بدا أمس أن الهدنة مع أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر مهددة مجدداً بالانهيار، اثر اشتباك بين قوات أميركية حاصرت منزل الصدر في النجف وبين حراسه. وجاء هذا الحادث الذي أسفر عن مقتل امرأة وجرح ثلاثة أشخاص، بعد اعتقال الأميركيين الشيخ مثنى حارث الضاري نجل رئيس "هيئة علماء المسلمين". وفي حين طغت ردود الفعل على التفجيرات التي طاولت خمس كنائس في بغداد والموصل أول من أمس، وتجاوزت اصداؤها العراق لتستقطب إدانات من البابا يوحنا بولس الثاني والمرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، اتهم رئيس الحكومة الانتقالية العراقية اياد علاوي العائد من جولته العربية، "اصوليين وسلفيين" بالضلوع باستهداف الكنائس. لكن مستشار الأمن القومي موفق الربيعي رأى أصابع ل"عصابة الزرقاوي" وراء التفجيرات، مشيراً إلى أن الهدف هو "دق اسفين بين المسلمين والمسيحيين". وتبنت جماعة اطلقت على نفسها "هيئة التخطيط والمتابعة في العراق" المسؤولية عن التفجيرات، مشددة على "ضرب أوكار الشر والتنصير". وكشفت مصادر في وزارة الداخلية العراقية ل"الحياة" أن الوزير فلاح النقيب زار الرمادي، لافتة إلى "اتصالات مكثفة" مع "مجموعات المقاومة" هناك، لإبرام اتفاق بينها وبين حكومة علاوي. وأعدمت جماعة الزرقاوي رهينة تركياً، لكن رئيس الحكومة تعهد اجراء الانتخابات في موعدها، على رغم تفاقم الوضع الأمني، بما فيه مسلسل التفجيرات واحتجاز الرهائن. راجع ص2 و3 و4 وأجمعت الأحزاب والقوى السياسية والمراجع الدينية في العراق، على إدانة حملة التفجيرات التي استهدفت الكنائس، واستقطبت تنديداً من البابا يوحنا بولس الثاني والمرجع الشيعي آية الله علي السيستاني وتيار الصدر، بالإضافة إلى منظمة المؤتمر الإسلامي و"الاخوان المسلمين" في مصر. وفي حين اسف البابا ل"الاعتداءات الجائرة بحق الذين يسعون إلى المشاركة في السلام والمصالحة في العراق"، ندد السيستاني ب"الأعمال الاجرامية التي "تستهدف وحدة" البلد. واتهمت "هيئة علماء المسلمين" جهات خارجية بالضلوع بتفجيرات الكنائس، التي وصفها تيار الصدر بأنها "إرهابية"، عارضاً مساعدة لاعتقال المخططين. ورأت جماعة "الاخوان المسلمين" في مصر أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية متورط بتلك التفجيرات. أما علاوي، فشدد على أن استهداف الكنائس "جريمة كبرى". فيما نقلت وكالة "فرنس برس" عن موفق الربيعي قوله: "لدينا كل ما يشير إلى أن الزرقاوي وأفراد عصابته كانوا وراء الهجمات". لافتاً إلى أن الهدف هو "دق اسفين بين المسلمين والمسيحيين". ووعد باجراءات فورية لحماية المسيحيين، وتأمين حراسة للكنائس على مدار الساعات ال24، وتنظيم دوريات حول كل الأماكن الدينية في البلد. وأفادت وكالة "فرانس برس" ان موقعاً إسلامياً على الانترنت نسب إلى "هيئة التخطيط والمتابعة في العراق" مسؤوليتها عن ضرب الكنائس. وأشار بيان للهيئة إلى "ضربات موجعة" وجهت إلى "أوكار التنصير" بتفجير "أربع سيارات مفخخة في بغداد استهدفت الكنائس في الكرادة وبغداد الجديدة والدورة، بينما تولت مجموعة أخرى من المجاهدين ضرب الكنائس في مدينة الموصل". وتابع البيان المؤرخ في 1 آب اغسطس، ان "أميركا لم تقف عند الاحتلال والاجتياح العسكري لبلاد المسلمين فحسب، بل قاموا بانشاء مئات من المؤسسات التنصيرية وطبع الكتب المحرّفة وتوزيعها ونشرها بين المسلمين، سعياً إلى سلخهم عن دينهم وتنصيرهم، والصليبيون أمة واحدة مهما اختلفت آراؤهم". وفي تصريحات إلى "فرانس برس"، قال علاوي قبل عودته من المنامة إلى بغداد أمس، في نهاية جولته العربية التي شملت أيضاً الكويت والسعودية وسورية ومصر والأردن ولبنان والإمارات، إن استهداف الكنائس "جريمة كبرى بشعة"، مشيراً إلى وجود قوى تحاول "الايقاع بين العراق ودول العالم". وتعهد محاكمة المجرمين، متهماً "القوى الأصولية والسلفية وبعض العناصر التي آوتها من بقايا نظام صدام". واعترف الناطق باسم رئيس الحكومة العراقية كوركيس هرمز سادة بوجود "بعض الخلافات العالقة" بين بغداد وطهران، لافتاً إلى أن علاوي سيحدد موعداً لزيارته إيران ضمن جولة على دول إسلامية. ومع اختتام زيارة علاوي الكويت والتي تزامنت مع الذكرى الرابعة عشرة للغزو العراقي عام 1990، صدر بيان مشترك يعلن تطبيعاً كاملاً، في وقت اعتبر رئيس الحكومة الانتقالية الغزو "درسا لجميع العراقيينوالكويتيين والعرب". وحذر من ان "نجاح الإرهابيين" في بلاده سينعكس على دول الجوار ويشيع "الطائفية والعرقية". وفي سياق الاقتراح السعودي ارسال قوات عربية وإسلامية لحفظ السلام في العراق، جددت إيران تحفظها، معتبرة أن الاقتراح "غير مناسب"، فيما أكدت باكستان أنها لن ترسل قوات. اعتقال الضاري ميدانياً، وفيما انهمك عراقيون برفع الأنقاض حول الكنائس الخمس التي استهدفتها تفجيرات الأحد، اعتقلت القوات المتعددة الجنسية الدكتور مثنى حارث الضاري، نجل رئيس "هيئة العلماء المسلمين"، وذلك في الساعات الأولى صباح أمس، بعدما انتهى من تسجيل تلفزيوني أجرته القناة الفضائية اللبنانية ال بي سي، وفيه تحدث عن موقف الهيئة من المؤتمر الوطني العراقي، وانتقد آليات اختيار ممثليه. وبعد مغادرته وجد خمس عربات من طراز "همفي" بانتظاره على بعد مئة متر من مقر اقامته في جامع أم القرى في الغزالية غرب بغداد.