أورد موقع مجلة "نيوساينتست" العلمية أمس انه استطاع الحصول على التقرير السري الذي وضعه مفتشو "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" عن الوضع الراهن للبرنامج النووي الايراني. وبيّن ان السيد محمد البرادعي، المدير العام للوكالة، كان انتهى من صوغه يوم الاربعاء الماضي. ويلخص التقرير جهود التفتيش الدولية منذ مطلع العام 2003. ومن المتوقع نقاشه في الوكالة في الثالث عشر من أيلول سبتمبر الجاري. وشددت "نيوساينتست" على قلق بعض العلماء الأميركيين من بعض النقاط الغامضة في التقرير، اذ رأوا ان ثمة أسئلة لم تجد اجابتها بعد. وفي المقابل، أوضح الموقع ان المفتشين لم يعثروا على أدلة تثبت ضلوع ايران في صنع سلاح نووي. وتركز بحث المفتشين على مسألة تخصيب اليورانيوم، التي تعتبر خطوة أساسية في صنع سلاح ذري، كما يستعمل في توليد الطاقة للاستخدام السلمي. وتهدف عملية التخصيب، في صورة اساسية، الى انتاج يورانيوم بوزن ذري 235 U235 انطلاقاً من خامات تلك المادة. والمعلوم ان جون بولتون، نائب وزير الدفاع الاميركي لشؤون الحد من التسلح، أعرب عن خشيته الكبيرة بصدد معلومات عن تخطيط ايران لتحويل 37 طناً من احد خامات اليورانيوم، الى غاز اليورانيوم هيكسافلورايد UF6، الذي يعرف باسم "الكعكة الصفراء"، والذي يستخدم في عملية التخصيب. وللمفارقة، يعتبر التخصيب الغازي لليورانيوم بمثابة الأسلوب الأميركي في التخصيب! ويستعمل الغاز نفسه في المفاعلات الكبرى، لتوليد الطاقة من خامات اليورانيوم. ولذلك، أعرب البرادعي عن عدم قلقه من البرنامج الايراني، فيما اشار ديبلوماسيون أوروبيون الى حق ايران في الحصول على الطاقة الذرية، وليس التسلح النووي. ويبدو موقف الأوروبيين قريباً من الموقف الايراني المعلن. وفي المقابل، عرض الموقع للأسئلة التي تقلق بعض العلماء الأميركيين، الذين اطلعتهم المجلة على التقرير. ومثلاً، يرى كوري هينديرشتاين، من مؤسسة العلم والأمن الدولي ان ما يثير القلق يتمثل في "وجود الكثير من الأشياء غير المفهومة". ومثلاً، اشار التقرير الى وجود كميات ضئيلة من اليورانيوم العالي التخصيب، التي عثر عليها المفتشون في مفاعلي "ناتانز" و"كالايه". وبررت ايران ذلك بأنه ناجم عن تلوث بعض خامات اليورانيوم التي اشترتها من باكستان، بذلك اليورانيوم المخصب. ويشير التقرير الى ان التبرير الايراني "مقبول". وفي المقابل، لا يقدم التقرير نفسه تبريراً لوجود كميات من اليورانيوم الأقل تخصيباً في تلك المفاعلات. وضمّن البرادعي التقرير اسئلة عن ماضي الأنشطة الذرية الايرانية. وتساءل عما اذا كان وجود كميات صغيرة من البلوتونيوم، الذي يمكن استخدامه ايضاً في صنع سلاح نووي، ناتجاً من أنشطة البرنامج الايراني قبل 12 سنة. والمعلوم ان البلوتونيوم، مادة مشعة تنتج من مادة الاكتينويد الموجودة في اليورانيوم الخام. وبعد سلسلة من عمليات الانشطار الذري، يعطي اليورانيوم، خصوصاً نوع "يو 238" U 238، مادة بلوتونيوم - 239 Pu 239، التي يمكن استخدامها سلاحاً ذرياً، لانها تساوي اليورانيوم 235 في قوتها الانفجارية. وفي مجال الاستخدام السلمي للبلوتونيوم، يكفي القول ان ثلث الطاقة التي تعطيها المفاعلات الذرية المخصصة للأغراض السلمية، تأتي من البلوتونيوم. ولم تنته الوكالة من تحليل عينات من "مركز لافيزان شيهات للأبحاث التكنولوجية" في طهران، والذي يعتقد انه شهد نشاطات عسكرية سرّية. وتصرّ ايران على انه شكل مركزاً لابحاث عن مساعدة ضحايا الهجمات النووية، منذ العام 1989. ودلّت صور التقطت مطلع هذه السنة بواسطة الاقمار الاصطناعية الى خلوّه من أي نشاط ذري. وخلص البرادعي، بحسب "نيوساينتست"، الى القول ان الوكالة ليست في وضع اعطاء الرأي الحاسم عن البرنامج الايراني، الا ان الوكالة تستمر في تحقيق تقدم مستمر في فهم نشاطات ذلك البرنامج. وخلص الموقع الى القول ان التقرير سيشكل دعماً لوجهتي نظر متعارضتين، فالارجح ان ترى فيه الدول الاوروبية تأييداً لمقاربتها الديبلوماسية بصدد البرنامج الايراني، فيما سترى فيه الولاياتالمتحدة تدعيماً لرأيها القائل بضرورة إحالة الملف الايراني على مجلس الأمن.