في سياق سلسلة إتفاقيات مُشابهة أبرمتها دول عربية لإقامة مفاعلات ذرية في أراضيها مع دول غربية، تلقت الإتفاقية بين الولاياتالمتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة عن بناء مفاعل نووي في الإمارت مديحاً من الإدارة الأميركية لأنها لا تتضمن نقل تقنية تخصيب اليورانيوم إلى الإمارات. وجاءت الصفقة ضمن "المسلسل" المتطاول للملف النووي الإيراني. ولعل الأحدث في هذا الملف جاء مع الأخبار المتواترة أخيراً عن نشر "درع" أميركية في الخليج للتصدي للرد الإيراني على ضربة عسكرية ربما وُجّهت لمنشأتها النووية المعنية بتخصيب اليورانيوم. وتزامن ذلك مع إعلان وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير عن تداخل الأزمة الصينية- الأميركية مع ملف التخصيب النووي في طهران واحتمال فشل التوصّل الى فرض عقوبات قاسية على إيران، إذا تصلّبت الصين في رفضها للعقوبات، ما قد يتيح لطهران هامش مناورة أكبر للإستمرار في برنامجها عن تخصيب اليورانيوم. واستطراداً، فقد راجت أنباء أخيراً تفيد بقرب إعلان طهران عن توصّلها لتخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين في المئة، ما يقرّب المسافة التي تفصلها عن إنتاج يورانيوم عالي التخصيب الى درجة يصلح معها لصنع قنبلة ذرية. ولكن، ما هي عملية تخصيب اليورانيوم التي تثير كل هذا الضجيج والتحركات الاستراتيجية حولها؟ يفيد مصطلح تخصيب اليورانيوم Uranium Enrichment عن عمليّة تتضمن زيادة نسبة الذرّات القابلة للانشطار الموجودة في خام مادة اليورانيوم المُشعّة، ما يجعل تلك المادة قابلة للاستعمال كوقود نووي أو كقلب متفجّر مضغوط للأسلحة النوويّة. والمعلوم ان اليورانيوم يتواجد في الطبيعة بصور متعدّدة، ولكن يتعذّر استخدام هذه المادة الخام لتوليد الطاقة ولصنع المتفجرات، إلا إذا رُفع مستوى "إضطرابها" النووي الى مستوى مرتفع. وتأتي الطاقة الذرية من اليوارنيوم عندما يكون على شكل "يورانيوم- 235"، وهو لا يتواجد طبيعياً في خام اليورانيوم إلا بنسبة 0.7 بالمئة, وتتألف البقية من "يورانيوم- 238" الثقيل والمستقر نسبياً. من أجل توليد الطاقة, يتعيّن زيادة تركيز "يورانيوم- 235" U-235 الى نسبة تتراوح بين 3 و 5 بالمئة. وفي حال السعي لصنع سلاح نووي، يجب الإرتقاء بدرجة التخصيب الى ما يزيد على 80 بالمئة. ويتّبع العلماء طُرُقاً متنوّعة في ذلك التخصيب، لعل أشهرها تلك التي يشار إليها بمصطلح "النشر". وتتضمن تتطلّب تحويل خام اليورانيوم المعروف أيضاً باسم "الكعكة الصفراء" الى غازٍ اسمه "فلوريد اليورانيوم". وفي خطوة تالية، يضخ هذا الغاز من خلال حاجز نفّاذ, فتخترق ذرات "يورانيوم- 235" الخفيفة الوزن الثقوب بأسرع مما تخترقها ذرات "يورانيوم- 238". ويشبه ذلك تسلل حبّات صغيرة من الرمل الى داخل منخل بشكل أسرع من الحبات الأكبر. وينبغي تكرار هذه العمليّة حوالي 1400 مرة، من أجل الحصول على غاز حتى يتم الحصول على "فلوريد اليورانيوم" مركز بنسبة 3 بالمئة. ويمثّل الطرد المركزي الطريقة الثانية في تخصيب اليورانيوم، وتعتمد أيضاً على الفارق في الوزن بين "يورانيوم- 235" و"يورانيوم- 238" كحال طريقة النشر.ولكن، في الطريقة الثانية، يجري ضخّ غاز "يورانيوم فلوريد" في آلة طرد أسطوانيّة الشكل، تدور بسرعة أكبر من سرعة الصوت, ما يتسبب بخروج "يورانيوم- 238" الثقيل الوزن من الأسطوانة، مع تجمّع "يورانيوم- 235" في مركزها. وتُجمع هذه المادة الأخيرة، ثم تُعاود العملية مرة أخرى. وهكذا دواليك. وتقتضي طريقة "الطرد المركزي" تشغيل 1500 جهازاً بشكل متواصل لشهور عدة من أجل تصنيع 20 كيلوغرام (45 باوند) من اليورانيوم المخصّب الضروري لصناعة رأس حربي خام مُفرد. * إعداد