بعد استنزاف سياسي أوصل شعبيته الى ادنى مستوى لها منذ وصوله الى البيت الابيض في العام 2000، اظهر آخر استطلاع للرأي ان الرئيس الاميركي جورج بوش استعاد جزءاً من عافيته السياسية بسبب تحسن مؤشرات اقتصادية وحملة"علاقات عامة"شنها اخيراً بمساندة كبار مساعديه، لإنقاذ رئاسته من شلل محتمل. وأظهر الاستطلاع الذي أجرته صحيفة"نيويورك تايمز"بالاشتراك مع شبكة"سي بي أس"الاخبارية هذا الاسبوع، أن حجم التأييد للرئيس بين الاميركيين ارتفع خمس نقاط، من 35 الى 40 في المئة، فيما تراجعت نسبة غير الراضين عن ادائه من 57 في المئة الشهر الماضي، الى 53 في المئة. إلا ان شعبية بوش تبقى متدنية مقارنة بشعبية الرئيسين بيل كلينتون 58 في المئة ورونالد ريغان 68 في المئة خلال الفترة نفسها من رئاستيهما الثانية. ويعزى تدهور شعبية الرئيس خلال الاشهر الاخيرة الى الشكوك المتزايدة ازاء معالجة ادارته للحرب في العراق، فضلاً عن تزايد القناعة 52 في المئة بأن الادارة ضللت الاميركيين عمداً في سياق طرحها لمبررات الحرب. وطالب غالبية الذين استطلعت آراؤهم بتحديد جدول زمني لسحب القوات الاميركية. وقال 32 في المئة بخفض عدد القوات فيما طالب 28 في المئة بانسحاب كامل. وجاء التطور لمصلحة بوش في عداد الفئة العمرية ما بين 18 و 29 عاماً. وكشف الاستطلاع ان الرئيس ما زال عامل استقطاب بين الاميركيين اذ حظي بتأييد 79 في المئة من الجمهوريين مقارنة ب12 في المئة من الديموقراطيين و34 في المئة من المستقلين. وتحققت توقعات الاستراتيجيين الجمهوريين بأن الرئيس سيستفيد سياسياً من تحسن الوضع الاقتصادي، والذي قال 56 في المئة من الاميركيين إنه"جيد"مقارنة ب47 في المئة اعتقدوا الشيء ذاته قبل شهر من الاستطلاع الذي اجري بين الثاني والسادس من الشهر الجاري. وجاء الاستطلاع الاخير بعد اسابيع من بدء خفض اسعار الوقود ونشر اخبار اقتصادية ايجابية بما فيها تحسن نسبة النمو في الاقتصاد خلال الربع الثالث من العام. وأيد 38 في المئة في الاستطلاع اداء الرئيس في المجال الاقتصادي، اي بزيادة 4 في المئة مقارنة بالشهر الماضي، على رغم أن نسبة التأييد لسياسته الخارجية واصلت الانحدار الى مستوى 36 في المئة مقارنة ب38 في المئة في ايلول سبتمبر الماضي و42 في المئة في آب اغسطس الماضي. واظهر الاستطلاع ايضاً ان نسبة الذين يعتقدون بأن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ من 68 في المئة الشهر الماضي الى 60 في المئة. ونقلت صحيفة"نيويورك تايمز"عن تشارلز كوك، صاحب نشرة سياسية مستقلة قوله إن بوش استفاد بعض الشيء، ولو في شكل متأخر، من اداء الاقتصاد، وهو ما طغت عليه الاحداث السيئة في العراق خلال الفترة الماضية. إلا ان النتائج ما زالت سيئة بالنسبة للحزب الجمهوري الذي سيخوض انتخابات الكونغرس النصفية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، وسط توقعات بخسارة الجمهوريين الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ، ما لم تتمكن الادارة الجمهورية من تحسين ادائها خلال الاشهر المتبقية. إذ قال 33 في المئة من الاميركيين انهم يؤيدون اداء الكونغرس فيما عبر 53 في المئة عن عدم رضاهم. وقال 42 في المئة من الناخبين المسجلين انهم سيصوتون للمرشح الديموقراطي في حال أجريت الانتخابات اليوم، فيما قال 33 في المئة انهم سيصوتون للمرشح الجمهوري. كما يميل الناخبون المستقلون للتصويت للمرشحين الديموقراطيين اكثر من ميلهم لدعم الجمهوريين. وعلى رغم سعي بوش، في خطابين القاهما خلال الاسبوعين الماضيين لإقناع الرأي العام بسياسته في العراق، تمسك الاميركيون 68 في المئة بشكوكهم ازاء امتلاك الادارة لخطة واضحة للانتصار في الحرب. ولدى سؤالهم عن اسباب عدم رضاهم ازاء اداء بوش، قال نصف الذين استطلعت اراؤهم بأن الحرب في العراق هي السبب، على رغم ان نسبة الذين اعتبروا اداء القوات الاميركية في العراق ايجابياً ارتفعت من 32 في المئة الى 36 في المئة خلال الشهر الماضي، وكذلك نسبة الذي يرون ان قرار الحرب كان صائباً من 42 في المئة الى 48 في المئة. وعلى رغم الشكوك ازاء الحرب في العراق، قال 36 في المئة انهم سيكونون اقل استعداداً للتصويت لمرشحين الى الكونغرس في حال طالبوا بانسحاب فوري، في مؤشر الى قناعتهم بأن الانسحاب الفوري قد يكون مضراً بالمصالح الاميركية. وبدا الرئيس الاميركي، في خطاباته الاخيرة، وكأنه يسعى لكسب المعركة في اوساط الرأي العام فيما تضاءلت خياراته لكسب الحرب على الارض في العراق. وكان خطابه الاسبوع الماضي، والمؤلف من 35 صفحة تحت عنوان"استراتيجية للنصر في العراق"، بمثابة رد على تزايد الدعوات لطرح"استراتيجية خروج"لسحب القوات الاميركية. كما يخطط الحزب الجمهوري لحملة دعائية ضد الديموقراطيين المطالبين بانسحاب فوري من العراق. واظهرت احدى الحملات رئيس الحزب الديموقراطي هوارد دين مع علم ابيض، لتصوير دعوته لانسحاب فوري للقوات الاميركية على انه دعوة للاستسلام في مواجهة قوات التمرد والارهاب في العراق. وركز كل من نائب الرئيس ريتشارد تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد حملتهما المؤازرة للرئيس على التحذير من خطورة موقف الحزب الديموقراطي من الحرب في العراق على معنويات القوات الاميركية. ونفى رامسفيلد اشاعات ترددت أخيراً بأنه ينوي الاستقالة من منصبه، مؤكداً أن لا خطط لدية للتقاعد قريباً.