على رغم الغموض الذي ما زال يكتنف مصير الصحافيين الفرنسيين المحتجزين في العراق، برز تفاؤل حذر بشأنهما أمس مع تأكيد السفير الفرنسي في بغداد برنار باجوليه انهما "على قيد الحياة وفي صحة جيدة ويلقيان معاملة طيبة". وتزامن ذلك مع تكثيف باريس جهودها للافراج عن مواطنيها. اكد السفير الفرنسي في بغداد برنار باجوليه مساء أمس ان الصحافيين الفرنسيين المحتجزين في العراق "على قيد الحياة وفي صحة جيدة ويلقيان معاملة طيبة". وقال ان "هذه المعلومات وصلت اليوم أمس". وكان وفد المجلس الاعلى للديانة الاسلامية، الذي يمثل مسلمي فرنسا، الذي قام بزيارة الى بغداد لبضع ساعات، ناشد بعد لقائه "هيئة العلماء المسلمين" الخاطفين "باسم الله والقرآن الكريم" الافراج عن الصحافيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو. وقال عبدالله ذكري، ممثل مسجد باريس بعد لقائه بعدد من شيوخ "هيئة علماء المسلمين" في العراق: "نوجه لكم نداء باسم الله والقرآن بأن تطلقوا سراح الرهينتين الفرنسيين". واضاف: "لا نستطيع ان نغادر العراق من دونهم. عائلاتهم تنظر الينا. بينوا لنا أنكم مسلمون مثلنا. سلمونا الرهينتين". من جانبه، قال فؤاد علوي رئيس اتحاد المنظمات الاسلامية في فرنسا، ان الوفد قرر القيام بجولات من اجل "مطالبة الخاطفين باسم الله الرحمن الرحيم باطلاق سراح الرهينتين". واضاف انه "بإطلاق سراحهم فإن الخاطفين سيكونون قد قدموا خدمة جليلة للاسلام والجالية المسلمة". وكان وفد المجلس الاعلى للديانة الاسلامية اكد انه "واثق" من اطلاق الصحافيين الفرنسيين. وقال ذكري: "سنغادر ونحن على ثقة وأمل كبيرين بأن هناك رغبة لدى الخاطفين باطلاق سراحهما ولكنهم لا يعرفون كيف يفعلون ذلك لانهم يخافون الاميركان". واوضح: "انهم يخافون الاميركان ومن ان يقع الرهينتان بأيدي مجموعة اخرى. هذه هي المعضلة الرئيسية امام عملية اطلاق سراحهما". من جهته، اكد الامين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق الشيخ حارث الضاري ان الهيئة "لا علاقة مباشرة لها مع الخاطفين لكنها توجه لهم نداء اخر من اجل اطلاق سراحهما فورا". كما اكد عضو الهيئة الشيخ حسن النعيمي: "نحن ضد عملية خطف الاجانب لكن فرنسا بقانون منع الحجاب اعطت الذرائع لحصول مثل هذا العمل" ضد مواطنيها. واضاف ان "القرآن يشدد على ضرورة ان ترتدي المرأة المسلمة الحجاب اينما تكون". اتصالات بارنييه وأجرى وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه أمس محادثات مكثفة مع معاونيه في عمان بشأن مستجدات قضية الصحافيين الفرنسيين، كما اجرى ايضا اتصالات هاتفية مكثفة مع السفارة الفرنسية في بغداد بشأن هذه القضية. وكان بارنييه اجتمع صباح أمس مع اعضاء وفد المجلس الاعلى للديانة الاسلامية قبل توجهه الى بغداد. وكان الناطق باسم وزارة الدفاع الفرنسية جان فرنسوا بورو أعلن أمس ان الوزارة تساهم عبر "الاستخبارات والخبرة" في جهود فرنسا للافراج عن الصحافيين الفرنسيين المحتجزين في العراق. واضاف ان مساهمة وزارة الدفاع "تندرج في اطار مبادرات سياسية وديبلوماسية" اطلقتها باريس للافراج عن الصحافيين و"ما من ديبلوماسية موازية للاستخبارات". وأكد ان الجنرال فيليب روندو، معاون لوزارة الدفاع في شؤون الاستخبارات، موجود في بغداد للمساهمة في جهود اطلاق الصحافيين. وذكرت مجلة "لو نوفيل اوبسيرفاتور" أمس ان "امين عام وزارة الخارجية الفرنسية هوبير كولين دو فيرديير ... اصطحب معه خلال رحلته الاخيرة الى بغداد الجنرال روندو الخبير في شؤون العالم العربي، هو مفاوض كبير شارك في محادثات لاطلاق الرهائن الفرنسيين في لبنان بين سنتي 1986 و1988". وذكرت مصادر مطلعة على أجواء الاتصالات الدائرة من اجل اطلاق سراح الرهينتين ان الخاطفين توقفوا عن تهديد حياتهما ولكن البيئة المحيطة بالخاطفين تجعل حياتهما معرضة للخطر. وعن طبيعة العقد التي تحول دون اطلاق سراحهما، اشارت المصادر الى ان الوسيط بين الجانبين الفرنسي والخاطفين هو المقاومة العراقية المسلحة التي تتولى ضمان حياة شينو ومالبرونو عبر ضغوط تمارسها على الخاطفين، مما يثير استياء السلطات العراقية والقوات متعددة الجنسية لأنهما ليسا طرفاً في الاتصالات. وأضافت ان العقدة تتمثل في رغبة القوات المتعددة الجنسية والسلطات العراقية في ان تكونا الطرف الذي يسترجع الرهينتين بحجة الحرص على السيادة العراقية ورفضهما المساس بها عبر المفاوضات التي يجريها الفرنسيون غير المشاركين في التحالف، بمعزل عنهما. وعن كيفية تجاوز هذه العقدة اكتفت المصادر بالقول ان هناك تقنيات لوجيستية متعددة يمكن استخدامها، ولفتت الى ان الخاطفين يطالبون بضمانات بعدم التعرض لهم بعد افراجهم عن الصحافيين، مؤكدة ان بوسع الطرف الفرنسي تقديم مثل هذه الضمانات كونه يقود المفاوضات. وعما اذا كانت هناك اتصالات دائرة في هذا الشأن مع القوات متعددة الجنسية، ذكرت المصادر عدم وجود اتصالات وانما يجري ابلاغ هذه القوات بسير المفاوضات. وعما اذا كان موضوع دفع فدية للخاطفين قد طرح في اطار المفاوضات، اكتفت المصادر بالقول ان ليس في وسعها الإجابة عن هذا السؤال من دون ان تنفيه. ومن العناصر التي تعزز "التفاؤل الحذر" الذي دعا اليه رافاران انتهاء المهلة التي حددها الخاطفون مساء أول من امس من دون ان يعقب ذلك أي نبأ سلبي، بما يوحي بأن التحركات المكثفة، ومنها انتقال وفد يمثل المجلس الفرنسي للديانة المسلمة الى بغداد، والادانات الشاملة في العالمين العربي والاسلامي، بدأت تلقى اصغاء لدى الخاطفين. وتعلق باريس أهمية بالغة على الرسائل المتكررة التي وجهها وزير الخارجية ميشال بارنييه الموجود في المنطقة منذ الأحد الماضي، الى الخاطفين عبر تصريحاته المختلفة. كما تعلق اهمية على الاتصالات التي يجريها في بغداد الأمين العام لوزارة الخارجية هوبير كولان دولافير، الذي أقرت وزارة الدفاع الفرنسية بانضمام الجنرال فيليب روندو اليه.