تحتم لعبة كرة القدم في كثير من الأحيان الرضا بما تقرره نتائج مبارياتها، ويذهب الكثير من متابعي هذه اللعبة وهي الأكثر انتشاراً في العالم إلى أن متعة هذه "الساحرة" تكمن في "اللوغاريتمات" التي تتميز بها كرة القدم عن باقي نظيراتها من اللعبات. بطولة كأس أمم آسيا التي تستضيفها الصين هذه الأيام وتنتهي في 7 آب أغسطس المقبل تمثل بشكل حقيقي مفهوم كرة القدم التي "لا تبقى على شأن ولا يدوم لها حال". فالمنتخب السعودي الذي ظل قاسماً مشتركاً في العشرين عاماً الماضية في تاريخ البطولة الآسيوية قد لا يجد نفسه في الدور الثاني، وهو مرشح لتوديع البطولة من الدور الأول مع انه فاز بلقبها ثلاث مرات في أعوام 1984 و1988 و1996 وحل وصيفاً في بطولتي 1992 و2000. شاءت الأقدار أن تضع المنتخب السعودي في مواجهة صعبة أمام المنتخب العراقي، وما يدعو الى الأسف أن فوز أحدهما يعني مغادرة الآخر. المنتخب السعودي لا زال رقماً صعباً على خارطة الكرة الآسيوية، فهو بطل سابق وممثل آسيا في كأس العالم ثلاث مرات متتالية منذ العام 1994، والعراق بدوره أحد المنتخبات التي كسبت احترام الجميع في البطولة بعروضه الممتازة. هنا تكمن صعوبة المعادلة. يفكر السعوديون والعراقيون معاً بما سيفعله الجاران أوزبكستان وتركمانستان في المباراة التي يخوضانها بالتزامن مع مباراة المنتخبين السعودي والعراقي. يتساءل المتابعون للبطولة بهمس هل ستعطي أوزبكستان النتيجة لتركمانستان؟ وهذا يعني خروج السعوديين والعراقيين من المولد بلا حمص. الأمين العام للاتحاد الآسيوي بيتر فيلابان علم بهذا الهمس الذي وصل إلى العلن فأكد: "سنرسل مراقبين فنيين لمتابعة هذه المباراة تحديداً، ولن نرضى بأي تلاعب قد ينتج عنها، نزاهة اللعبة هو هدفنا الأول". مشجعو المنتخب السعودي في الصين يرسلون تطمينات إلى جماهيرهم بشأن استعدادات فريقهم الذي بات في كامل جهوزيته لخوض المباراة. لكن الإعلام الرياضي السعودي لا يثق بقدرات المدرب الهولندي للفريق جيرارد فاندرليم ويحملونه مسؤولية التعادل الأول أمام تركمانستان والخسارة في مباراة أوزبكستان ويؤكد كثيرون أن فاندرليم سيفقد منصبه في حال فشل المنتخب في التأهل إلى الدور الثاني على رغم أنه لا يجد مبرراً لإقصائه: "نجحت طوال 23 مباراة وخسارة واحدة لا تعني أنني لم أعمل بشكل جيد". ويبدو أن السعوديين ليسوا الوحيدين بين العرب الذين يواجهون صعوبات في الترشح إلى الدور الثاني. فالكويتيون يواجهون أزمة حقيقية بعد خسارتهم أمام الأردن ويحتاجون لتخطي عقبة منتخب كوريا الجنوبية في آخر مبارياتهم التمهيدية. الإماراتيون ودعوا البطولة بعد خسارتين أمام الكويت وكوريا وبقيت لهم مباراة أمام الأردن يتمنى العرب هنا أن تؤول مصلحتها لأبناء الجوهري، خصوصاً بعدما نجح المنتخب الأردني في توجيه الأضواء نحوه بعروضه الممتازة ما دعا النقاد إلى تسميته ب"يونان آسيا". ويأمل العرب بأن يوفق المنتخب العماني الذي قدم عروضاً ممتازة خسر بصعوبة أمام أحد المرشحين للفوز بالكأس وحامل اللقب المنتخب الياباني، وخسارته بالتعادل أمام إيران في مباراة لن ينساها العمانيون بسبب الأداء الممتاز الذي قدموه وإهدارهم الفرص التي لو تحققت لكانوا حققوا نتيجة تاريخية، ولكن كما قلنا، إنها كرة القدم... عالم مليء بالمفاجآت، تدخل السرور إلى فريق وتنتزعه من الآخر، وتستمر في الإثارة والتمتيع، وتمتزج في عالمها دموع الفرح والاحباط.