يتقاسمان الولايات المتأرجحة.. الفارق يضيق بين هاريس وترمب    عسير: القبض على 6 مخالفين لنظام أمن الحدود لتهريبهم 120 كغم من القات    عبدالرحمن العمار رئيساً لمركز غسلة بالقرائن    2,603 طلاب وطالبات من تعليم جازان يؤدون اختبار موهوب1    المعرض الأول لسفرجل بالعارضة بجازان    فريق أنوار التطوعي يفعِّل اليوم العالمي لسرطان الثدي بمستشفى بيش العام    "خويد": أول جمعية متخصصة للفنون الأدائية والمسرح في المملكة    المملكة تشارك في اجتماع مجموعة المانحين لدعم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف    بايدن: مقتل السنوار فرصة ل"إطلاق مسار نحو السلام"    «الزكاة والضريبة والجمارك» تحبط تهريب 1.2 مليون حبة كبتاجون بمنفذ «حالة عمّار»    اللجنة الدولية للتحقيق تدعو إلى إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية    خطيب المسجد النبوي: القلب ملكُ الجوارح وسلطانه فبصلاحه يصلُحون وفسادهم بفساده    خطيب المسجد الحرام: يتعجل المرء في الحكم بين المتنازعين قبل التبين    السياحة السعودية تعزز حضورها الدولي وتستهدف الصين    وصول الطائرة الإغاثية السعودية السادسة محمّلةً بالمساعدات للشعب اللبناني    الأحمدي يكتب.. الهلال وتحديات المستقبل!    قاعة "ميادين" تشهد إقامة المؤتمر الصحفي لنزال معركة العمالقة بمشاركة نجوم عالميين    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول أمطار على معظم مناطق المملكة    ارتفاع سعر الروبل مقابل العملات الرئيسية    ارتفاع أسعار النفط إلى 74.45 دولار للبرميل    ديربي القمة    فريد الأطرش .. موسيقار الأزمان    «إندبندنت»: النساء بريئات من العقم.. الرجال السبب!    سينر وألكاراز يواصلان تألقهما وينتقلان إلى نهائي "The six Kings Slam"    5 مواجهات في انطلاقة دوري الدرجة الأولى للكرة الطائرة    الدفاع المدني ينبه من استمرار هطول الأمطار الرعدية على بعض مناطق المملكة    لصوص الأراضي.. القانون أمامكم    «تحجّم».. بحذر!    اللثة.. «داعمة الأسنان» كيف نحميها؟    التسويق الوردي!    تركي بن طلال.. العاشق المحترف    المساقي عليها تضحك العثّري    الابتعاث للدراسة الأكاديمية للباراسيكولوجي    مفهوم القوة عند الغرب    «وقاء نجران» يشارك في مهرجان مزاد الإبل بأعمال الفحص والتقصي    عبدالرحمن يحصد ذهبية الاسكواش بالألعاب السعودية    أبسط الخدمات    ذاكرة الهلال لن تنساني    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً عن هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية    استيقظ يااا مانشيني    العلاقات العربيّة / الصينيّة: نحو مجتمعٍ ذي مصيرٍ مُشترَك    الأمير فيصل بن سلمان يدشّن الأعمال الكاملة للمؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى    الحضور السعودي «أوروبياً» .. لردم هوة العثرات العالمية    الدولار يدخل معركة الرئاسة الأمريكية    وزير الإعلام يفتتح أكاديمية "واس" للتدريب الإخباري بالرياض    محمية الشمال للصيد.. رؤية الحاضر بعبق الماضي    برقية شكر للشريف على تهنئته باليوم الوطني ال94    إنفاذًا لتوجيهات القيادة .. تمديد فترة تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة على مرتكبيها    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق فعاليات توعوية بمناسبة "اليوم العالمي للإبصار"    متوفاة دماغيًا تنقذ ثلاثة مرضى في الأحساء    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الخامسة لمساعدة الشعب اللبناني    36 ألف جولات رقابية على جوامع ومساجد منطقة المدينة المنورة    نباح من على منابر الشيطان    السعودية إنسانية تتجلى    أمير القصيم يرأس اجتماع "الإسكان".. ويستقبل مجلس الربيعية    نائب أمير تبوك يستقبل أعضاء جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليا    أمين الطائف يقف على المشاريع التطويرية بالمويه وظلم    26 من الطيور المهددة بالانقراض تعتني بها محمية الملك سلمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تقمص صدام حسين شخصية الزرقاوي ؟
نشر في الحياة يوم 25 - 09 - 2004

شهد منبر الامم المتحدة هذا الاسبوع مبارزة سياسية بين منطقين متناقضين عرضهما الرئيس جورج بوش وأمين عام الأمم المتحدة كوفي أنان.
الرئيس الاميركي ركّز في خطابه أمام الجمعية العامة على ضرورة محاربة الارهابيين الذين يستغلون الانتخابات لتوسيع جبهات القتل والخطف في العراق وسائر الدول. وقال انه وجد الحل الأمثل في المعالجات المجدية كالمحافظة على الكرامة الانسانية وتعزيز مبادئ الديموقراطية وحماية حقوق الانسان والعمل على مكافحة الارهاب.
في المقابل، شدّد كوفي أنان في خطابه على اهمية احترام حكم القانون بوصفه السلاح الأمضى لمحاربة الارهاب من خلال منظومة قيم أخلاقية وديموقراطية وانسانية متكاملة. وكان بهذا التصدي لمنطق الحرب يحاول تجديد انتقاده السابق لمشروعية غزو العراق، على اعتبار ان قرار بوش بلير لم يكن شرعياً من وجهة نظر ميثاق الأمم المتحدة.
وعليه يرى أنان ان حكومة أياد علاوي لن تكون قادرة على تنظيم انتخابات عامة تتمتع بالصدقية والنزاهة، خصوصاً اذا استمر انهيار الأوضاع الأمنية. ولمح في كلمة افتتاح الجمعية العامة الى تقرير اجهزة الاستخبارات الاميركية الذي رسم ثلاثة سيناريوات لما يمكن ان تنتهي اليه ظروف العراق، وهي سيناريوات متشائمة تتوقع نشوب حرب أهلية بعد انتخابات كانون الثاني يناير 2005. كما تتوقع في أفضل الأحوال، انتشار الفوضى والتجزئة بعد فترة قصيرة من استقرار سياسي وأمني غير ثابت.
وكان واضحاً من الأمثلة التي ضربها كوفي أنان انه لن يشجّع الأمم المتحدة على القيام بدور الرقيب اثناء الانتخابات العراقية المقبلة، كما يتمنى بوش وبلير. وهو في هذا الموقف يلتقي مع الرئيسين الفرنسي والالماني اللذين انتقدا سياسة المغامرة وفضّلا البقاء على الحياد. ويبدو ان عملية نسف مكاتب الأمم المتحدة في بغداد التي قتلت ممثله سيرجيو دو ميلو وآخرين، أقنعته بضرورة الابتعاد عن اجواء الكراهية والعداء لكل من هو أجنبي او متعاطف مع الأجانب.
خلال زيارته هذا الاسبوع لبريطانيا والولايات المتحدة، حاول رئيس الحكومة العراقية اياد علاوي إقناع الدولتين بأهمية زيادة اعداد قواتهما في العراق لأن المعارضة المسلحة تخطّط لمنع اجراء الانتخابات في موعدها. واقترح ان يصبح حجم القوات الاميركية في حدود 240 ألفاً، اي بزيادة مئة الف، في حين ترفع بريطانيا حجم قواتها من 8500 الى خمسين الفاً. ووعد وزير الدفاع جيف هون بنشر قوات اضافية بهدف توفير الامن اثناء الانتخابات، مشترطاً موافقة القيادة العامة على ذلك، في حين وعد رئيس الوزراء توني بلير بدراسة الطلب لأن احزاب المعارضة تريد استغلال الموضوع لفتح ملف الحرب من جديد. وهو ملف شائك خسر حزب العمال بسببه غالبية قواعده الشعبية، خصوصاً بعد فشله في حماية الرعايا البريطانيين في العراق.
في الولايات المتحدة، لاحظ المراقبون ان خطاب جورج بوش أمام الجمعية العامة كان بمثابة برنامج انتخابي ردّ فيه على الهجوم الذي شنّه ضده المرشح الديموقراطي جون كيري. والمؤكد ان كيري بدّل في اسلوب حملته، وانتقل من الحديث عن مساوئ الوضع الاقتصادي وتقاعس بوش عن اداء الخدمة العسكرية، الى مخاطر الإنزلاق في مستنقع العراق الدموي. وشدد في جولاته الانتخابية على التذكير بأن منافسه بوش ضحى بأكثر من ألف قتيل من القوات الأميركية باسم الحرية ومحاربة الارهاب. وكل ما حصده من هذا الخيار السيئ هو عزلة الولايات المتحدة، زائد الفوضى التي نشرها في العراق وهدر مئتي بليون دولار في معارك عبثية. وقال كيري ان ال18 بليون دولار التي منحتها واشنطن لحكومة علاوي من أجل اعادة اعمار البلاد وتحسين شبكات التليفون والكهرباء، اضطرت الى اقتطاع ثلاثة بلايين دولار منها خصصت لتنظيم أجهزة الاستخبارات وتدريب عناصر اضافية في الشرطة.
الملفت ان اختصار فترة تدريب الشرطة من ثمانية أسابيع الى ستة، يؤكد حاجة الحكومة الى استعجال بناء كادرات الأمن الداخلي بعد تراجع القوات الأميركية الى خارج المدن. والثابت ان المقاتلين استغلوا هذا الفراغ للانقضاض على رجال الشرطة والحرس الوطني بهدف ترويعهم وتحييدهم عن ساحات المواجهة. ولقد نجحت هذه الخطة الى حد ما، الأمر الذي دفع بالعناصر المترددة الى الانسحاب من الخدمة. وفي تقدير القيادة البريطانية ان رجال الشرطة والحرس الوطني لا ينفذون الأوامر بحماسة واندفاع لكونهم مرتبطين وطنياً أو مذهبيا بالمقاتلين. لذلك قررت القيادة المشتركة زيادة العدد من 145 ألف عنصر الى 234 ألفاً، على أن يتم تدريبهم خلال سنة 2005. ويبدو ان الإدارة الأميركية هي التي شجعت عملية زيادة الشرطة لأنها عازمة على البقاء في العراق حتى نهاية سنة 2006. ومعنى هذا انها مضطرة للاعتماد أكثر فأكثر على قوة الردع المحلية في حال جرت الانتخابات البرلمانية حسب الموعد المحدد آخر شهر كانون الثاني 2005.
المقاومة العراقية اعلنت معارضتها لاجراء الانتخابات في ظل الاحتلال الأميركي. ويستدل من البيانات اليومية التي توزعها عقب كل عملية تفجير، انها عازمة على اغتيال المرشحين ومنع الحكومة الانتقالية من تنفيذ وعدها لآية الله علي السيستاني. أي الوعد الذي التزمته حكومة علاوي بالعمل على اجراء الانتخابات النيابية مطلع سنة 2005. وفي مرحلة ثانية موعدها منتصف تشرين الأول اكتوبر سنة 2005، يدعى شعب العراق الى انتخابات عامة بحسب الدستور الذي يضعه النواب المنتخبون في المرحلة الأولى، ويرى السيستاني ان تطبيق العملية الديموقراطية هي المدخل السياسي لاخراج القوات المحتلة بأقل كلفة في الأرواح والممتلكات. وهو في هذا السياق يختلف مع مقتدى الصدر ومع زعماء المقاومة الذين يؤمنون بأن الاحتلال الاميركي - البريطاني لن يخرج بالطرق الديموقراطية وإنما بقوة السلاح. لذلك قرروا اعتماد العنف، مستهلمين اسلوب الخميني الذي رفض كل الحلول قبل رحيل الشاه.
قائد القوات البريطانية في البصرة مايكل جاكسون يعتقد بأن المقاومة العراقية تنتمي الى ثلاثة مصادر رئيسية: الأول تغذيه فلول صدام حسين وتسانده بالرجال والمال. ويضم هذا الفريق أكثر العناصر كفاءة بسبب تدرّبه على استخدام السلاح وانخراطه في سلسلة معارك داخلية وخارجية.
ويرى الجنرال جاكسون ان هذا الفريق المعارض يضم أشرس المقاتلين الذين تدربوا على التضليل والتمويه في ثكنة عدي للاستخبارات. ويرى كثيرون من اعضاء الحكومة الانتقالية ان هذا الفريق ينسب غالبية أعماله وفظاعاته الى أحمد الخلايلة الملقب ب"أبي مصعب الزرقاوي". والسبب انه يريد عزل نشاطاته عن أي ارتباط بصدام حسين قد يؤثر على سير المحاكمة. كما يريد من جهة اخرى اثبات المقولة التي يرددها العراقيون، بأن بلادهم لا تحكم إلا بقبضة حديد مثل قبضة صدام. والمعروف ان الرئيس المخلوع استخدم هذا الاسلوب في كثير من المناسبات. وكان أبرزها حكاية استغلاله سنة 1973 لجرائم"أبو الطبر"الذي جعلت منه اجهزته شخصية وهمية تختبئ وراءها كل الأعمال الثأرية التي نفذها النظام بخصومه. صحيح ان"أبو الطبر"كان شخصية حقيقية مثل الزرقاوي، لكن الصحيح ايضاً ان النظام استغل بعض الجرائم ليلصق بمستخدم"الطبر"كل الفظاعات التي يلصقها حالياً"بسيف"الزرقاوي.
ويستبعد العديد من أهل العراق ان تكون الشخصية الأردنية هي صاحبة الأعمال الخارقة لأسباب كثيرة أهمها: أولاً ان العراقيين لا يقبلون ان يقودهم الى تحرير بلادهم شخص غريب، حتى وان التقت أهدافهم مع أهدافه. ثانياً: ان اللهجة العراقية المميزة في الأداء والجرس لا يمكن تقليدها، وان اكتشاف الغرباء من لهجتهم هو أمر سهل بالنسبة للعراقيين. ثالثاً، ان الزرقاوي فقد احدى ساقيه، وان تنقله من مدينة الى مدينة، ومن قناة"الجزيرة"الى"العربية"، يجعل منه شخصية اسطورية كلص بغداد. خصوصاً عندما ينسب اليه الذين يستخدمون اسمه للتضليل، كل عمليات قطع الرؤوس، بل كل عمليات شراء المخطوفين والمخطوفات بهدف المقايضة، مثل بيع الموظفتين الايطاليتين سيمونا باري وسيمونا توريتا.
المصدر الثاني لانتاج المعارضة المسلحة يؤكد ظهور متسللين عبروا الحدود مع ايران وسورية للتضامن مع مقاتلي القوات الاجنبية. وتشدد حكومة علاوي على تضخيم اعداد هذه الفئة لإيهام واشنطن ولندن والصحافة الخارجية بأن المقاومة ليست عراقية، وبأن الغرباء هم الذين يطالبون بإخراج قوات التحالف. والملفت ان الاتهامات لم تذكر اسماء أشخاص معينين بل ذكرت، بصورة التعميم جنسياتهم فقط، الأمر الذي يدفع الى التشكيك بصدق النيات.
المصدر الثالث يؤمن الاسترزاق لفئة ضئىلة جداً تستخدم الرهائن كورقة ابتزاز، وتحتمي وراء شعار المقاومة، تماماً كما فعلت نظيرتها في لبنان خلال الحرب.
ومن خلال هذه المصادر الناشطة لتعطيل الانتخابات العراقية يطل السؤال المتعلق بمستقبل بوش وبلير، وما إذا كان باستطاعة أعمال الارهاب زحزحتهما عن كرسي الحكم مثلما زحزحت حكومة اثنار في اسبانيا؟
الجواب يكمن في خطة الردع التي اعتمدها جورج بوش لتعويم وضعه الداخلي، وما اذا كانت نيران مروحياته اثناء عمليات الشهر المقبل، ستغطي على عمليات المقاومة العراقية ومتفجراتها!
* كاتب وصحافي لبناني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.