بدأ مسؤولون أميركيون في بغداد حملة واسعة لإقناع القوى السياسية العراقية المتحفظة على بعض بنود مسودة الاتفاقية الأمنية وفق ما ذكرت صحيفة الصباح الحكومية العراقية الصادرة أمس. ونقلت الصحيفة عن مصادر عراقية قولها إن اجتماعا عقد في هذا السياق بين مسؤولين أميركيين ولجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي استغرق زهاء ساعتين الثلاثاء، مشيرة إلى أن المسؤولين الأميركيين خرجوا من الاجتماع ولم تظهر على ملامحهم أية بوادر بنجاح مهمتهم. وأوضحت الصحيفة أن النواب العراقيين شددوا على تمسكهم بما وصفتها الطروحات الوطنية ومواقفهم تجاه مسودة الاتفاقية. وأشارت إلى وجود توجه للمسؤولين في بغداد وواشنطن لبحث الاتفاقية عبر دائرة تلفزيونية مغلقة. وتأتي هذه الأنباء بعدما حذر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس من ما وصفها عواقب وخيمة إذا لم يوافق البرلمان العراقي على مسودة الاتفاقية الأمنية المقترحة بين واشنطن وبغداد والتي ستحكم وضع القوات الأميركية في البلاد. ورفض غيتس طلب الحكومة العراقية إدخال تعديلات على مسودة الاتفاقية. وقال بتصريحات في واشنطن أمس إن هناك ترددا كبيرا في خوض تفاصيل عملية الصياغة أكثر من ذلك وإن الباب بات مغلقا (إلى حد كبير). وسبق أن حذر رئيس هيئة الأركان الأميركي مايكل مولن من ما وصفها بالعواقب الجسيمة على الصعيد الأمني إذا لم يوقع العراق هذه الاتفاقية قبيل انتهاء مدة تفويض مجلس الأمن لبقاء القوات الأميركية بحلول نهاية العام الجاري. كما حذر من أن الإيرانيين يسعون بقوة للحيلولة دون تمرير الاتفاقية. ورغم هذه التحذيرات قررت الحكومة العراقية بالإجماع مطالبة الولاياتالمتحدة بإدخال تعديلات على مسودة الاتفاقية التي توصل إليها الجانبان وتسمح للقوات الأميركية بالبقاء في العراق إلى عام 2011. وقال المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ إن مجلس الوزراء اتفق في اجتماع عقده على إدخال هذه التعديلات التي وصفها بالضرورية لجعل مسودة الاتفاقية مقبولة لدى جميع الأطراف العراقية، مشيرا إلى أن المجلس سيجتمع ثانية في الأيام القليلة القادمة للنظر في طبيعة التعديلات المقترحة وتقديمها للجانب الأميركي. وذكرت إحدى محطات التلفزيون العراقية أن وزراء الائتلاف العراقي الموحد وجبهة التوافق العراقية يطالبون بهذه التعديلات. من جهته استبعد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب العراقي همام حمودي أن يوافق البرلمان على التوقيع على أي اتفاقية قبل إجراء الانتخابات الأميركية يوم 4 نوفمبر القادم. وفي طهران جدد المرجع الشيعي كاظم الحسيني الحائري فتواه بتحريم الموافقة على الاتفاقية الأمنية بين العراق والولاياتالمتحدة والتي قال في بيان له إنها تؤدي إلى فقدان العراق سيادته الوطنية، وقبوله بالذل والهوان. وقال الحائري في فتواه (كلّ من ساعد المحتلّين على ما يريدون فسوف لن يغفر الله له ذنبه هذا، ولن تسامحه الأمة العراقيّة المظلومة، ولا الحوزة العلميّة المباركة، ولا أيّ مسلم ذي وجدان وضمير يؤمن بيوم الحساب). وفي السياق ذاته أفتى المرجع الشيعي اللبناني محمد حسين فضل الله بعدم شرعية أي سلطة تشرعن وجود قوات الاحتلال في العراق. وردا على أسئلة بعث بها بعض النواب الشيعة في البرلمان العراقي إليه قال فضل الله –المولود في النجف ويتمتع ببعض التأثير داخل العراق- إن أي اتفاقية أمنية ينبغي أن تنص على الانسحاب الفوري وغير المشروط (لقوات الاحتلال) من العراق. وأضاف (ولذلك، فإن المطلوب هو تحديد موعد زمني ثابت وقريب لخروج أميركي كامل من العراق، وعدم بقاء أية قواعد أو مواقع أو مراكز تمثل الاحتلال بشكل علني أو مباشر أو غير ذلك، والاقتصار على الجانب الدبلوماسي المعروف بين الدول).