أكد رئيس اركان الجيش الجزائري السابق الفريق محمد العماري الذي استقال من مهماته في الثالث من الشهر الجاري انه انسحب من الجيش بناء على طلب منه بعدما انجز مهمته. وفي رسالة وجهت الى الجيش في يوم استقالته ونشرتها مجلة "الجيش" العسكرية في عددها لشهر آب اغسطس الجاري قال العماري: "انني اغادر جسدياً الجيش الشعبي الوطني لكن قلبي سيبقى الى الابد يتذكر السنوات العديدة التي قضيتها فيه" في اشارة الى انه بلغ التقاعد. وتهدف هذه الرسالة الى وضع حد للاشاعات الصحافية التي لمحت الى ان العماري 65 عاماً اضطر الى الاستقالة بسبب خلافات مع الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة. وأوضح العماري الذي كان يوصف بأنه الرجل القوى في نظام الحكم، أن تنحيه من قيادة المؤسسة العسكرية جاء بعدما لاحظ أن "الأمن والنظام العام تم إستتبابهما والسيرورة العادية للمؤسسات تمت إعادتها، والجيش قد أحيا، بعدما كان منشغلاً خلال سنوات طوال بمكافحة الإرهاب، مسار عصرنته وتطويره واحترافيته". وعلق موضحاً: "ان القرار القاضي بترك مهماتي كرئيس لأركان الجيش الوطني الشعبي نابع من هذه المعاينة". ويعتبر توضيح العماري عن حصيلة قيادته للجيش طيلة 11 سنة كاملة طغت عليها المواجهة مع الجماعات المسلحة بمثابة رد غير مباشر على الأوساط التي تكهنت بأن رحيل العماري سيتبعه تنحية عدد كبير من الضباط. واعتبر العماري في رسالته أن قرار إلغاء المسار الإنتخابي الذي فازت به "جبهة الإنقاذ" مطلع العام 1992 كان يهدف أساساً إلى "إيقاف المسار الدموي والهدام الذي أقدم عليه الإرهاب والتخريب لتركيع الدولة والأمة الجزائريتين"، مشيراً إلى أن القرار مكّن من "حماية الدولة الأمة من الإنفجار والمحافظة على النظام الجمهوري للدولة وإزالة وهم إقامة نظام ثيوقراطي شمولي". وقال إن الاتهامات بتورط الجيش في المذابح التي شهدتها بعض المناطق النائية "من صنع دعاة الحركة الإجرامية والمناوئين وجميع أولئك الذين كان لهم حساب وإعتزموا تصفيته مع الجيش". وقال العماري أنه كان مع بقية قيادات المؤسسة العسكرية وراء "قانون الرحمة الذي فتح طريق التوبة الفردية أمام الإرهابيين"، وأيضاً الإجراءات الخاصة "بإستسلام أعضاء الجيش الإسلامي للإنقاذ في إطار الترتيبات المعروفة بإسم الوئام المدني". وقدر أن هذه العمليات "أفرزت تحسناً لا ريب فيه للوضع الأمني ومكنت الجزائر من العودة إلى الساحة الدولية". ولم يشر العماري في أي وقت من الاوقات الى مشاكل صحية قيل حتى الآن انها "اسباب" استقالته ولا الى خلافات مع بوتفليقة. وكان العماري ايد علي بن فليس في الانتخابات الرئاسية وتردد انه قرر الاستقالة بعد فوز بوتفليقة الكاسح. ومن جهته، شدد القائد الجديد لأركان الجيش الجزائري اللواء قايد صالح في أول رسالة الى الضباط على حرصه على الإستمرار في النهج الذي حدده العماري. وقال أن الضباط سيواصلون تحقيق أولويتين هما "مواصلة مكافحة الإرهاب الذي لم يتبق منه بفضلكم جميعاً سوى شراذم تعمد إلى عمليات قطع الطرق، وإتمام مسار عصرنة الجيش الجمهوري واحترافيته".