يتوقع المراقبون ان يفضي الاتفاق الذي تم التوصل اليه الجمعة والذي ينهي مقاطعة الاكراد لانتخابات المجلس المحلي في محافظة التأميم شمال وعاصمتها كركوك، الى تسلم الاكراد السلطة في هذه المحافظة، مع ما يمكن ان ينشأ عن ذلك من توتر مع باقي المجموعات العرقية في المنطقة. وبمقتضى الاتفاق الذي تم التوصل اليه الجمعة وأقرته الاحزاب الكردية السبت سيتمكن قرابة 100 الف ناخب كردي يتحدرون من كركوك كان نظام صدام حسين نقلهم عنوة من ديارهم، من الادلاء باصواتهم في انتخابات مجلس محافظة التأميم في الثلاثين من كانون الثاني يناير الحالي. وقال عادل اللامي أحد كبار مسؤولي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات:"يبلغ عدد الناخبين الاكراد قرابة 100 الف وسيكون عليهم ان يثبتوا انهم اجبروا على النزوح في اطار سياسة التعريب للنظام السابق التي بدأها صدام حسين عام 1975". ورحب زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني في اربيل جلال طالباني بالاتفاق، وقال انه يفتح الطريق امام"تطبيع الوضع في كركوك بعودة النازحين واعادة العرب الى اماكن سكنهم الاصلية". ومن شأن هذه الزيادة في اعداد الناخبين الاكراد ان توفر الغالبية للاكراد في مجلس المحافظة وان تؤثر على التوازن الهش في محافظة التأميم حيث يخشى اندلاع خصومات عرقية يمكن ان تتطور الى مواجهات عنف واسعة. وقال دلشاد ميران احد مسؤولي"الحزب الديموقراطي الكردستاني"بزعامة مسعود بارزاني في بغداد:"عملية التعريب كانت مصدر قلقنا الرئيسي... ويجب ان لا يسمح لهم العرب بالتصويت في منطقة كركوك". ويسكن منطقة كركوك الغنية بالنفط قرابة مليون و200 الف نسمة، بينهم 45 في المئة من الاكراد ونسبة مماثلة من العرب اضافة الى 10 في المئة من التركمان والمسيحيين. والتزمت هذه الطوائف بهدنة هشة منذ سقوط نظام صدام حسين في نيسان ابريل 2003. وتطالب الاحزاب الكردية علناً بضم كركوك الى محافظاتها التي تتمتع بالاستقلال الذاتي، لكن السلطات في بغداد اكتفت حتى الآن بالدعوة الى حل المشكلة عن طريق لجنة تكلف دراسة شكاوى التهجير التي قام بها النظام السابق بحق اكراد كركوك. غير ان اللجنة المعنية لم تتمكن حتى الآن من البت في أي من هذه الشكاوى وطالب البرلمان العراقي الموقت باقصاء مديرها. والاتفاق الجديد وان كان لا يؤثر على الوضع النهائي لكركوك الا انه يفتح الطريق امام الاكراد للسيطرة على مقاعد مجلس المحافظة التي كانت حتى الآن تضم 15 كرديا و11 عربيا و9 تركمان و7 مسيحيين. ويخشى العسكريون الاميركيون مواجهات قد تعقب هذا الانتصار الكردي الذي يمكن ان يؤدي الى استيلاء الاكراد على اراض جديدة تتعدى"الخط الاخضر"او الحدود التي تفصل محافظاتكركوك وديالى ونينوى عن منطقة الحكم الذاتي في شمال العراق. وقال ضابط استخبارات اميركي ان"كركوك هي احدى الهموم الكبرى... واذا وضع الاكراد يدهم على المدينة فاننا نتوقع تجاوز الخط الاخضر... اما في حال فوز العرب فان اعمال العنف بين العرب والاكراد قد تندلع". واثار توقيع الاتفاق ضجة كبيرة في صفوف العرب والتركمان في المدينة. وقال احد المسؤولين التركمان:"سنبحث كل الخيارات بما فيها الانسحاب من الانتخابات اذا تأكدنا من انه جرى تسجيل غرباء للمشاركة في عمليات الاقتراع لمصلحة الاكراد". واضاف ان"مثل هذا الامر يؤثر على حقوق التركمان والعرب". وحذر أحد شيوخ العشائر العرب غسان مشير العزي من ان"هذا الاجراء ينال من الحقوق الشرعية للعرب والتركمان". ويتنافس حوالى 19 حزبا في الانتخابات الاقليمية بينهم خمسة احزاب كردية. ولن يشارك فيها"الحزب الديموقراطي الكردستاني"الذي يتزعمه بارزاني و"الاتحاد الوطني الكردستاني"الذي يتزعمه طالباني. وستجري انتخابات لاختيار 18 مجلسا اقليميا في 30 كانون الثاني بالتزامن مع الانتخابات التشريعية العراقية وانتخابات البرلمان الكردي. وكانت اللجنة الانتخابية اعلنت أخيراً ان 450 الف ناخب في كركوك سجلوا اسماءهم على اللوائح الانتخابية.