جاء في تقرير لمكتب خدمات المراقبة الداخلية في الأممالمتحدة نشر أمس، أن الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها جنود بقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ضد فتيات في جمهورية الكونغو الديموقراطية واسعة الانتشار ومستمرة، على رغم كشف النقاب عن كثير من تلك الانتهاكات والتحقيقات في ذلك، مشيراً إلى أنها تعكس"مشكلة جدية ودائمة". وقدم التقرير الذي أعده المكتب وتناول 72 ملف اتهام، عشرين ملفاً اعتبرها مفصلة في شكل كاف. وأحد هذه الملفات يتعلق بموظف مدني يعمل مع الأممالمتحدة وال19 الباقية تتعلق بجنود من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديموقراطية. وقالت مصادر قريبة من الملف ان الموظف المدني فرنسي الجنسية وهو مسجون في فرنسا وأن الجنود المعنيين بالأمر هم من الاوروغواي وباكستان والنيبال والمغرب وتونس وجنوب أفريقيا. وتشارك ما مجموعه نحو 47 دولة في قوة حفظ السلام في الكونغو. وأجرى المكتب تحقيقاته في بونيا ايتوري، شمال شرقي جمهورية الكونغو من أيار مايو الى ايلول سبتمبر 2004 إثر ظهور معلومات في الصحافة المحلية حول قيام عناصر من قوة حفظ السلام في شكل منتظم بأعمال عنف وتجاوزات جنسية على نساء وفتيات كونغوليات تصل أعمارهن أحيانا الى 13 و14 عاماً. وقال الامين العام للامم المتحدة كوفي انان بعد تلقيه تقريراً اولياً بهذا الخصوص في تشرين الثاني نوفمبر الماضي:"اخشى ان تكون هناك ادلة دامغة بأن اعمالاً خطيرة قد جرت. انه شيء معيب ان تضطر الاممالمتحدة ان تقره وأنا فعلاً مصدوم". ويصل عدد افراد الاممالمتحدة في الكونغو الديموقراطية الى عشرة آلاف رجل وهم منتشرون في هذا البلد منذ عام 2001، اي قبل عامين من انتهاء الحرب فيه. وتحدث التقرير عن صعوبات واجهت المكتب في تحقيقاته، خصوصاً بسبب التبديل الدوري للجنود، ما اتاح للبعض الافلات من التحقيق. وأوضح انه على رغم الاعلان عن التحقيق، فإن التجاوزات استمرت"بسبب الشعور بأنه لن تكون هناك عقوبات". وعدّد التقرير سلسلة من التوصيات لمحاولة وضع حد لهذا الوضع، خصوصاً ان الاممالمتحدة تشدد على الدول التي قدمت جنوداً متهمين بهذه الفضيحة ان تتخذ"الاجراءات المناسبة"في حقهم. ويطلب من قسم عمليات حفظ السلام في الاممالمتحدة وكذلك من قوة حفظ السلام في جمهورية الكونغو الديموقراطية تطبيق برنامج وقائي وإطلاع الجنود على مسؤولياتهم تجاه السكان المدنيين. ويطلب ايضاً من قيادة قوة حفظ السلام في الكونغو تعزيز النظام في صفوف القوات. وأخيراً، يقترح التقرير اقصاء الاشخاص الذين يرتكبون مثل هذه الاعمال عن اي مهمة لحفظ السلام. وأعلن وليام لاسي سوينغ الممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة كوفي انان في الكونغو خلال مؤتر صحافي في الاممالمتحدة ان بعض هذه التوصيات يطبق فعلاً. وقال ان احدى الدول التي تقدم جنوداً لحفظ السلام لم يشأ ان يذكر اسمها قامت بملاحقات قضائية في حق اثنين من جنودها. اما جان ماري غيهينو رئيس قسم عمليات حفظ السلام فقد اعتبر ان من المحتم التحرك بقوة من اجل وضع حد لهذه الاعمال. وقال انها"تؤثر سلباً وفي شكل خطير في سمعة الاممالمتحدة". من جهة أخرى، جاء في بيان آخر لبعثة الأممالمتحدة في الكونغو الديموقراطية ان ما لا يقل عن ثلاثين مدنياً قتلوا في كانون الأول ديسمبر الماضي في قرية بشرق الكونغو على يد جنود متمردين من الجيش النظامي الكونغولي. وأضاف البيان أن المنشقين الذين يتهمون سكان القرية بدعم الميليشيا المحلية قاموا بعملية"نهب واسعة النطاق"للقرية.