هو ميغال دي ثرفنتس سابدرا او ميغال دي ثرفانتس سافدرا. أديب إسباني ولد في قلعة هنار في إسبانيا سنة 1547 . والده هو رودريغو دي ثرفنتس كان طبيباً جراحاً، وأمه هي ليونور دي كورتيناس. امضى ميغال طفولته في بلد الوليد حيث كان والده يمارس مهنة الطب، وتلقى علومه الأولية في المدينة نفسها ثم في قرطبة. التحق سنة 1564 بمدرسة اليسوعيين في اشبيلية ثم انتقل الى مدريد سنة 1568، وفيها تلقى دروساً خاصة على يد استاذ الآداب"خوان لوبر دي هويوس". سافر الى إيطاليا سنة 1569 لأسباب اختلف فيها، ولا يعنينا الخوض في تفاصيلها. وهناك استقر في روما والتحق بحاشية الكردينال جولو اكوافيفا، وتعلم اللغة الإيطالية، وقرأ لكبار الأدباء الإيطاليين بلغتهم الأم، وتأثر بعدد منهم، وفي مقدم هؤلاء"لودوفيكو اريوستو"، الذي بدا اثر ملحمته"اورلندو الغاضب"واضحاً في رواية دون كيشوت هذه. انخرط ثرفانتس، سنة 1570، في الجيش الإسباني العامل في ايطاليا تحت إمرة خوان النمسوي، وخاض في 7 تشرين الأول اكتوبر سنة 1571 معركة الليبانتو البحرية. وهي معركة دارت رحاها بين الأتراك وتحالف الإسبان والبنادقة وبعض الأوروبيين، وانتهت بهزيمة الأتراك فأوقفت توسعهم في المتوسط. وفي هذه المعركة اصيب ثرفانتس بعطل دائم في يده اليسرى لكنها لم تبتر. وفي طريق عودته من نابولي الى اسبانيا سنة 1575، هاجمت سفينته الغاليرات التركية، فأُسر، واقتيد الى الجزائر، حيث امضى خمس سنوات حاول خلالها الهرب غير مرة، وتوسط كاتب ملك اسبانيا فيليب الثاني لافتدائه وتحريره، فلم يحرره اخيراً غير فدية المال بوساطة احد الرهبان، وكان ذلك سنة 1580 . وقد تركت فترة الأسر هذه ابلغ الأثر في نفسه وفي ادبه، كما ظهرت آثارها واضحة في رواية"دون كيشوت". عاد ثرفانتس الى اسبانيا سنة 1580 ليستقر في مدريد، ثم تزوج بالسيدة"كاتالينا دي سالاثار بلاثيوس"فكان زواجه بها غير موفق. لم يلق ثرفانتس في اسبانيا إلا الصد، فوجد نفسه عاطلاً من العمل، ولم يبق له إلا ان يعيش من قلمه، فكتب بعض المسرحيات التي لم تدرّ عليه شيئاً. وبعد سعي وجهد وجد وظيفة حكومية متواضعة هي وظيفة محصّل في اشبيلية. لكن هذه الوظيفة كانت نكداً عليه، فجرّه سوء التدبير والإهمال في الحسابات الى السجن مرتين، كانت اولاهما سنة 1597 . وقيل انه فكر في تأليف"دون كيشوت"وهو سجين في اشبيلية. أُعجب ثرفانتس بطبيعة اشبيلية وبحرها ومناخها، كما أُعجب بمجتمعها وحسانها، وأقبل على الحياة في هذه المدينة يعبّ منها عباً. وقد شهدت هذه المدينة غرامه بآنا فرنا دي روخاس، وهو غرام كانت ثمرته بنتاً غير شرعية دعيت ايزابيل دي سابدرا. استعفى ثرفانتس او أُعفي من الوظيفة، وتوجه سنة 1603 الى بلد الوليد، وهي يومئذ عاصمة الملك الإسباني فيليب الثالث. وفي هذه المدينة سجن مرة ثالثة بسبب مقتل احد النبلاء امام منزله بمحض المصادفة. لكنه لم يلبث في السجن طويلاً. وفي بلد الوليد كانت الخطوة الأهم في حياته، اذ وقع سنة 1604 عقداً بكتاب يؤلفه تحت عنوان"السيد العبقري دون كيخوته دي لامنتشا"، لكنّ الكتاب صدر في مدريد سنة 1605 . لم تنته آلامُ ثرفانتس ومتاعبه بصدور الجزء الأول من كتابه الخالد، فتباينت هذه الآلام والمتاعب، وتوزّعت بين العوز، والحياة الزوجية النكدة، والحب اليائس الذي اعطى ثمرة غير شرعية، وحسد ابناء المهنة وكيدهم له، ورفضه في الأوساط الأدبية والثقافية. بيد ان اخطر ما تعرض له ثرفانتس في اخريات ايامه، هو ان احدهم نشر قصة دعاها القسم الثاني او الجزء الثاني من"دون كيشوت"، فيما كان صاحبنا يكتب الجزء الثاني، لكنه نجح اخيراً في نشر هذا الجزء من روايته سنة 1615، وتوفاه الله في مدريد يوم 23 نيسان ابريل 1616، وفيها دفن جثمانه. من كتاب"دون كيشوت"اقتباس جوزيف الياس الصادر عن دار العلم للملايين - بيروت.