادر في الشرطة الاسرائيلية، أن القاتل قام بإضرام النار في المصنع كي تبدو الصورة بأنه اطلق النار على الشبان لانهم احرقوا المصنع. ونقلت سلطات الاحتلال الجريحين بواسطة مروحيتين الى المشافي الاسرائيلية، حيث اعلن في وقت لاحق عن استشهاد احدهم متاثرا بجراحه. وحسب المصادر الإسرائيلية بأن المستوطن ارتكب جريمته احتجاجاً على إخلاء المستوطنين من غزة. وقد تمكن مصورون صحافيون فلسطينيون من التقاط صور لمستوطنين ومعهم جنود في الجيش الاسرائيلي وهم يعبرون عن ابتهاجهم والبعض يرقص على مقربة من جثث شهداء لقمة العيش. واحتجاجا على المجزرة البشعة عم الاضراب والحداد مدينتي رام الله والبيرة اليوم (الخميس) - امس - من الساعة التاسعة صباحاً حتى الواحدة ظهراً. وقد اثارت المجزرة التي تزامنت مع عمليات اخلاء مستعمرات قطاع غزة، ردود فعل واسعة وغاضبة على المستويين الرسمي والشعبي الفلسطينيين حيث دان الرئيس محمود عباس، أمس، المجزرة البشعة. وقال ان هدفها تخريب عملية الانسحاب من غزة. وطالب الحكومة الاسرائيلية بتحمل مسؤولياتها تجاه المدنيين الأبرياء، ودعا ابناء الشعب الفلسطيني، بعدم الانجرار إلى أي تصعيد، وعدم إعطاء أي أعذار أو مبررات تؤدي إلى وقف الانسحاب من قطاع غزة. من جانبها، دانت حركة فتح بشدة في بيان لها المجزرة البشعة وقالت انها تكشف بجلاء خطورة هؤلاء المستوطنين المتطرفين وما يبيتونه من مخططات عدوانية وإرهابية للمس بأبناء شعبنا». ودعت كتائب «شهداء الأقصى» في بيان لها كافة الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية «بالرد وبقوة على المجزرة البشعة التي ارتكبها مستوطن حاقد بالقرب من مستوطنة «شيلو» شمال الضفة الغربية، والوقوف لحماية أبناء شعبنا من التفاهات التي يطلقها المستوطنون. واستنكرت حركة حماس «المجزرة الصهيونية، وحذرت حكومة الاحتلال من الاستمرار في ارتكاب هذه الجرائم، مؤكدة أن مجزرة رام الله التي وقعت على يد إرهابي مستوطن حاقد لن تمر دون عقاب. على صعيد اخر، مصدر في جيش الاحتلال انه قرر تعزيز قواته في الضفة الغربية تحسبا لاستمرار العمليات الارهابية اليهودية ضد الفلسطينيين في محاولة لوقف الانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، حيث هددت اوساط يهودية بتنفيذ جريمة ثالثة اليوم للتاثير على عملية الاخلاء. وقال موقع يديعوت احرونوت الالكتروني ان شارون تحدث مع كل من وزير الحرب شاؤول موفاز والمفتش العام للشرطة موشيه كرادي ورئيس الشاباك يوفال ديسكين وطالبهم بالتعامل بصرامة مع كل محاولة للمس بالأبرياء.