قبل أقل من ثلاثة أسابيع على انتخابات العراق، أعطت واشنطن اشارات متناقضة في شأن احتمال جدولة انسحاب قواتها من هذا البلد. ففي حين رفضت سلطات الاحتلال الاميركية طلبا من"هيئة علماء المسلمين"بوضع جدول زمني لهذا الانسحاب في مقابل تراجع"الهيئة"عن دعوة السنّة الى مقاطعة الانتخابات، كشف تقرير في واشنطن أن مسؤولين في الكونغرس ووزارة الدفاع البنتاغون والبيت الأبيض يدرسون احتمال الانسحاب هذا العام، بطلب من الحكومة المنتخبة أو من خلال فرض جدول زمني عليها. واكتملت المشاركة الشيعية في الانتخابات أمس، بإعلان تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر دعمه قائمة شكلها أنصاره، رافضاً الاقتراع لمصلحة"القائمة العراقية الموحدة"القريبة الى المرجع الشيعي علي السيستاني. في موازاة ذلك، كشفت صحيفة"نيويورك تايمز"أن النقاش داخل الادارة في شأن انسحاب القوات الأميركية من العراق تزايد بقوة أخيراً مع اقتراب موعد اقرار الموازنة السنوية الذي يذكر المسؤولين بأن الوجود الأميركي في العراق يكلف نحو 4.5 بليون دولار شهرياً، وبالتزامن مع محاولة ضباط عسكريين تقدير ردود فعل السنة والشيعة ازاء نتائج الانتخابات. وذكرت الصحيفة أن مسؤولين أميركيين تساءلوا، في اجتماعات سرية، عن كون العدد الضخم للقوات الأميركية يغذي التمرد في العراق، لافتة الى أنهم يبحثون في احتمال طلب الحكومة العراقية الجديدة من الادارة سحب القوات الأميركية من العراق. وزادت أنه حتى في حال رغبت الحكومة العراقية في بقاء القوات الأميركية، فإن بعض المسؤولين يشير الى تخطيط الادارة لفرض جدول زمني على العراقيين لانسحاب الجيش الأميركي وتوليهم أمنهم بأنفسهم. ونقلت عن مسؤول رفيع المستوى في الادارة قوله:"من الواضح للجميع أن هذا الوضع الأمني المتردي يجب أن يكون شأناً عراقياً ويجب أن يحصل هذا الأمر في العام الجاري". من جهة ثانية، أعلنت السفارة الأميركية في بغداد أن مسؤولين رفيعي المستوى فيها"التقوا السبت الماضي وفداً من هيئة علماء المسلمين وبحثوا في المشاركة السنية في العملية السياسية"، مشيرة الى أنها رفضت عرضاً من الهيئة يقضي بدعوتها السنة الى المشاركة في الانتخابات اذا أعلنت واشنطن جدولاً زمنياً لانسحاب قواتها. من جهتها، قالت"هيئة علماء المسلمين"في بيان، إن الزيارة جاءت"بناء على طلب الاميركيين وبواسطة السفارة الفرنسية في بغداد". ونقل البيان عن الأمين العام للهيئة حارث الضاري تشديده على أن"العراق الآن لا يمثل دولة، والعلاقة هي بين محتل ودولة محتلة ... ونحن هنا في الهيئة وجهنا في تموز يوليو الماضي خطاباً الى الحكومة الأميركية عبر وسائل الاعلام وقلنا لهم وفروا علينا وعليكم الدماء والأموال والجهد واخرجوا بالشكل الذي تروه مناسبا وستكونون أصدقاء ونقول لكم حينها فعلاً حررتمونا من الاستبداد". وفي غضون ذلك، أكد رئيس الوزراء العراقي الموقت أياد علاوي أن قوات الأمن العراقية اعتقلت بعض قادة"جيش محمد"وعلى رأسهم زعيمه مؤيد احمد ياسين وخليفته رعد الدوري ومجموعات أخرى"من المتمردين"، مشيراً في مؤتمر صحافي الى أنهم"سيحالون الى محاكم نظامية". ميدانياً، قتل ثلاثة جنود اميركيين في هجمات في العراق، بينهم اثنان سقطا في انفجار عبوة ناسفة في دبابتهما من طراز"ابرامز"في جنوب غربي بغداد. وفي لندن، أعلن وزير الخارجية البريطاني جيف هون ارسال 400 جندي اضافي الى جنوب شرقي العراق"لمدة محددة"لتعزيز القوة المتعددة الجنسية قبيل اجراء الانتخابات.