جميل أن يكون هناك برنامج مخصّص لمعالجة مشاكل الأطفال يحاورهم ويفسح لهم المجال كي يسألوا ويُسألوا، كما في برنامج"نظرة على"الذي يبثّ على قناة"الجزيرة للأطفال". جميل أن نعرف ما مستوى اطفالنا الذهني والفكري والتعبيري، وكيف يعبرون عن انفسهم ويتحاورون مع الآخر؟ وجميل أن يبدوا رأيهم في تلوث البيئة والرسوم المتحركة والطعام والمأكولات والكشافة والأخبار السياسية... كل هذا جميل لكن المثل ينطبق هنا"الحلو ما يكملش". فالمفترض أن يدير الحوار خلال البرنامج شاب وشابة هما أحمد وحنان، إلا أنهما في معظم الحلقات يبدوان أقلّ بكثير من مستوى الأطفال انفسهم ويبدوان دوماً على غير صلة بعالم الطفولة وقضاياه! قد نظلم حنان إن ساويناها بزميلها فهي تمتلك موهبة تجعلها قادرة، ان نمّتها، على ان تقوم بدورها كمحاورة، لكن زميلها في واد آخر.پ في حلقة عالجت"الرسوم المتحركة"توسّط المقدّم، أحمد،پالمنصّة وألقى الأسئلة بابتسامة عريضة لا مبرر لها على طفلة صغيرة بينما هي تبحث بصعوبة عن عبارتها، إلا أنها نجحت أخيراً بعدما أربكتها الابتسامة العريضة التي بدت تستخفّ بها وقد تكون دفعتهاپالى التساؤل:"لماذا ينظر إليّ هكذا؟ لماذا يرفع حاجبيه مستغرباً؟ هل أقول شيئاً غريباً هل أنا فاشلة في التعبير؟". سألپالمقدّم أثناء الحلقة عن الدمية باربي! لسنا ندري لماذا! ولكنه قارنها بدمية عربية هي"ليلى"، ولم يكن له أدنى فكرة عن الموضوع الذي يتحدث فيه لأن"ليلى"كانت مشروع دمية ستنتجها جامعة الدول العربية وفشل المشروع ولم تر ليلى النور. تدخّلت الفتاة الصغيرة ستة أو سبعة أعوام لتصحّح للمقدّم وتقول له:"فلّة"، وهي الدمية الشبيهة بباربي التي لها شعر أسود وترتدي الثوب الخليجي! ومن يتابع أمور الأطفال والدمى والكرتون يعرف أن"فلة"ستقدّم فيلم كرتون من انتاج سوري خليجي بالتعاون مع تلفزيون"سبايس تون"وقد ندخل هنا في محور مهم هو مشاركة التلفزيون العربي في انتاج كرتون عربي وموقع"الجزيرة للأطفال"من هذا الأمر... لكن الحوار تحوّل للحديث عن الدمى والألعاب!! أخطاء جسيمة أخرى وقع فيها المذيع اذ لم يتحدث عن"بكار"أشهر شخصية الكترونية عربية من انتاج التلفزيون المصري، والوحيد الذي تمت دبلجته الى لغات أجنبية وأشتراه التلفزيون الصيني! لم يسأل عن"بكّار"وسرّ نجاحه ووصوله الى الصين ومن يرعى هذا المشروع هي السيدة سوزان مبارك لم يسأل عن الفيلم الكرتوني العربي الذي شارك في مهرجانات سينما الكرتون الدولية،"حي بن يقظان"لمخرج عراقي وانتاج خليجي، لم يسمع ربما بمشروع الانتاجپاللبناني - الانكليزي لفيلم من وحي"ألف ليلة وليلة"سينتج ويتم اخراجه بين لندن ودبي وبيروت وستضع جينيفر لوبيز صوتها فيه! كيف للنجوم العالميين أن يقبلوا بالمشاركة في أعمال الكرتون التي تجني ملايين الدولارات بينما لا يعير العالم العربي أي اهتمام لهذا الفن. تتدخّل المحاورة بدورهاپلتعطي معلومة خاطئة وعشوائية، تبرّر طغيان أفلام الكرتون اليابانية في الماضي بأنها كانت الوحيدة على الساحة! وهذا خطأ كبير صحّحته المخرجة الحاضرة في الاستديو بتأكيد الحضور القوي للانتاج الأميركي نقار الخشب - توم وجيري- ميكي ماوس ورفاقه - باغز بني... لكن انتشار الانتاج الياباني، وهو ما لم تشرحه المخرجة، يعود الى رخص سعره، فسوق توزيعه واسعة وتكفيه سوق الشرق الأقصى حيث العدد الهائل من التلفزيونات. پفي لقطة صادقة من كاميرا ذكية لا بدّ من الاشادة بالتقنية العالية للبرنامج اخراجياً وتقنياً سرقت مشهداً رائعاً لطفل في الخامسة من العمر يرخي رأسه فوق يد الكرسي بين الجمهور معبّراً عن ملله وعدم اكتراثه بحوار فوضوي لا يعنيه، بينما الرسوم المتحركة هي أكثر المواد التلفزيونية المقدّمة لمن هم دون السادسة، ألا يعني هذا فشل مديري الحوار في مهمتهما؟ قالت طفلة بين الجمهور:"أريد شخصية كرتون تطير حقاً، لأنني أحب أن أطير". قالتها بعربية سليمة بسيطة وعفوية معبّرة بالحرف عن حلمها وفكرتها. نؤكّد ان هذه الطفلة إن استمرت في متابعة هذا البرنامج وهو على هذا الشكل لن تنجح في قول جمل مشابهة، فالبرنامج يعجّ بالأخطاء الفادحة على عكس ما وعدت القناةپ بتقديمپ لغة عربية سليمة، وعدم تكريس نجوم على حساب المادة والمضمون والرسالة السامية للمحطة. لكن ما حدث هو بالتحديد العكس تماماً، فمقدّم البرنامج، لا يتقن سوى الابتسام للكاميرا ومخاطبتها بلغة النجم المعجب بنفسه وطلّته كواحد من نجوم الحوارات الساخنة، تأثراً ربما بپ"الجزيرة"الإخبارية الأم، أو انطلاقاً من غرور وغطرسة يصيبان الوجوه الشابة التي تصعد من لا شيء الى شاشة قناة مهمة وبرنامج كهذا ولا تكون مسؤولة عن المهمة المسندة اليها ولا فاهمة للرسالة التي بين يديها! علماً ان الشاب المقدّم هو أحد مراسلي روتانا!! من تونس أن يسأل ماذا تخيرين بدل ماذا تختارين، والفتيات الصغار بدل الصغيرات،پوما رأيكم وهو يتحدث الى اثنين فقط، ويعجز عن ارتجال جملة بسيطة ... كل هذا يمكن أن يكون منفراً في شكل عادي لو لم يمرّ عرضاً ولو يبثّ على شاشة يفترض أن نسلّم لها صغارنا ونحن نشعر بالأمان!پ متخصص في التربية والإعلام.