اعتبر خبراء اقتصاديون عراقيون فرض عقوبات على المتعاملين بالعملات المزورة، التي اعلنها البنك المركزي العراقي أخيراً، خطوة عملية في اتجاه التضييق على اي محاولة تهدف الى زعزعة الوضع الاقتصادي أو الحيلولة دون قدرة الدولة والمجتمع على السيطرة على تزوير العملة الوطنية. لكن الخبراء اشاروا الى أن هذه العقوبات قد تطال عمليات التزوير المحدودة التأثير وقد لا تطال عمليات التزوير الدولية، اذا ما ارادت جهات معينة تزوير العملة العراقية، الذي من شأنه الإضرار بمصالح العراق الاقتصادية. قال الدكتور همام الشماع استاذ الاقتصاد والمال في جامعة بغداد ان العملة العراقية الجديدة التي حلت مكان العملة القديمة تحمل مواصفات فنية عالية من ناحية الجودة بحيث يصعب تزويرها من قبل الافراد الاعتياديين، مهما توافرت لديهم الإمكانات الطباعية العالية، اذ ان الورق المستخدم في العملة الجديدة لا يمكن الحصول عليه من الأسواق التجارية، فهو مصنوع من عجينة خاصة تحتكرها شركات متخصصة بطباعة النقود وهي عصية التقليد وتخضع لرقابة حكومية مشددة من قبلها. وأضاف الشماع ان التزوير الذي قد يحدث وتقوم به جهات بهدف الربحية التجارية لا يمكن ان يكون واسع النطاق او يؤثر في الحياة الاقتصادية، موضحاً ان المواطن البسيط يستطيع ان يكتشف الاوراق المزورة بمجرد اللمس، خصوصاً في المعاملات الصغيرة، أما المعاملات الكبيرة والتي قد تدس فيها العملات الصغيرة في ثنايا الرزم الكبيرة فهي قد تكون بسبب ضلوع امناء الصناديق في المصارف بهذه العمليات. وشدد الشماع على ان هذا الامر يتطلب اجراءات رادعة ورقابة صارمة على من يثبت ضلوعه في مثل هذه العمليات التي تدخل في اطار غسل الاموال ولو في اطاره المحدود، لافتاً الى ان الخطير في تزوير العملة هو ان تقوم به دول تمتلك امكانات في صنع عجينة مشابهة لعجينة النقود بهدف زعزعة الاقتصاد واحداث موجات تضخم والتقليل من قدرات السلطات النقدية على السيطرة على الوضع الاقتصادي. واستبعد الشماع وجود مثل هذه الحال، كما لا يعتقد انه من مصلحة اي دولة الإقدام على مثل هذه الخطوة، إلا انه اشار إلى ان مروجي العملة المزورة يمكن ان يجدوا ذرائع باعتبارهم كانوا ضحية عمليات تزوير. وزاد أنه يعتقد انه يجب التشديد على المصارف والقائمين على استلام وتسليم العملة ومتابعتهم والعمل على فتح دورات مستمرة للتعريف بخصائص العملة المزورة. وأشار خبير اقتصادي يعمل في البنك المركزي العراقي الى ظاهرة اخرى تتعلق بتزوير العملات وتبييض الاموال، والتي قال انها اضحت ظاهرة عالمية تعاني منها غالبية الدول بما فيها الدول المتقدمة، وتتمثل في قيام جهات عديدة منها دول تحاول زعزعة اقتصاد دولة اخرى عن طريق التأثير في عملتها وبالتالي اقتصادها. وأضاف أن هناك أيضاً منظمات وجماعات تمتهن هذه الاعمال لتحقيق ارباح خيالية، بغض النظر عن النتائج، لافتاً الى أن وراء ذلك حركات ارهابية تحاول بكل الطرق تمويل اعمالها والطريقة الاسهل لذلك استخدام اموال مزورة لا تكلف كثيراً. وكان الخبير الاقتصادي يتحدث عقب قرار البنك المركزي معاقبة المتعاملين بالعملات المزورة بغرامة تصل الى 100 مليون دينار والسجن لمدة لاتزيد على 10 سنوات. واشار الخبير إلى ان احد اسباب استبدال العملة العراقية هو ان العملة القديمة كانت رديئة بحيث يسهل تقليدها، اضافة الى ضخ كميات كبيرة من هذه العملة عن طريق دول وجماعات عدة. وناشد المواطنين كافة عند تعاملهم بالنقود ملاحظة العلامات الفارقة التي وضعت في العملة العراقية، اضافة الى ملاحظة ملمس الورقة، فالأصلية ملمسها مميز جداً، والإبلاغ عن المتعاملين بهذه الأموال المزيفة للحد من هذه الظاهرة. وكان البنك المركزي العراقي سعى الى اصدار عملة عالية الجودة بما يكفل صعوبة تقليدها، وطبعت وفق احسن المواصفات من قبل أعرق الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال. لكن على رغم ذلك اشتكى العديد من المواطنين من تعرضهم للنصب والإحتيال من قبل البعض وذلك بإعطائهم عملات مزورة ومعظمها من الفئات الكبيرة من فئة 25 الف و10 آلاف دينار، وللأسف بعض المواطنين لا يتمكن من التمييز بين الحقيقي والمزيف.