تنعكس أزمة شركة النفط العملاقة الروسية"يوكوس"على الوضع الاقتصادي وتهدد اهلية المصارف، ما دفع البنك المركزي الروسي الى التدخل واعلان اجراءات يعتقد ان من شأنها طمأنة المودعين والمستثمرين الدوليين بعدما اظهرت احصاءات كشفها خروج ما يصل الى نحو خمسة بلايين دولار من المصارف الروسية غالبيتها في الشهرين الاخيرين. وبدا ان غالبية الاموال"المهربة"حُولت الى مصارف لندنية حيث يعيش ما يصل الى 23 الف روسي من المتمولين وحاشياتهم. ويبدو ان تسوية ما بدأت تظهر في الافق لحل ازمة"يوكوس". قال محام يمثل قطب رجل الاعمال الروسي ميخائيل خودوركوفسكي امس ان البليونير المسجون مستعد للتخلي عن سيطرته على شركة"يوكوس"لانقاذها من الافلاس الذي يهددها. ولم يتضح ما اذا كانت الحكومة مستعدة لابداء الرحمة في معركتها مع الشركة وأكبر المساهمين فيها والتي امهلتها محكمة حتى منتصف ليل الاربعاء - الخميس لسداد متأخرات ضريبية قدرها 3.4 بليون دولار. وقال مسؤول كبير في وزارة المال الثلاثاء انه قد يتم مد المهلة الممنوحة ل"يوكوس"لسداد مطالبات الضرائب. وتصر الشركة على أنه لا يمكنها سداد المستحقات المطلوبة نظراً لتجميد أصولها. وقال اندريه دريل محامي خودوركوفسكي لرويترز"قال خودوركوفسكي مراراً انه مستعد لاجراء محادثات ومستعد لتحمل أي خسائر مالية... بما فيها الخسائر المتصلة بالاسهم". ويحاكم خودوركوفسكي بتهمة الاحتيال والتهرب الضريبي. ويُعتقد على نطاق واسع ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وراء الامر بهدف وأد الطموحات السياسية لخودوركوفسكي وتوجيه رسالة الى باقي البليونيرات من رجال الاعمال الروس بعدم العمل ضد الكرملين. ونقلت صحيفة"فاينانشال تايمز"عن مصادر مقربة من المحادثات قولها"ان خودوركوفسكي عرض في رسائل الى الحكومة التخلي عن حصته في يوكوس 44 في المئة في محاولة اخيرة لانقاذ الشركة الاكثر ربحية في روسيا. لكن المحامي دريل نفى أن يكون خودوركوفسكي كتب أي رسالة لانه محظور عليه عمل ذلك في السجن. وتستأنف محاكمة خودوركوفسكي الاثنين المقبل، ويتساءل بعض المحللين عما اذا كان تضييق الخناق على"يوكوس"يأتي في اطار لعبة"حافة الهاوية"التي تمارسها الحكومة مع"البليونير الشاب". وفي حالة ادانته يواجه خودوركوفسكي حكماً بالسجن مع الاشغال الشاقة لمدة تصل الى عشر سنوات. تدخل المركزي واعلن البنك المركزي الروسي امس اشتراكه في محاولات لانقاذ"اول مصرف يقع ضحية التعثر"نتيجة ازمة الثقة في الجهاز المصرفي الروسي. وقال رئيس المركزي الروسي سيرجي اينياتييف ان المصرف الحكومي"فنيشتورغبنك"دخل في مفاوضات لشراء"غوتا بنك"المتعثر الذي ابلغ زبائنه اول من امس توقفه عن الدفع. ويعاني"غوتا"من ازمة سيولة. ونفى مصرف روسي آخر"الفا بنك"ان يكون يعاني من ازمة ومدد ساعات عمله ليمنح الزبائن فرصة سحب اي مبلغ من ودائعهم. وقال اينياتييف، في شهادة امام البرلمان، ان المركزي مستعد لخفض نسبة الاحتياط الاجباري للمصارف الروسية لتحرير جزء كبير من الودائع وتفادي اي ازمة جديدة. وشدد اينياتييف على ان الازمة"نفسية"! وكان المركزي الروسي اوقف عمل"سوديسبنك"بتهمة تبييض العملة وما لبث ان تأثر مصرفه الشقيق"كريديت تراست"بالازمة ما عزز الاشاعات التي وردت في"لائحة سوداء"عن تهديدات باغلاق مصارف عدة. وكان"غوتا بنك"تأسس عام 1991 وله 140 فرعاً. من جهة ثانية كشف احصاء اعلنه البنك المركزي ان قيمة رؤوس الاموال الهاربة من روسيا تجاوز خمسة بلايين دولار في النصف الاول من السنة. وربط مسؤولون روس تزايد حجم تهريب الاموال بالملاحقات التي تعرضت لها"يوكوس". ولفت خبراء ماليون الى ان الاحصاءات الرسمية لا تكشف في شكل كامل قيمة رؤوس الاموال التي يحتمل ان تكون وجدت طريقها الى خارج روسيا في هذه الفترة في اشارة الى احتمال ان يكون حجمها اكبر بكثير مما اعلن. وكان خبراء روس حذروا من تداعيات الازمة مع المجموعة النفطية على الاستثمارات في روسيا، واللافت ان نحو ثلثي المبالغ التي اعلن عنها خرجت من روسيا في الشهرين الأخيرين أي بعد الاعلان عن فشل التوصل الى اتفاق بين السلطات الضريبية والمسؤولين في"يوكوس".