لم تترك أم جندي أميركي قتل في العراق الرئيس جورج بوش ينعم بالاجازة التي يقضيها في مزرعته في كروفورد في ولاية تكساس. فبعد اقل من اسبوعين من بدء اجازته، واصلت سندي شيهان بالاحتجاج أمام بوابات مزرعة"بريري تشيبل"التابعة للرئيس، احتجاجاً على الحرب على العراق، واستقطب احتجاجها اهتمام الشعب الأميركي الذي يتزايد انزعاجه من سير هذه الحرب. وكانت شيهان التي قتل ابنها كيسي في نيسان ابريل 2004 بعد خمسة ايام من وصوله الى العراق، بدأت احتجاجها الأسبوع الماضي وطالبت بلقاء الرئيس الأميركي ودعت الى انسحاب القوات الأميركية التي يبلغ قوامها 138 ألف جندي من العراق. وقالت شيهان 48 عاماً:"أريد من بوش أن يوقف استخدام تضحية ابني لتبرير عمليات القتل ... لا أفهم لماذا لا يستطيع تخصيص عشر دقائق للحديث مع انسانة تسبب في تدمير حياتها". وفي حلول يوم الأحد الماضي، انضم 200 شخص آخر الى حركة الاحتجاج الصامت الذي يجري في موقع اطلقوا عليه امس"معسكر كيسي"نسبة الى ابن شيهان. وأقرت احدى المحتجات وتدعى جين برويت قتل ابنها كيلي أيضاً في العراق في نيسان 2003، بأنها أيدت الحرب على العراق في البداية. وأضافت:"واصلت تأييدي للحرب حتى كانون الاول ديسمبر 2003، حتى بعد مقتل ابني، الى أن عرفت أن السبب الذي بدأنا على اساسه الحرب على العراق كان كذبة كبيرة". وغرس المحتجون نحو 500 صليب ابيض على الطريق الى مزرعة بوش حمل كل منها اسم جندي اميركي قتل في العراق. وأطلقوا على تلك الصلبان اسم"ارلينغتون في كروفورد"في اشارة الى مقبرة ارلينغتون الوطنية للجنود في واشنطن. ويبرز الاحتجاج انخفاض تأييد الاميركيين لسياسة بوش في العراق. فمع ارتفاع عدد القتلى من الجنود الاميركيين الى اكثر من 1845 حتى الان، أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن أكثر من 60 في المئة من الأميركيين يشعرون بأن بوش يسيء ادارة الحرب، وأصبحت شيهان رمزاً لتلك المشاعر. وأحدث الاحتجاج الذي تقوده الأم الثكلى اضطراباً في حياة المدينة الهادئة التي لا يتعدى عدد سكانها 750 نسمة، اذ نصبت الشرطة لافتات تحذر من ازدحام السيارات. ودفع الاحتجاج بأحد جيران بوش, لاري ماتلاغ, الذي يسكن في بيت قريب من الرئيس, الى اطلاق نيران بندقيته مرتين قبل ان يشكو الى الصحافيين من حشود المحتجين واحتلال الصحافيين ومسؤولي الامن الحكوميين الطريق امام مسكنه. ولا بد ان بوش رأى المحتجين اثناء خروجه من مزرعته الجمعة الماضي للقيام بحملة لجمع التبرعات لحزبه الجمهوري وكذلك لحضور مباراة بيسبول السبت الماضي في موكب سريع من السيارات السوداء. واثناء توجهه وعودته من حملة جمع التبرعات, سار موكبه بين نحو 50 متظاهرا تجمعوا خلف شيهان التي حملت لافتة كتب عليها"لماذا تخصص الوقت للمتبرعين وليس لي". وحتى الاحد الماضي، كان بوش لا يزال يرفض مقابلة شيهان التي أبدى الخميس الماضي"تعاطفه"معها, مؤكداً أن"لها كل الحق في ان تعبر عما تؤمن به ... سمعت رأيها من اخرين وهو ان اخرجوا من العراق الان. ولكن القيام بذلك سيكون خطأ لأمن هذه البلاد ولقدراتنا على وضع الاسس للسلام على المدى الطويل".