على رغم كل ضجيج كلمات الرياضة وصخبها، فإن ما ستشهده دمشق يوم السبت المقبل، لا شأن للرياضة به. فبهدف "اكتشاف الطاقات الشابة المبدعة وتشجيعها في مجال المعلوماتية وردم الفجوة الرقمية Digital Divide مع بقية دول العالم"، يفتتح في العاشر من تموز يوليو الجاري "الأولمبياد المعلوماتي Infolympics" الاول من نوعه في سورية، برعاية الرئيس بشار الاسد. يضم هذا الاولمبياد مجموعة من المتبارين، تُنتقى من الكليات والمدارس والمعاهد من المحافظات السورية، عبر تصفيات في ما بينها. ومن المقرر الا يتجاوز عدد لاعبي منتخب كل محافظة 16 شخصاً، على ان يكون العدد الكلي في الاولمبياد 100 متسابق، من اعمار لا تتجاوز العشرين سنة. وأكدت مصادر "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" التي تتولى تنظيم الاولمبياد، ان مجموعة من الشباب المتألق في مجال المعلوماتية، ستتبارى في جو تنافسي، ما يساعد على اكتشاف المتميزين بينهم. وبالتالي على انتشار المعلوماتية في المجتمع في شكل عام، ولدى الناشئة في شكل خاص. يعود تاريخ مسابقات تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات إلى تشرين الأول اكتوبر من عام 1987، خلال عقد المؤتمر الرابع والعشرين لمنظمة اليونسكو في باريس، عندما اقترح الدكتور سلاجوفيست سندوف البلغاري تنظيم مسابقة دولية في مجال المعلوماتية. لاقت الفكرة في حينه ترحيباً واسع النطاق. وهكذا، يشارك الكومبيوتر رياضة البشر في الانطلاق من باريس، التي كانت مهد فكرة الالعاب الاولمبية الحديثة، على يد البارون دي كوبرتان، وكأس العالم لكرة القدم، على يد جول ريميه، و...كأس الامم الاوروبية في كرة القدم! واقيمت أول مسابقة دولية في بلغاريا عام 1989، وشارك فيها متسابقون من 25 دولة. وأجري أربعة عشر أولمبياداً تنقلت بين الاتحاد السوفياتي السابق واليونان والمانيا والارجنتين والسويد وهولندا وهنغاريا وجنوب افريقيا والبرتغال وتركيا والصين وفنلندا وكوريا الجنوبية وأميركا واليونان وبولندا. تهدف هذه المسابقات، التي صارت تقليداً سنوياً وشارك فيها أكثر من 1500 متسابق، إلى تشجيع الطلاب من مختلف أنحاء العالم على الاهتمام بمجال تكنولوجيا المعلومات. وتعد هذه المسابقات مناسبة لاجتماع الطلاب المتميزين والموهوبين من أرجاء الأرض كافة، فتكون الفرصة سانحة لتبادل الخبرات العلمية والثقافية. تعقد المسابقات سنوياً بحيث يمثل كل دولة أربعة طلاب، اضافة إلى اثنين من المشرفين. ويجرى اختبار الطلاب المشاركين بصورة فردية على مدار يومين في اختبارات مدة كل منها خمس ساعات يقوم خلالها المتسابق ببرمجة أو استخدام طرق الحل المنهجي، اي ما يسمى ب"خوارزميات الكومبيوتر" Computer Algorithms. مباريات "المحتوى الايجابي" أوضح المهندس مهند علوش رئيس اللجنة التنظيمية للاولمبياد، أن هذه الخطوة "جاءت بعد ان وصلنا الى مرحلة مقبولة في انتشار الحاسوب... وهدفنا التعرف الى التقدم في مستوى استخدام الكومبيوتر... فقد لوحظ ان 80 في المئة من الجمهور يستخدم استخداماً "سلبياً"، اي غير ابداعي... ننظر الى الاولمبياد باعتباره "خطوة علام" ومعيار "لنعرف انفسنا اين نحن الآن"... ويُشكِّل فرصة لتنمية "المحتوى الايجابي"... فالمستوى المتواضع للدول النامية سيدفعنا إلى المزيد من الجهد في التدريب وإعادة النظر في أساليب التدريب المتبعة، ما يعزز إيماننا بأهمية تكنولوجيا المعلومات وضرورة خلق قاعدة عريضة من الطلاب المتميزين لمواكبة التسارع المتزايد في تطور تكنولوجيا المعلومات على مستوى العالم". ويشترط في المتقدمين للمسابقة المعرفة الجيدة بنظام تشغيل الحاسب الآلي "ويندوز" و بإحدى لغات البرمجة مثل "سي """ c"" "فيجوال بايزيك"Pascel و"باسكال" visual basic وغيرها. ويقترح علوش ان تتوزع الفئات العمرية في الأولمبياد في شكل يتوازى مع النظم التعليمية في الدول العربية والأجنبية. وفي هذه الحال، تتوازى مسابقة ما تحت 6 سنوات مع مرحلة الحضانة، ومسابقة من 6 سنوات إلى 9 سنوات مع المرحلة الابتدائية الاولى، ومسابقة من 9 سنوات إلى 12 سنة مع المرحلة الابتدائية الثانية، ومسابقة من 12 إلى 15 سنة، مع المرحلة الإعدادية، ومسابقة من 15 إلى 18 سنة مع المرحلة الثانوية، ومسابقة من 18 إلى 20 سنة مع مرحلة الشباب. وتحدث عن احتمال تشكيل فريق للمنافسة في "الأولمبياد الدولي للمعلوماتية". ونوه بأنه في حال تشكيل منتخب سوري، فسيدرب في الاكاديمية المصرية، قبل مشاركته في ايلول سبتمبر في الاولمبياد العالمي في اليونان. على نمط الروبوت ولأن الشيء بالشيء يذكر، تمكن الاشارة الى نوع آخر من رياضة الكومبيوتر، وخصوصاً كأس العالم لكرة القدم للروبوت التي تحمل اسم "روبوكاب" Ropocup، والتي استضافت كورياواليابان دورتها الاخيرة في العام 2002، اي بالتوازي مع كأس العالم لكرة القدم. والحال ان منظمي كأس الروبوت يرفعون شعاراً لا يخلو من التفاخر، ضمن اشياء كثيرة اخرى "في العام 2050، سيتمكن فريق من الروبوتات المستقلة والتي تدير نفسها بنفسها، من هزيمة أي فريق بشري على الارض"! ومع انطلاقة كأس البشر في كرة القدم سنة 2002، شهدت مدينة فوكوكا اليابانية انطلاق فاعليات المونديال السادس للروبوتات. ابتدأت مسابقة "روبوكاب" في العام 1997في مدينة نوغويا اليابانية. ويزين الشعار السابق الموقع الرسمي للمسابقة. وتنقلت الروبوتات بين مدينتي بوسان الكورية وفوكوكا في اليابان، أي مثل مونديال البشر. وكانت تلك المرة الثانية التي ترافق فيها مونديال البشر والروبوت. وكانت المرة الاولى خلال مونديال فرنسا 1998، الذي تزامن مع الدورة الثانية من "روبوكاب". نقلت الانترنت مسابقة كرة الروبوت مباشرة. وتولى موقع خاص أقامته شركة "كاي بي سي" اليابانية أمر هذا البث الشبكي. وهي المرة الاولى في تاريخ كرة قدم الروبوت والبشر معاً. وفي حين لا تلعب منتخبات المونديال سوى نوع واحد من الكرة، فإن مسابقة "روبوكاب" تتضمن خمسة أنواع . وفي "روبوكاب 2002"، أضيفت فئة الروبوت المتطور من النوع المسمى "بشري" Homonoid الى الفئات الاربع التي تتألف منها مسابقة كرة قدم الرجال الآليين. وأقدم هذه الفئات هي المحاكاة Simulation. ويتسابق فيها بشر بواسطة لاعبين افتراضيين مصممين بواسطة الكومبيوتر. وتشبه هذه الفئة الالعاب الالكترونية في كرة القدم، التي تروج بشدة في أوساط الشباب والمراهقين. وفي فئة روبوت البشر، يلعب رجال آليون يزيد طولهم على متر ونصف المتر ويسيرون على قدمين. ويخوضون منافسة "رجل ضد رجل" ويتبارون في تسديد خمس ركلات حرة. ويصل عدد الفرق المشاركة الى 131 فريقاً من 30 بلداً. والحال ان ايران استطاعت ان تفوز في بعض مسابقات "روبوكاب"، فيما لم يشارك اي بلد عربي في اي من مسابقات "روبوكاب". هل يكون حال العرب افضل مع "انفوليمبكس" Infolympics، اي اولمبياد المعلوماتية؟ ردم الفجوة الرقمية وأكد علوش ان الهدف الاول للأولمبياد يتمثل في "تشجيع المواهب الشابة وتجميعها ، ولفت أنظارها إلى أهمية تكنولوجيا المعلومات... اضافة إلى توجيه اهتمامها نحو ما ينفع المجتمع في مجالات التنمية والابتكار... ونأمل ان يكون الاولمبياد بديلاً من الميل الى التركيز على استخدام الحاسوب كوسيلة للترفيه من خلال القاعدة العريضة من برمجيات الألعاب التي تغزو عالمنا العربي". وأشار الى ان اهمية اولمبياد المعلوماتية في تقوية أواصر الصداقة بين الشباب المشاركين، وكذلك بين خبراء الحاسب وتكنولوجيا المعلومات، اضافة الى تشجيع الطلاب في المراحل التعليمية المختلفة على التفكير المنهجي والابتكار. ويقدم الاولمبياد فرصاً لتحضير الكوادر للمشاركة في الأولمبيادين المعلوماتيين العربي والدولي، اللذان يفتحان الباب امام شبيبة سورية لتتنافس مع شبيبة العالم من الدول المختلفة.