كشف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في تقرير إلى مجلس الأمن، أن قوة «أندوف» الدولية في الجولان تتعرض لاعتداءات مسلحة متكررة، لم يُعلن منها سوى احتجاز 21 من جنود كتيبتها الفيليبينية الشهر الماضي، وهو ما يهدد بقاءها برمته. ووجّه تحذيراً شديد اللهجة إلى مجلس الأمن، بأن التصعيد العسكري بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة «ينطوي على احتمال تصعيد التوتر بين سورية وإسرائيل وتقويض وقف إطلاق النار بين البلدين واستقرار المنطقة». وأكد في تقرير عن عمل بعثة مراقبة اتفاق فك الاشتباك في الجولان (أندوف)، أن سحب دول جنودها من البعثة أدى إلى تراجع قدرات «أندوف» العملانية وتسبب في انسحابها من نقاط تمركز وتقليص تحركاتها الميدانية. وقال بان إن الجيش السوري «انتهك اتفاقية فك الاشتباك بنشر قوات وآليات غير مرخص لها» في منطقة الفصل، مذكِّراً «السلطات السورية بالتزاماتها بوقف أنشطة قواتها المسلحة» هناك، ودعاها الى «وقف إطلاق النار من المنطقة والتزام ما تم الاتفاق في شانه». وأضاف أن «أندوف شهدت حركة مستمرة، من عبور أشخاص غير محددي الهوية، بعضهم مسلح، عبر الحدود بين لبنان وسورية في القسم الشمالي من منطقة الفصل»، لافتاً إلى أن عدد هؤلاء «ازداد منذ بداية كانون الثاني (يناير) وبوتيرة أعلى». وأعلن بان، في التقرير الذي سيناقشه مجلس الأمن الثلثاء المقبل، أن عديد أندوف حالياً هو 1008 جندياً بينهم 374 من النمسا و343 من الفيليبين و194 من الهند و97 من كرواتيا، وقال إن كرواتيا أبلغت الأممالمتحدة في 28 شباط (فبراير) قرارها «سحب كل جنودها من أندوف بسبب تدهور الوضع الأمني»، وإن الوحدة الكرواتية أوقفت كل تحركاتها منذ 27 شباط (فبراير). وكانت اليابان سحبت وحدتها من البعثة (46 جندياً) نهاية العام الماضي، ما «أثر في أداء عمليات النقل والهندسة والقدرات اللوجستية لأندوف»، وأعلن أن «إيجاد بديل عن الكتيبة اليابانية جار الآن». وقال بان إن أندوف «تعتزم في ضوء انسحاب الوحدة الكرواتية الوشيك إغلاق مواقع في الجانب السوري من المنطقة الفاصلة، ونقل تركيزها من مهمات الدوريات والمراقبة إلى الاتصال وكتابة التقارير». وأبلغ المجلس أن أندوف «علقت عملياتها المتحركة والدوريات الليلية في الجانب السوري وأغلقت نقطتي التمركز 58 و80 – أ وقرب قرية جملة». وقال إن «ازدياد المخاطر يتهدد قوة الأممالمتحدة، وفق ما أكدته الأحداث» في الشهور الثلاثة الأخيرة، ودعا «كل الأطراف الى احترام حرية حركة أندوف وسلامة عناصرها وأمنهم». ووفق التقرير، «تعرضت أندوف إلى 7 اعتداءات خلال الشهور الثلاثة الماضية»، وأن سيارتين تابعتين لها أصيبتا برشقات نارية في حادثين منفصلين، كما أن «عناصر مسلحة اقتحمت نقطة المراقبة 52 في 28 شباط (فبراير) وسرقت معدات منها». وفي شأن احتجاز 21 جندياً فيليبينياً في قرية جملة في 6 شباط (فبراير) قال بان: «كانوا عائدين من مهمة إمداد عادية»، وأوقفوا واحتجزوا لثلاثة أيام من مجموعة عرفت عن نفسها بأنها من «كتائب شهداء اليرموك» بعدما «أخذت مفاتيح عرباتهم». وأضاف أن المجموعة «طالبت بأن يسحب الجيش السوري معداته الثقيلة 20 كيلومتراً» بعيداً من البلدة، مشيراً إلى أن عربات الجنود الأربع «لم تسترد بعد». وأضاف أن «المعارضة السورية أوقفت دوريتين أخريين في خان عيشة وحضر، وصادرت عربات وأسلحة»، فيما «أوقف الجيش السوري دورية لمدة ساعة عند حاجز قرب قرية جاسم». وقال إن رشقات وقذائف سقطت على مقربة من أفراد أندوف ومواقعهم «واضطرتهم الى الاختباء في ملاجئ». وأوضح أن القصف تم باستخدام المدفعية والهاون والدبابات والأسلحة الرشاشة ومضادات الطائرات باتجاه قرى جباتا وطرنجة وعوفنية والحراي والقنيطرة وجبا وبير عجم وبريقة بشكل يومي «وتجري اشتباكات مستمرة في مناطق خان عرنابة والبعث والحميدية الجديدة، غالباً على طول خط طريق إمداد أندوف الرئيسي». وقال إن المراقبين الدوليين «يتعرضون لعراقيل في تحركاتهم في المنطقتين الوسطى والجنوبية في الجانب السوري من منطقة الفصل بسبب الاشتباكات، كما منعت السلطات السورية دخولهم إلى قرى الشراجة والحرة وجاسم وكناكر ونمير ونوى وتاصل لأسباب قالت إنها تتعلق بسلامتهم». وفي الوقت ذاته، قال بان إن «الجيش الإسرائيلي انتهك اتفاق فك الاشتباك مراراً بتحليق طائراته فوق منطقة الفصل ودخول المنطقة من قبل جنود إسرائيليين راجلين». وأضاف أن الجيش الإسرائيلي «عزز تواجده على طول السياج الفاصل خلال العمليات الأمنية السورية كإجراء احترازي»، وأقام «عوائق جديدة على السياج لمنع العبور». وقال إن أندوف ستضطر الى «استخدام ميناء (مطار) بديل لإمداد عناصرها وتبديلهم»، ملمحاً الى إسرائيل من دون أن يسميها. وأوضح أن «الوصول إلى المنطقة من لبنان أو الأردن لا يمكن ضمانه»، مشيراً الى أن استخدام مطار دمشق الدولي لم يعد ممكناً، وأنه «من الضروري لأندوف استخدام ميناء موقت لأغراض النقل والتبديل والإمداد». وأعلن أن «ناقلات جند مدرعة أُرسلت إلى أندوف وتم تزويد جنودها بعدة حماية فردية وبقدرات أمنية مدنية تضم عناصر حماية من الأمانة العامة وبعثات حفظ السلام في المنطقة». وذكّر بان بأن «المسؤولية الأساسية عن سلامة عناصر القوة الدولية وأمنهم في الجانب السوري تقع على عاتق الحكومة السورية»، ودعا «الدول ذات التأثير على مجموعات المعارضة والأطراف الفاعلين» إلى التأكيد على «أهمية ضمان حرية حركة أندوف وسلامة عناصرها». كما دعا مجلس الأمن إلى «ممارسة نفوذه ليحمل الأطراف المعنيين على ضمان عمل أندوف بحرية وأمن في منطقة عملياتها». وأوصى المجلس بضرورة أن «تمتلك أندوف كل الوسائل الضرورية لأداء مهمتها بسلامة وأمن، وهو ما تعتمد عليه الدول المساهمة لمواصلة مشاركتها في البعثة». وختم بأن «لديه ملء الثقة بأن أندوف ستواصل أداء مهمتها بفعالية». وتنتهي ولاية أندوف الحالية في 30 حزيران (يونيو) المقبل، وتحتاج منذ تأسيسها عام 1974 إلى قرار من مجلس الأمن لتجديدها كل ستة أشهر.