تحمل الورقة المعلقة على الزجاج الداخلي لمحلات"هوا تشيكن"عنوان:"تعميم حول أنفلونزا الطيور". الورقة مثبتة بطريقة تجذب انتباه الزائر، تمهيداً لتزويده معلومات تفيد بأن المرض"ظهر منذ سنوات عدة... وان عدد الأشخاص الذين أصيبوا جراءه في آسيا ضئيل. والفروج المستهلك في لبنان هو إنتاج محلي"، والأهم من ذلك،"أن المرض ينتقل فقط من خلال الاحتكاك المباشر مع الطيور الحية المريضة". لكن، هل يمكن لهذا التعميم التصدي للكم الهائل من المعلومات المتضاربة حول خطورة مرض أنفلونزا الطيور؟ "وزارة الصحة أفادت بعدم ورود إصابات حتى الآن"، يرد مدير المحلات علي أبو خليل مدافعاً عن مهنته التي تتعرض للخطر. ف"المبيع أقل من السابق، إلا أن مزارعنا في الصفرا تتبع تعليمات الوزارة"، يضيف مفسراً أن"المشكلة ليست في الدجاج المذبوح، لأن الخطر لا ينتقل إلا من الدجاج الحي، وهذا يجعل الخطر محصوراً بالعاملين في المزارع وليس مستهلكي الطيور غير الحية". ينتقد أبو خليل الطريقة التي ضخمت بها الوزارة الموضوع، من دون أن توضح أن المشكلة تنحصر في صيد الطيور". ويقول:"الناس يقصدون المحال للسؤال عن طبيعة المرض، وعندما نشرح لهم المشكلة، يبتاعون الدجاج من دون أي تردد". يراهن أبو خليل على الأيام المقبلة، وبالتحديد على صدور تقرير رئيس لجنة التحقيق ديتلف ميليس،"عندها سينسى الناس خطر الدجاج". مسلخ فردي لطالما اشتهر محيط مبنى دار الفتوى بالرائحة المنبعثة من المحل الصغير في الزاوية. مساحة المحل لا تتعدى الخمسة أمتار مربعة، غير أن سر الرائحة يقع في عشرات الصناديق المرصوفة بطريقة تسمح لزبائن المحل باختيار الدجاجة قبل شرائها وذبحها. ويعود سر الزحمة التي كان يشهدها المحل منذ عشرات السنين وحتى قبل نحو أسبوع إلى انه"يذبح على الطريقة الشرعية كوننا لا نثق بالدجاج المذبوح مسبقا"، يقول أبو خالد الذي قصد المكان لشراء دجاجة، قبل أن يفاجأ بصاحب المحل يجلس خارجه، والى يمينه قفص واحد يحوي دجاجتين،"لم يعجبني منظرهما، ففضلت شراء اللحمة، لأن المغربية يمكن أن تطهى باللحمة البقر بدل الدجاج". غادر أبو خالد وبقي صاحب المحل بانتظار زبون يشتري الدجاجتين"السليمتين"بسعر مخفوض حتى ينصرف إلى بيته لتمضية ما تبقى من الموسم. خسارة مضاعفة "حي اللجا"، سوق آخر يشتهر بالدواجن التي تسير إلى جانب المارة على الطريق، لتبحث عن قوت يومها بين"بسطات"الخضار. أمس، كانت الصورة في"حي اللجا"مختلفة. لا دواجن على الطرقات. ولا زبائن في المحال المتخخصة ببيع الدجاج. في وسط الحي بالتحديد، جلس العامل في"مسلخ شري للدجاج"، على سيارته مرتديا ثياب العمل."الحالة عدم"، يختصر العامل المبيع في المسلخ. ويضيف:"ننتظر شهر رمضان كل السنة لنحقق أرباحا تفوق العادة بأضعاف، أما هذا العام فالخسارة مضاعفة". يعرف أن"مربي الدجاج هم أول من يتأذى في حال وجود المرض"، إلا انه"لا يمكننا تناول المضادات الحيوية قبل الإصابة، كما أن أوروبا نفسها تعرضت للإصابة بالمرض ولم تنجح في مكافحته، ونحن لسنا اكثر تطوراً من أوروبا". لا يعتقد العامل أن الأزمة ستنتهي بانتهاء موسم الصيد، أي في أواخر تشرين الثاني نوفمبر، وإنما على"حدث اكثر أهمية كتقرير ميليس أو محاولة اغتيال جديدة". تعتقد الحاجة سامية أن"الفيروس قاتل، وينتقل إلى الإنسان من طريق لمس الدجاجة المصابة"، معلنة عن حملة منظمة تشنها مع جاراتها على الجيران الباقين الذين تابعوا شراء الدجاج. لا ترى سامية ضرورة ل"تلافي تحذيرات وزارة الصحة، فمن المعروف أن الرسميين لا يدقون ناقوس الخطر إلا إذا كانت الحالة مستعصية". غير أن حالة سامية لا تختصر الصورة. أبو وائل لا يرى سبباً لكل هذا الذعر، ف"الفيروس يصبح غير فاعل عندما نغلي الدجاج على درجة حرارة 70، وهو حتى وان كان فاعلاً لا يسبب إلا التسمم الذي يمكن معالجته عبر تناول كوب من الحليب". حالتا أبو وائل والحاجة سامية لا تشبهان حالة امرأة حديثة الزواج عبأت الوسادات المستوردة من الصين في أكياس لرميها في النفايات، لأن"دجاج الصين مصاب بالفيروس، وهل يمكن أن أنام على وسادة من ريش دجاجة قد تكون مصابة؟".