من فيتنام، المحطة الاخيرة لجولته الآسيوية المخصصة لمكافحة انفلونزا الطيور، رسم مايك ليفييت وزير الصحة الاميركي، صورة متشائمة عن هذا الوباء. وأشار الى احتمال حدوث جائحة كارثة عالمية في العقد المقبل. وشدد على ان"لا امة على وجه الارض في امكانها تجاهل الامر". والمعلوم ان فيتنام عانت موجة قاسية من الوباء، قتل خلالها 43 شخصاً وفُقد أو ذُبح 45 مليون طير. وجاءت جولة الوزير ليفييت التي شملت تايلاندا وكمبوديا ولاوس كلها عانت الوباء، اثر اجتماع لنحو 80 خبيراً عالمياً في واشنطن، اقرت خلالها خطط شددت على ضرورة التعاون الدولي لاحتواء الوباء الذي لم يهدأ منذ العام 2003. والتقطت كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الاميركية، الخيط نفسه في تصريحاتها امس. وحضت دول العالم على التعاون وتبادل المعلومات بشفافية، مستخدمة لغة تشبه التي تستعملها في وصف"الحرب على الارهاب". وتوصل خبراء الاتحاد الاوروبي في الطب البيطري، في قمة طارئة عقدت في بروكسل امس، الى خطة تهدف لوقف زحف الفيروس باتجاه غرب اوروبا، وتشمل ارسال خبراء ومختبرات متقدمة الى تركيا وبلغاريا. وبيّن الخبراء ان موجة الانفلونزا التي ضربت العالم عام 1918 وقتلت 50 مليوناً، حدثت بأثر من فيروس"قفز"مباشرة من الطيور الى البشر، من دون ان يمتزج بفيروس الانفلونزا البشري العادي. وسبق الكثير من الاطباء ان ابدوا خشية من امتزاج فيروس"اتش 5 ان 1"H5N1، الذي يُسبب الموجة الراهنة من المرض، بفيروس الانفلونزا البشري العادي. وتعني هذه النتيجة ان على العلماء مراقبة التغييرات في تركيب"H5N1"، لمعرفة هل وصل الى مرحلة يقدر فيها على التفشي بين البشر مباشرة. وفي الحال الراهنة، يستطيع الفيروس اصابة البعض، مثل مربي الدواجن، لكنه لا ينتقل من انسان الى آخر، أي انه لا يتفشى بين افراد الجنس الانساني. في السياق ذاته، اعربت"منظمة الصحة العالمية"عن قلقها من انتشار شكل قاتل من فيروس انفلونزا الطيور في مناطق جديدة. وابقت مستوى التأهب لمواجهته عند مستواه الراهن، أي عند المرحلة الثالثة التي تصف الحال علمياً بأنها"ظهور فيروس جديد بالنسبة الى البشر يتسبب بالتهابات لكنه لا ينتقل بسهولة من شخص الى آخر". وبيّنت المنظمة ان"انتشار فيروس"اتش 5 أن 1" الى الدواجن في مناطق جديدة يسبب القلق لأنه يزيد فرص حدوث مزيد من الحالات بين البشر". وبدت موجة انفلونزا الطيور وكأنها وصلت الى"شفا الهاوية"امس عندما حجز مستشفى في تركيا تسعة اشخاص قُتلت اربعون من حماماتهم خلال الاسبوعين الماضيين. وارسلت عينات من دمائهم الى مختبر متخصص. في المقابل، فان أيّاً منهم لم تظهر عليه علامات الاصابة بمرض انفلونزا الطيور. وفي الجوار التركي، قررت الحكومة العراقية منع استيراد الطيور والدواجن واللحوم والبيض من دول العالم. وفي بيروت، اصدرت الجامعة الاميركية بياناً اكّد خلو لبنان من الاصابات بانفلونزا الطيور. واعادت وزارة الزراعة التشديد على الحظر التام للصيد البري. ووزع المركز الاعلامي للامم المتحدة بياناً للدكتور جاك ضيوف، المدير العام لپ"منظمة الاغذية والزراعة"فاو، دعا فيه الى التشديد على احتواء وباء انفلونزا الطيور بين الدواجن. وأشار الى تجربة تايلاندا، التي"حققت خفضاً مثيراً في موجات المرض، كما توقفت الاصابات بين بني البشر"عبر التركيز على مكافحة المرض في الدواجن، وپ"اعتماد اجراءات الابادة والامن البيولوجي"، بما فيها المراقبة والبحث. وأشار الى ان فيتنام تمارس اسلوباً مماثلاً. وشدد على نجاح تلك الاجراءات في"ازالة المرض بسرعة"في دول مثل ماليزيا وكوريا واليابان. ويذكر ان"الفاو"خصصت 100 مليون دولار لدعم تلك الاجراءات. وأعدّت وزارتا الصحة والزراعة الاسرائيليتان خطط طوارئ تحسباً لاكتشاف النوع الفتّاك من فيروس أنفلونزا الطيور في الدولة العبرية، بعد ظهوره في تركيا ورومانيا. ووفرت وزارة الصحة أدوية ولقاحات لثلاثمئة ألف شخص فيما بدأت وزارة الزراعة في أخذ عينات دم من مزارع الدواجن.