في بلديهما، لا ينظر الجيشان الارمني والاذربيجاني الى بعضهما البعض، الاّ من خلال منظار البنادق على امتداد واحد من أخطر خطوط وقف اطلاق النار في العالم، لكنهما في العراق يقاتلان في سبيل قضية مشتركة: الفوز برضا الولاياتالمتحدة. فقد انضمت هذا الاسبوع مجموعة من 46 جنديا أرمنيا الى التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة في العراق حيث ينتشر منذ 2004 نحو مئة جندي لحفظ السلام من اذربيجان، عدوة ارمينيا منذ فترة طويلة. ومع ان باكو ويريفان موجودتان في العراق رسميا للعمل على إحلال الاستقرار في هذا البلد، الا ان تحركهما هذا يهدف في المقام الاول الى إرضاء الولاياتالمتحدة. فلكل من البلدين مصلحة في اقامة علاقات جيدة مع الولاياتالمتحدة في سعي كل منهما الى جذب تعاطف المجتمع الدولي الى قضيته في اطار النزاع القائم بينهما بشأن إقليم ناغورني قره باخ، الجيب الاذربيجاني الذي تسكنه غالبية ارمنية وتسيطر عليه يريفان بحكم الامر الواقع حالياً. فقد تواجهت الجمهوريتان السوفياتيتان السابقتان في حرب دامية مطلع التسعينات اسفرت عن مقتل 30 ألف شخص ونزوح نحو مليونين. ومنذ توقيع وقف اطلاق النار في العام 1994 يخوض البلدان الواقعان في القوقاز حرباً كلامية وسط تجاذب بين موسكو وواشنطن التي عززت نفوذها في دول الاتحاد السوفياتي السابق منذ سنتين. ويؤكد وزير خارجية اذربيجاني سابق ان"ارمينيا ارسلت قوات الى العراق بعدما قالت لها الولاياتالمتحدة: انتم اما معنا واما مع فيكتور يانوكوفيتش"في اشارة الى المرشح الاوكراني المؤيد للروس الذي خسر الانتخابات الرئاسية في وجه مرشح مقرب من الغرب. ومنذ وصول مرشحين لا تدعهم موسكو الى السلطة في جمهورية ابخازيا الجورجية الانفصالية في كانون الثاني يناير وفي اوكرانيا قبل شهر وفي جورجيا قبل عام، بدأ الرئيس الارمني روبير كوتشاريان يبحث عن دعم في الغرب للبقاء في السلطة. ويعتبر اغاسي انكويان خبير الشؤون السياسية في يريفان ان"المسألة العراقية تدفع ارمينيا الى التفكير في خيارها: اما الاستمرار في سياسة مؤيدة للروس او الانسحاب من دائرة النفوذ الروسي". وبشأن اذربيجان يقول انكويان"نحن اعداء لكن ذلك لا يمنعنا من القتال معاً في بلد آخر". ويرى محلل عسكري في باكو ان البلدين قد يستفيدان من تجربتهما في مهمة سلام في العراق في حال التوصل الى اتفاق بشأن ناغورني قره باخ. ويؤكد ازد عيسى زاده"سيكون على العسكريين ان يدركوا يوما الفرق بين خط جبهة وحدود وطنية، وهذا غير حاصل حاليا". لكن سجل التعاون بين البلدين منذ توقيع اتفاق وقف اطلاق النار ليس مشرفاً. ويخشى عيسى زاده ان تؤدي مشاعر الانفعال التي ما زالت متأججة الى اعمال عنف بين الارمن والاذربيجانيين في العراق. وتتعاون اذربيجانوارمينيا مع حلف شمال الاطلسي في اطار الشراكة من أجل السلام، لكن مناورات كانت مقررة العام الماضي في اذربيجان الغيت بعدما اعرب هذا البلد عن عدم رغبته في وجود عسكريين أرمن على اراضيه. ويحاكم ضابط اذربيجاني في المجر بتهمة قتل ضابط أرمني بفأس خلال دورة تدريبية موّلها الحلف الاطلسي في بودابست. ويحذر عيسى زاده"لم يكن لديهم بنادق هناك لكن في العراق سيكونون مسلحين".