بدت المساعي الفرنسية للإفراج عن الصحافيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو المحتجزين لدى "الجيش الاسلامي في العراق" في سباق مع الوقت، فيما أعلنت الحكومة ان قانون صون العلمانية الذي يحظر الحجاب في المدارس العامة سيدخل حيز التطبيق الخميس المقبل، مؤكدة رفضها "ابتزاز" الخاطفين ودعوتهم لها لسحب هذا القانون. وأكد الوزير الناطق باسم الحكومة الفرنسية جان فرانسوا كوبيه أن قانون صون العلمانية الذي أقره في 15 آذار مارس الماضي، سيُطبّق مثلما هو منصوص عليه في اليوم الأول من السنة الدراسية الخميس المقبل. وعن احتمال تعليق تطبيق القانون حرصاً على انجاح المساعي القائمة للإفراج عن شين ومالبرونو، قال كوبيه إن المشكلة ليست مطروحة في هذا الشكل وأن إرادة فرنسا تقتضي أولاً عدم القبول بأي خلط، وثانياً التذكير بأن قيم الجمهورية الفرنسية تمثل مرجعاً للعالم أجمع. وعن الأمل بإمكان اطلاق الصحافيين، أجاب كوبيه ان هذا الأمل قائم وكل الاتصالات الكفيلة بأن تؤدي الى ذلك "قائمة والتعبئة على أشدها". وكان وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه توجه الى القاهرة لاجراء اتصالات يمكن ان تساعد في تحرير الرهينتين، فيما وصل الامين العام لوزارة الخارجية الفرنسية هوبير كولان دولا فيرديير الى بغداد، لمتابعة التطورات على الأرض. في القاهرة، وجه بارنييه في مؤتمر صحافي "نداء رسمياً" لاطلاق الصحافيين الفرنسيين، كما سيوجه نداء مماثلاً عبر قناة "الجزيرة" الفضائية. وقال في هذا النداء وفقاً للترجمة الرسمية العربية: "أوجه نداء لاطلاقهما باسم مبادئ الانسانية واحترام الكائن البشري". وأضاف أن هذه "المبادئ في صميم رسالة الاسلام والممارسة الدينية وجمهوريتنا تضمن المساواة وحماية كل الاديان وذلك في اطار قانوننا المشترك". واكد ان هذين الصحافيين "يمارسان مهمتهما في العراق ليوضحا للعالم ويشهدا على حقيقة الوضع هناك وظروف الحياة الصعبة التي يواجهها الشعب العراقي". واضاف أن "رجلي الخير أظهرا دائماً تفهمهما لهذا الشعب وتعلقهما بالعالم العربي والإسلامي". وتابع بارنييه أن "جمهوريتنا فرنسا تضمن المساواة وحماية كل الاديان وذلك في اطار قانوننا المشترك"، مؤكداً أن "الاسلام أضحى اليوم الديانة الثانية في فرنسا فالملايين الخمسة من المسلمين يمارسون شعائرهم الدينية كاملة وبكل حرية". وذكر أن "فرنسا رفضت دائماً مفهوم الصدام بين الغرب والاسلام وتدافع في العراق وفلسطين والشرق الأوسط والأدنى وفي كل أنحاء العالم عن العدالة وكرامة الشعوب". وختم: "لكل هذه الاسباب وبالاخص لان احترام الحياة البشرية امر مقدس أوجه نداء رسمياً لاطلاق سراح السيدين كريستيان شينو وجورج مالبرونو". في غضون ذلك، أجّل الرئيس الفرنسي جاك شيراك زيارته الى سوتشي على البحر الأسود للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى اليوم، فيما ألغى رئيس الحكومة جان بيار رافاران جولة كان ينوي القيام بها الى احدى المناطق الفرنسية. واستقبل رافاران المسؤولين عن صحيفة "لوفيغارو" حيث يعمل مالبروني، وعن اذاعة "فرنسا الدولية" حيث يعمل شينو ووضعهم في أجواء المساعي المبذولة من أجلهما. واجتمع لاحقاً الى مسؤولي الاحزب في اليمين الحاكم والمعارضة اليسارية، الذين أجمعوا على التعبير عن دعمهم الموقف الحكومي المعتمد للإفراج عن الرهينتين. وصرح الأمين العام للحزب الإشتراكي المعارض فرانسوا هولاند بأن "ارادتنا في توحيد الصف تجلت عبر هذا الاجتماع"، وبأن "على الصحافيين ومحتجزيهم ان يدركوا ان الجمهورية الفرنسية بأكملها وبجميع ممثليها تقف صفاً واحداً". وقال الأمين العام لحزب "الاتحاد من اجل الحركة الشعبية" الحاكم انه بدأ بحزبه مروراً بالحزب الشيوعي الفرنسي ووصولاً الى حزبي "الاتحاد من اجل الديموقراطية الفرنسية" والحزب الاشتراكي، "كنا معاً حول نص صيانة العلمانية وتحديد الميثاق في الجمهورية" و"نقف الآن معاً في هذه المحنة". وشهدت باريس وعدد من المناطق الفرنسية امس تجمعات دعم وتضامن مع شينو ثم أحدها أمام المقر العام للاذاعة الفرنسية وآخر عند شرفة حقوق الانسان في "التروكاديرو". وفيما توالت مواقف الاستنكار لخطف صحافيين لم يفعلا أكثر من أداء واجبهما المهني أصدر مجلس السفراء العرب في فرنسا بياناً، أكدوا فيه تضامنهم التام مع الموقف الفرنسي ودان "بأقصى قدر من التشدد" خطف شينو ومالبرونو "الابتزاز المقيت وغير المقبول الذي يُمارس عبرهما على الدولة الفرنسية".