استبعد قائد"القوات الدولية لفك الاشتباك"بين سورية واسرائيل الجنرال بالا ناندا شارما ان"يتجه"رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الى المسار التفاوضي مع سورية ما لم تقم دمشق ب"خطوات ملموسة"، وذلك بعدما اكد ان الرئيس بشار الاسد"جدي"في رغبته في استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة. وقال شارما في حديث الى"الحياة"ان"صفقة تصدير"15 الف طن من التفاح"الجولاني"الى سورية تنتظر قرارا من شارون وان مكتبه اقترح ارسال وفد اسرائيلي لمناقشة القضية مع الجانب السوري في دمشق. وفي ما يأتي نص الحديث: بعد مرور ثلاثين سنة على توقيع فك الاشتباك بين سورية واسرائيل، هل كان الطرفان ملتزمين الاتفاقية؟ - حصلت بعض الخروقات، لكن ليس بمستوى كبير يؤدي الى استئناف الحرب. دورنا هو التنبيه الى الخروقات الصغيرة كي لا تكبر. كان هناك عدد من الخروقات وابلغنا الطرفين بذلك. أي من الطرفين اكثر خرقا للاتفاقية؟ - عموما لم تكن الخروقات بمستوى عال، بل كانت بالمستوى التكتيكي. حددنا المناطق على الخرائط وليس على الارض، لذلك قد لا يعرف الجنود او الناس مكان انتهاء المنطقة المحددة. دورنا هو ابلاغهم بذلك. هذه هي طبيعة الخروقات، وليست من نوع اطلاق النار او الغزو. في تشرين الاول اكتوبر 2003، قام الاسرائيليون باعتداء عسكري على منطقة عين الصاحب قرب دمشق. هل تعتبر هذا خرقا لاتفاقية فك الاشتباك؟ - اتفاقية 1974 هي لتأسيس"القوات الدولية لفك الاشتباك"من جنوب حرمون الى الحدود مع الاردن. اتفاقية جنيف تشمل هذه المناطق. عين الصاحب خارج منطقة"اندوف". تقصد ان ذلك ليس خرقا؟ - ليس خرقا لاتفاقية"اندوف"، بل خرق لسيادة دولة. هذا رأيي الشخصي. الى اين وصلت"صفقة التفاح"من الجولان الى سورية؟ - تم الاتصال معي في البداية من قبل الجانب السوري. تبلغت ان الحكومة الاسرائيلية وافقت لمواطن في القسم المحتل من الجولان على تصدير تفاح الى سورية عبر نقطة العبور في الجولان. وهل وافق السوريون على عبورها من القنيطرة؟ - هذا ما تبلغته شفويا. ذهبت الى الجانب الاسرائيلي وسألت ضباطا رفيعي المستوى في الجيش الاسرائيلي: هل فعلا سمحتم بعبور التفاح من النقطة الواقعة في طرفكم في الجولان؟ كانوا مندهشين، وقالوا انهم لم يسمعوا بذلك. طلبوا مني ادلة. بعد ذلك، جئت الى وزارة الخارجية السورية، حيث تسلمت رسالة باللغة العبرية. وذهبت الى الجانب الاسرائيلي لاريهم الوثيقة. من وقع الورقة؟ - موقعة من شخص ما. لم يكن القرار بمستوى وزاري، بل من خبراء فنيين يعملون في الجولان على تطوير زراعة التفاح والعنب. هؤلاء الاشخاص اعطوا تفويضا ببيع التفاح في سورية. ضباط الجيش الاسرائيلي أبلغوني ان ذلك لا يعتبر موقفا رسميا، لذلك قرروا ان يعرضوا الموضوع على وزارات الدفاع والزراعة والمال. وكل الأطراف وافقت على الصفقة. لكن القرار لا بد ان يأتي من رئيس الوزراء باعتباره امرا سياسيا ونتعامل مع دولتين. الى اين وصلت؟ - قبل ثلاثة ايام تبلغت ان مواطنين من مجدل شمس في الجولان ينوون المجيء الى سورية لمناقشة الامر مع الحكومة السورية. لكن اعطيت الانطباع ان مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي مهتم بارسال مسؤولين الى دمشق او ان يذهب السوريون الى اسرائيل لمناقشة المسألة. الجانب السوري يعلن انه يرفض امرا كهذا؟ - هذا ما سمعته. لم اتلق أي رسالة. انا مهتم لانه سيكون لنا دور كبير في الامر. التفاح سيعبر القنيطرة حيث تنتشر قوات"اندوف". نقطة العبور في القنيطرة كانت مخصصة لاغراض عسكرية ثم سمح بعبور الطلاب والعرائس والشيوخ بعد قبول ذلك من الطرفين. لكن الامر الحالي مختلف لانه يتعلق بامر اقتصادي بأبعاد سياسية. سألت السوريين: انتم حساسون لهذا الامر. هل ستسمحون بعبور 15 الف طن من التفاح؟ يقولون دائما: يعطوننا الانطباع ان هذه ليست حدودا دولية بل نقاط لعبور العسكريين. هل تعرفون كم شاحنة نحتاج؟ هل انتم جاهزون لذلك؟ هم يقولون انهم جاهزون، لكن لم ار الجهوزية على ارض الواقع. هل ترى رابطا سياسيا بين هذا الامر ومشروع اعادة اعمار القنيطرة؟ - جاء بناء القنيطرة قبل"صفقة التفاح". سمح بمشروع اعادة الاعمار في آب اغسطس الماضي، حيث تحدثت وقتذاك مع محافظ القنيطرة محمد نواف الفارس عن المشروع. لا استطيع ان اضع الامرين في سلة واحدة. هل انت مقتنع ان سورية ستعيد بناء القنيطرة؟ - التمني شيء اخر. لدي انطباع ان مرسوما رئاسيا وقع من الرئيس بشار الاسد لاعادة اعمار القنيطرة. كنت مهتما بالامر لسببين: الاول، لدينا قوات في القنيطرة، لذلك لابد ان نكيف وضعنا بحسب المشروع. الثاني، ان مهمتنا حددت عندما كانت القنيطرة مدمرة. لكن اعمار القنيطرة يعني بعض التعديلات لتنفيذ المهمة ذاتها المحددة من مجلس الامن. هل أنت متأكد ان ذلك سيحصل؟ - ارى ذلك يحصل على الارض. هناك عدد كبير من المزارعين يعودون بدعم الحكومة للاهتمام بمزارعهم وبناء بيوتهم. لكن اعادة اعمار المدينة ستأخذ وقتا اطول. سياسيا، كيف ترى هذه الخطوة: اشارة سلام ام تشبث؟ - السلام متحقق في المنطقة منذ ثلاثين سنة. خلال هذه الفترة زاد عدد سكان القنيطرة حسب ما قال لي المحافظ من 35 الفاً الى ما بين مئة و150 الف شخص. يعيش هؤلاء في دمشق وحولها. اعادة الاعمار ستعيدهم الى بيوتهم وتحل مشاكل كثيرة. التقيت مبعوث الاممالمتحدة السابق تيري رود لارسن بعد قوله ان الرئيس الاسد مستعد لاستئناف المفاوضات مع اسرائيل"من دون شروط مسبقة". هل انت مقتنع؟ - يجب ان تكون سورية مستعدة. الجانب الاخر لا يعاني. خلال ثلاثين سنة حقق الطرف الثاني الكثير من المكاسب وسورية كانت تخسر. لذلك، فان السلام يجلب الكثير من الازدهار الى سورية. وباعتبار ان ذلك يجلب الازدهار الى الشعب السوري، فان الرئيس الاسد جدي وهذا افضل لسورية والشعب السوري. لا اعرف ما دار بين الاسد ولارسن. بحسب معلوماتي، فان الاسد جدي. لكن اذا كان الطرف الاول جديا والطرف الاخر ليس جديا، يمكن ان لا تبدأ المفاوضات. تقصد الجانب الاسرائيلي؟ - ما اقرأه في الصحافة ان اسرائيل تطلب ان يقوم السوريون بشيء ملموس لاظهار انهم جديون. الكلام ليس كافيا. تحدثنا بما يكفي. نتحدث عن السلام منذ ثلاثين سنة ولم يحصل شيء. ربما هذا نفاق. دعهم يقومون بشيء ملموس. عندما اسألهم الاسرائيليين: ماذا تقصدون بالشيء الملموس؟ يقولون انهم يريدون السيطرة على الارهاب والاعمال الارهابية. انهم يرون ان الارهاب مسيطرا عليه من هذا الطرف. ويريدون وقف دعم الارهاب. هذا ماكنت اسمعه من الصحافة لانني لا أستطيع مناقشة السياسة. وكل كلامي عن السياسة هو رأيي الشخصي ولا علاقة له ب"اندوف". لكن الجانب السوري لم يتلق أي رد ايجابي من الاسرائيليين او الاميركيين للانخراط في المسار السلمي؟ - ربما هذا الكلام صحيح. لكن مرة ثانية، بحسب الصحافة، فان الرئيس الاسد قال: من دون شروط مسبقة. لكن وزير الخارجية فاروق الشرع يقول شيئا اخر. بيان وزارة الخارجية افاد بأن سورية تريد استئناف المفاوضات"من حيث توقفت". يقولون الاسرائيليون انه ليس هناك انسجام وليس هناك خط واحد. هكذا يرون الامر. في المقابل، هل ترى ان شارون يريد السلام؟ - لا استطيع قراءة ما في عقلهم. لا بد انهم استفادوا من الدروس بعد توقيع اتفاق سلام مع الاردن. اذا ارتكبوا بعض الاخطاء ويجب ان لا يعيدوها بانجاز سلام ثنائي. حتى لو تم توقيع سلام مع سورية، يجب ان يكون لبنان متصلا بذلك. ليست هذه لعبة سهلة كما يظن بعضهم. لذلك يتحدث المجتمع الدولي عن ضرورة ان حل كل القضية معاً. لا يمكن ان يجلب اتفاق سلمي سلاما. لذلك، السلام بين جميع الأطراف، ربما كان حلاً جيدا. هل تقصد سلاما شاملا؟ - جرت محاولات لذلك. عندما تتحدث عن مفاوضات لا بد ان يأتي الطرفان. إذا لم يكن لديك استعداد للمرونة والتعاطي الإيجابي، لا يمكن ان تحقق شيئا. لابد ان تكون الاطراف مستعدة لتقديم تنازلات. هل ترى شارون مستعدا لتقديم"تنازلات"واعادة الجولان الى سورية؟ - بالنظر الى مشاغله، لا اعتقد انه سيدير وجهه نحو الجولان، لانه منشغل كثيرا في السياسة الداخلية والانسحاب من غزة والتغييرات في حكومته للحفاظ على السلام والامن. ان يهتم بالجولان ام لا؟ هذا يعود له. لكن النظر الى نهجه السياسي وطريقة عمله يظهر انه لن يعود فورا الى بحث الجولان. وهو ينتظر دليلاً ملموساً، وليس كلاما فقط. ربما يريد الاسرائيليون الانخراط ثنائيا. عندما اتحدث الى الاسرائيليين يقولون: لماذا لانتحدث مباشرة؟ لماذا نحتاج الى طرف ثالث؟